للعام الثانى على التوالى يمر عيد الفطر المبارك فى ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وفى ظل تحورات جديدة من الفيروس يشهدها العالم، لكن هل هذه هى المرة الأولى الذى يستقبل فيه المسلمون العيد وقت الوباء؟ وكيف تعامل المصريين مع الأوبئة ومن بينها الطاعون أحد أعظم الأوبئة وأكثرها فتكا بالعباد؟ وهل توقفت حينها العبادات وأغلقت الجوامع؟ كلها أسئلة لها إجابات واضحة فى كتب التراث والتاريخ الإسلامى.
وتاريخيا مر على المسلمين عدة أوبئة خلال الأعياد "الفطر، الأضحى" وفى شهر شوال بصفة عامة، حيث ذكر المؤرخون أن «الطواعين المشهورة ، طاعون العظام كان طاعون جارف فى زمن ابن الزبير فى شوال سنة تسع وستين مات فيه لأنس بن مالك - رضى الله عنه - ثلاثة وثمانون ابناً، ويقال: ثلاثة وسبعون ابناً، ومات لعبد الرحمن بن أبى بكرة أربعون ابناً، ثم طاعون الفتيات فى شوال سنة سبع وثمانين، ثم كان طاعون فى سنة إحدى وثلاثين ومئة فى رجب واشتد فى شهر رمضان فكان يحصى فى سكة المريد فى كل يوم ألف جنازة أياماً ثم خف فى شوال، وكان بالكوفة طاعون وهو الذى مات فيه المغيرة بن شعبة سنة خمسين".
بحسب كتاب "كتاب حوادث دمشق اليومية" للمؤرخ البديرى الحلاق، ثم دخل شهر رمضان المبارك نهار الخميس، وصار العيد يوم الجمعة، فصار عيداً للأموات والأحياء، لكنه للأموات أكثر، فقبل عيد الفطر بيومين وبعده بيومين يخرج من كل باب من أبواب دمشق ممن مات مطعونا فى كل يوم نحواً من ألف جنازة والعياذ بالله، وقد طال الأمر وكثر القهر وزال السرور، وزادت البغضاء والشرور، ولم يدر الإنسان أين يدور، من شدة البكاء والنفور، ولله عاقبة الأمور.
وفى كتابه "الموت فى مصر والشام: النكبات الديموجرافية فى العهد المملوكى، الجزء الأول، أكد الباحث بلقاسم المملوكى، أنه فى عام 873 هـ/ 1473م، كان الطاعون فى ذروة نشاطه، وأقبل عيد الأضحى، فكان أشبه بالمأتم لما طرق الخلق من الحزن والكآبة.
ويذكر بن إياس فى كتابه " بدائع الزهور فى وقائع الدهور - الجزء الثالث": "وفى شوال تزايد أمر الطاعون بالقاهرة فى عصر دولة الأشرف قايتباى، وفتك فى المليك والأطفال والعبيد والجوار والغرباء فتكا ذريعا، وكان طاعونا مهابا يموت منه، وفى ذى القعدة تناهى أمر زيادة الطاعون ومات فيه الأعيان جماعة كثيرة، وفى ذى الحجة فحش الطاعون جدا، ومات من مماليك السلطان نحو ألفين وزيادة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة