تعرضت الأرض خلال الساعات الماضية لأقوى عاصفة شمسية جيومغناطيسية حتى الآن وذلك منذ بداية دورة النشاط الشمسى الخامسة والعشرون والتى بدأت فى نهاية عام 2019، وذلك وفق ما أعلنه المعهد القومى للبحوث الفلكية وعدد من المراصد الفلكية العالمية.
المعهد القومى للبحوث الفلكية برئاسة الدكتور جاد القاضى، كشف أن هذه العاصفة بدأت بقوة من الفئة (G1) وعند ذروتها بلغت قوتها (G3) هذه العاصفة ضربت الغلاف الجوى الأرضى مع صباح اليوم الباكر ووصلت إلى ذروتها الخميس بعد العصر بتوقيت مصر، حيث كانت مصر قد ابتعدت عن نطاق التأثير المباشر للرياح الشمسية، وكان التأثير الأكبر على أمريكا الشمالية نظرا لوقوعها تحت الرياح الشمسية المباشرة فى وقت الظهر المحلى ولولا شروق الشمس على أوروبا وأمريكا فى توقيت ذروة العاصفة لتمكن سكان أوروبا الوسطى وأمريكا من مشاهدة الشفق القطبى، وتم تصوير الشفق القطبى من ألبرتا بكندا.
وأضاف الدكتور أسامة رحومة، رئيس معمل أبحاث الشمس بالمعهد، بأنه كانت البداية مع بدء نشاط البقعة الشمسية رقم (AR2822) فى 9 مايو 2021م، حيث كانت فى مواجهة الأرض وكان يتوقع إنتاجها لانفجارات شمسية، وبالفعل فى 10 مايو تحررت المقذوفات الكتلية والتى تسمى (coronal mass ejection (CME)) من الشمس فى اتجاه الأرض وتوقعت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى الأمريكية (NOAA) وصولها إلى الأرض فى 12 أو 13 مايو، وفى 11 مايو أكدت أرصاد الطقس الفضائى هذه التوقعات، وفى صباح 12 مايو تم تسجيل وصولها إلى الأرض من خلال صور الشفق القطبى فى كندا.
وطبقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى الأمريكية (NOAA) فإن العواصف الشمسية الجيومغناطيسية يتم تصنيفها بالرمز (Gx) حيث يمثل حرف (x) بأرقام من 1 إلى 5 حيث يشير رقم 1 إلى العاصفة الأضعف والتى قد تحدث بعض التغيرات الضعيفة جدا فى شبكات الكهربائية وأنظمة الاتصالات وقد يصل تأثيرها إلى مناطق فوق خط عرض 45 درجة، بينما الرقم 5 يشير إلى عاصفة شديدة القوة والتى قد تتسبب فى حدوث انهيار لأنظمة الاتصالات والأقمار الصناعية وأنظمة الملاحة الفضائية وشبكات نقل الطاقة الكهربائية، وقد تصل أضرارها إلى خط عرض فوق 40 درجة، كما وضح الدكتور طه رابح رئيس قسم المغناطيسية الأرضية بالمعهد.
وأكد الدكتور جاد القاضى رئيس معهد الفلك، أن المعهد يمتلك مرصد شمسى فى المقر الرئيسى للمعهد بحلوان ومهمته رصد البقع والانفجارات الشمسية، ومرصد مغناطيسى فى الفيوم يعمل منذ عام 1961 ومرصد أخر فى منطقة أبوسمبل منذ عام 2008 وكلاهما يسجلان المجال المغناطيسى للأرض على مدار الساعة.
ومن جانبه، قال الدكتور ياسر عبد الهادى أستاذ الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، أن العواصف الشمسية عبارة عن انفجارات فى سطح الشمس وتفاعلات جسيمات مشحونة فى باطن الشمس، موضحا أن الشمس نجم به أجسام غازية يشهد تفاعلات رهيبة داخله ينتج عنها كميات طاقة رهيبة ذات حرارة عالية جدا.
وأضاف أستاذ الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن العواصف الشمسية تنطلق فى الفضاء لتؤثر على الكواكب وتصل للأرض فى صور شفق قطبى، لافتا إلى أن وجود غلاف أيونى وطبقة أيونية بالأرض يعمل على تحريف جسيمات العواصف الشمسية ولا تظهر إلا فى صورة شفق قطبى.
وأشار أستاذ الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، إلى أن العواصف الشمسية إذا كانت بدرجة كبيرة قد يكون لها تأثير على الاتصالات السلكية والاتصالات اللاسلكية والمجال المغناطيسى للأرض ولا تشكل أى خطورة كبيرة على الحياة على الكرة الأرضية.
وكشفت الجمعية الفلكية بجدة فى تقرير لها، أن القياسات تشير بأن البقعة النشطة AR2822 فى النصف الشمالى من قرص الشمس قادرة على انتاج توهجات متوسطة القوة فى أى لحظة، موضحة أنه تم رصد مؤخرا انفجار شعيرة مغناطيسية فى النصف الجنوبى للشمس قذف بانبعاث كتلى اكليلى - سحابة من الغاز المتاين - نحو الفضاء، وعلى ما يبدو أنه باتجاه الأرض.
وأشار التقرير إلى أن الكرة الأرضية دخلت مؤخرا فى سيل من الرياح_الشمسية تدفقت بسرعة تزيد عن 500 كيلومتر بالثانية من ثقب إكليلى فى الغلاف الجوى للشمس وأدت لحدوث عواصف جيومغناطيسية صغيرة من الدرجة G1 وظهور أضواء الشفق القطبى عند خطوط العرض العليا.
وقال التقرير أن الرياح الشمسية عبارة عن جسيمات مشحونة نشطة - بلازما - تحتوى فى الغالب على الكترونات وبروتونات، والثقب الإكليلى عبارة عن فجوة مؤقتة تحدث فى الغلاف الجوى للشمس تتشكل عندما تفتح خطوط المجال المغناطيسى إلى الأعلى ما يسمح للرياح الشمسية بالهروب نحو الفضاء.