إذا أتتك الموجة، لا تهرب منها أو تتجاهلها، ولا تقف أمامها بلا مُبالاة، بل غوص في أعماقها، فمواجهتها تبدأ من الارتماء في أحضانها، فهنا ستكتشفها وتكتشف نفسك وقُدراتك معها.
بمعنى أنه إذا جاءتك مُشكلة، فلا تهرب منها، فهي لن تتركك مهما هربت، وكذلك لا تتفاعل معها من عالٍ؛ لأنك وقتها ستصطدم بها، والصدام لا يُمكن أن يحل أزمة أو مشكلة.
وعلينا أن نُفرق بين المُواجهة والصدام، فالأخير هو التعامل بغرور مع المشاكل، ومُحاولة التحدي لكل شيء، بدافع الكبرياء والقُوة، أما المُواجهة فهي الغوص في الأعماق، ووضع كل شيء في نصابه الصحيح، والاعتراف بقُدراتنا أمام حجم المُشكلة، بحيث أننا نُعطيها قدْرها، وفي ذات الوقت نُحدد قُدرتنا على حلها.
فكونك تُقرر أنك أكبر وأقوى من أي مشكلة، فهذا في حد ذاته مشكلة؛ لأنك وقتها ستجعل كل شيء صغيرًا في عينيك، ولن تضعه في حجمه الحقيقي، فلا تصطدموا بالأزمات والمشاكل، فهذا لن يحلها، بل سيزيدها ويُعقدها، وحاولوا أن تُواجهوها بأن تدرسوا عناصرها، وتُرتبوا أفكاركم، وتُعطوا كل شيء قدْره وحجمه الحقيقي.
فالتعامل مع الأشياء بحقيقتها، يجعلها أكثر يسرًا؛ لأنك حينها سترى كل شيء بأبعاده الحقيقية، بلا تزيد أو انتقاص، أما الاستهتار بالشيء، أو منحه حجم أكبر من حجمه، يجعل كل شيء مُزيف، فلا ترتدي نظارة مُكبرة أو مُصغرة، أثناء دراستك أو حكمك على أي شيء.
فانظر بالعين المُجردة، فهي فقط التي ترى كل شيء بحجمه الطبيعي والحقيقي بدون أي رتوش أو تزيّد أو تصغير، فهنا ستغوص في الحقيقة، وستتوصل إلى الحُلول بشكل منطقي وحقيقي.
فالمُواجهة تعني معرفة الحقيقة كما هي، ومعرفة أنفسنا على حقيقتها، ثم تحديد المشكلة ومدى قُدرتنا على حلها، دون أن نغتر في أنفسنا، أو نُكبر من حجم المُشكلة على حساب قُدراتنا، فانظر للأمور بالعين المجردة، وهنا سترى كل شيء على حقيقته.