تمر الذكرى الـ861 على ميلاد المؤرخ ابن الأثير الجزرى، من أبرز المؤرخين المسلمين، عاصر دولة صلاح الدين الأيوبى، ورصد أحداثها ويعد كتابه الكامل فى التاريخ مرجعًا لتلك الفترة من التاريخ الإسلامى، إذ ولد فى 12 مايو عام 1160م.
وتوافرت لابن الأثير المادة التاريخية التى استعان بها فى مصنفاته، بفضل صلته الوثيقة بحكام الموصل، وأسفاره العديدة فى طلب العلم، وقيامه ببعض المهام السياسية الرسمية من قبل صاحب الموصل، ومصاحبته صلاح الدين فى غزواته، (وهو ما يسر له وصف المعارك كما شاهدها)، ومدارسته الكتب وإفادته منها، ودأبه على القراءة والتحصيل، ثم عكف على تلك المادة الهائلة التى تجمعت لديه يصيغها ويهذبها ويرتب أحداثها حتى انتظمت فى أربعة مؤلفات، فجعلت منه أبرز المؤرخين المسلمين بعد الطبرى وهذه المؤلفات هي:
الكامل فى التاريخ
وهو تاريخ عام فى 12 مجلدًا، منذ الخليقة وابتداء أول الزمان حتى عصره، حيث انتهى عند آخر سنة 628 هـ أى أنه يعالج تاريخ العالم القديم حتى ظهور الإسلام، وتاريخ العالم الإسلامى منذ ظهور الإسلام حتى عصره، والتزم فى كتابه بالمنهج الحولى فى تسجيل الأحداث، فهو يسجل أحداث كل سنة على حدة، وأقام توازنًا بين أخبار المشرق والمغرب وما بينهما على مدى سبعة قرون وربع قرن، وهو ما أعطى كتابه طابع التاريخ العام أكثر من أى تاريخ عام لغيره، وفى الوقت نفسه لم يهمل الحوادث المحلية فى كل إقليم، وأخبار الظواهر الجوية والأرضية من غلاء ورخص، وقحط وأوبئة وزلازل.
أسد الغابة
موضوع هذا الكتاب هو الترجمة لصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين حملوا مشعل الدعوة، وساحوا فى البلاد، وفتحوا بسلوكهم الدول والممالك قبل أن يفتحوها بالطعن والضرب، ورجع ابن الأثير فى هذا الكتاب إلى مؤلفات كثيرة، اعتمد منها أربعة كانت عمدًا بالنسبة له، هى: "معرفة الصحابة" لأبى نعيم، و"الاستيعاب فى معرفة الأصحاب" لابن عبد البر، و"معرفة الأصحاب" لابن منده، و"الذيل على معرفة الأصحاب" لابن منده، وقد اشتمل الكتاب على ترجمة 7554 صحابيا وصحابية تقريبا، يتصدره توطئه لتحديد مفهوم الصحابى.
التاريخ الباهر فى الدولة الأتابكية
يتناول الكتاب وجهة نظر ابن الأثير بخصوص الفرنج الذين ورد ذكرهم فى كتابه "التاريخ الباهر فى الدولة الاتابكية"، فكما هو معروف فإن هذا الكتاب يزخر بمادة تاريخية خاصة بحكم الدولة الاتابكية فى الموصل، والتى شهدت فترة حكمهم البدء بتحرير العديد من المناطق التى كانت تحت سيطرة الفرنج، وخاصة فى فترة حكم كل من عماد الدين زنكى (521-541ه / 1127-1146م)، وولده نور الدين محمود (541-569ه/ 1146-1173م)، لذا فأن هذا البحث محاولة لمعرفة وجهة نظر ابن الاثير تجاه الفرنج من حيث تسمياتهم المختلفة، قادتهم، صفاتهم الايجابية والسلبية، علاقتهم بالمسلمين، خاصة فى الأراضى التى كانت تحت سيطرتهم.
اللبان فى تهذيب الأنساب
كتاب الأنساب للسمعانى كتاب فى غاية الملاحة ونهاية الجودة والفصاحة اشتمل على مجمل الأنساب سواء كانت من القبائل والبطون أو الآباء والأجداد والمذاهب كالشافعى والحنفي، والأمكنة والصناعات والصفات والألقاب، لكنه جاء مطولا ومفصلا فقام ابن الأثير الجزرى باختصاره.