اهتم كثير من المؤرخين والباحثين العالميين بـ مدينة القاهرة ومن هؤلاء كان "إدوارد وليم لين" الذى عاش بين عامى "1801 – 1876" صاحب كتاب "القاهرة منتصف القرن التاسع عشر" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية ترجمة أحمد سالم سالم.
يقول الكتاب: أرسل الخليفة الفاطمى المعز وكانت عاصمته القيروان سنة 358 هجرية 969 ميلادية جيوشا تحت إمرة قائده جوهر الصقلى (ذو الأصل اليونانى الذى كان مملوكا لأبيه المنصور) للاستيلاء على مصر وبعبوره النيل من الجيزة دخل جوهر الفسطاط فى 17 شعبان، وكان سببا فى مبايعة المعز سيدا على مصر من جامع عمرو، ونزل جوهر ذلك اليوم بجوار الفسطاط حيث قام بوضع أسس مدينة القاهرة.
وكان الموقع المختار للمدينة الجديدة على بعد نحو ميل من ضفة النيل وأصبحت "المقس" ميناؤها، وفى وقت لاحق امتدت ضواحى المدينة حتى بلغت شاطئ النهر، واتصلت بمحيط "المقس" تقريبا وكان موقع القاهرة المنطقة الرملية الواقعة على الطريق من الفسطاط إلى عين شمس (هليوبوليس) حيث لا توجد أية مبانى أو منطقة مزروعة باستثناء بستان كان يعرف بـ البستان الكافورى، ودير للنصارى عرف بدير العضام ومبنى آخر عرف بقصر الشوك.
وشرع جوهر بعد تعيين الموقع فى إرساء دعائم الأسوار التى ستبنى بداخلها المدينة وكانت لا تشتمل إلا على مساحة صغيرة لا تتجاوز الميل المربع، ولأن العرب كانوا يؤمنون بعلم التنجيم إيمانا راسخا، تشاور جوهر مع خبراء فى هذا العلم، وطلب منهم مراقبة النجوم ليقرروا أفضل الأوقات للشروع فى وضع أساسات أسوار المدينة وبعد أن أجرى المنجمون حساباتهم نصحوا بوضع الأساس فى الليلة التالية وهى الليلة الأولى التى أعقبت وصول جوهر، سار جوهر من الجيزة بعد زوال الشمس من يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شعبان سن 358 هجرية وتم حفر الخنادق لوضع أساس الأسوار ثم جعل بدائر السور المقترح قوائم خشب بين كل قائمتين فيه أجراس، فإذا تحركت الأجراس يرمى العمال الطين والحجارة من أيديهم فيبدأوا البناء فى الوقت الصالح الذى حدده المنجمون، واتفق أن غرابا وقع على حبل من تلك الحبال التى فيها الأجراس فتحركت كلها فظن العمال أن المنجمين قد حركوها فألقوا ما بأيديهم من الطين والحجارة وبنوا، وعليه تكون المدينة قد أسست فى طالع سيء، فصاح المنجمون "القاهر فى الطالع" وتنبأوا أن المدينة ستسقط فى يد الأتراك، وسميت بالقاهرة لأنها كانت قد أسست فى هذا الوقت تقريبا، مع أن أول اسم قد أطلق عليها كان المنصورية، واستمرت عليه لحين وصول المعز الذى سماها القاهرة ويعنى المنتصرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة