سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. مايو 1858.. الأمير أحمد بن إبراهيم باشا ولى عهد سعيد باشا يغرق فى النيل عند كفر الزيات بسبب بقشيش العيد

السبت، 15 مايو 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. مايو 1858.. الأمير أحمد بن إبراهيم باشا ولى عهد سعيد باشا يغرق فى النيل عند كفر الزيات بسبب بقشيش العيد سعيد باشا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يتمالك نوبار باشا نفسه حين قرأ التلغراف وعرف الخبر.. علق: «إنها كارثة عظيمة، لقد ضاعت مصر».. كان «نوبار» رجل عائلة محمد على، مستشارها، وزيرها منذ الباشا الكبير وابنه إبراهيم، ثم عباس باشا ومن بعده سعيد، لكنه لم يحب إسماعيل، وتشاءم من حكمه، وعبر عن ذلك حين قرأ التلغراف بعبارته: «إنها كارثة عظيمة، لقد ضاعت مصر»، حسبما يكشف فى مذكراته، فلماذا ومتى قال هذه العبارة؟
 
حصل «إبراهيم باشا» على فرمان بحكم مصر فى نهايات حياة والده محمد على، كان ذلك ضمن تنظيم توريث الحكم فى العائلة، والذى قضى طبقا لفرمان 1841 بأن يؤل الحكم إلى أكبر الذكور الأحياء من نسل الوالى من الأولاد والأحفاد، وبمقتضى ذلك كان المنصب فى حالة وفاة إبراهيم يئول إلى عباس بن طوسون ثانى أبناء محمد على، يليه مباشرة من الذكور اثنان هما، محمد سعيد باشا بن محمد على، وأحمد أكبر أبناء إبراهيم باشا الذى كان أصغر من عمه سعيد بعام تقريبا، وفقا لما يذكره الدكتور «زين العابدين شمس الدين نجم» فى كتابه «مصر فى عهدى عباس وسعيد».
 
كان الحكم بعد سعيد سيؤول مباشرة إلى أحمد بن إبراهيم، لكن لم يحدث ذلك وذهب إلى شقيقه إسماعيل، بسبب مأساة وقعت ظهر يوم 15مايو، مثل هذا اليوم، 1858»، وكان يوم وقفة عيد الفطر.. يذكر نوبار، أنه فى هذا اليوم «وقفة العيد» توافد الأمراء والموظفون على الإسكندرية لتهنئة الوالى سعيد بحلول العيد، وبعد انتهاء المراسم كان يجب أن يستقلوا القطار للعودة إلى القاهرة، ويشرح نوبار «شغل رئيس السكة الحديد من 9 مارس 1857» طبيعة حركة القطارات من القاهرة إلى الإسكندرية والعكس، قائلا: «عبارة عن قطارين يقومان بالرحلة يوميا من القاهرة إلى الإسكندرية والعكس، ويصلان عادة متأخرين أربع ساعات، وإلى جانبهما يسير بشكل منتظم كم هائل من القطارات الخاصة من أجل طرود وبضائع الهند، ومن أجل مسافرى الترانزيت، ونقل مستلزمات بناء كبرى كفر الزيات، ومستلزمات خط سكك حديد السويس، هذا إلى جانب القطارات الخاصة التى تنقل كل أسبوع الوالى وجيشه ومدفعيته وفرسانه ومشاته والهجانة من مكان إلى آخر، وأدى عدم اكتمال كوبرى كفر الزيات إلى إجبار القطار على عبور النيل فوق عبارة بخارية».
 
بعد انتهاء مراسم تهنئة الوالى بحلول العيد، بدأت عملية العودة من الإسكندرية إلى القاهرة، وطلب الأمير أحمد «ولى العهد» من نوبار أن يوفر له هو وشقيقه الأمير «حليم» مشقة النزول من عربة القطار فى كفر الزيات أثناء عبورها النيل فوق عبارة بخارية، وأن تنقل العربة التى يستقلانها إلى العبارة، وهما على متنها، أما شقيقهما الأمير إسماعيل فشعر ببعض التعب فقرر بناء على نصيحة الأطباء البقاء فى الإسكندرية.
 
يشرح نوبار، إلى أن المسافة بين الرصيف الذى يقف عليه القطار وبين العبارة التى من المفروض أن تنقل المسافرين إلى البر الثانى كبيرة إلى حد ما، وفى نفس الوقت كان الأمراء يريدون تجنب الزحام، ويؤكد نوبار: «لم يكن هناك أى شىء يدفعنى إلى أن أتوقع أى خطورة من هذا الأمر، وما طمأننى أكثر أن مديرى الأشغال والمسؤول عن الكوبرى، ووكيلى سعيد باشا كانا على متن القطار».
 
رغم كل هذه التطمينات إلا أن الكارثة وقعت، ففى كفر الزيات وقعت ثلاث عربات فى الماء، كان فيها ولى العهد الأمير أحمد وخورشيد باشا وشخص ثالث معهما، بينما قفز الأمير حليم من باب العربة أثناء سقوطها وخرج سليما، وعلى الفور تلقى نوبار باشا «تلغرافا عن الحادث، فقال عبارته: «إنها كارثة عظيمة، لقد ضاعت مصر».
 
تم إخطار «الوالى سعيد» بالكارثة، وتوجه نوبار إلى موقعها وبدأ التحقيق بقيادة «روس» كبير المهندسين، وكشف التحقيق عن أنه فى ساعة وصول القطار إلى محطة كفر الزيات، كانت الرياح شديدة إلى درجة أن الأمراء كانوا يشجعون العمال من داخل عربتهم على دفع العربة، وأعطاهم الأمراء البقشيش بمناسبة العيد، فجذبهم بريقه وتزايد عددهم، وأدى تهافت الجميع على دفع العربة إلى زيادة سرعتها بشكل كبير، ومع هبوب الرياح اندفعت خارج أسوارالعبارة ووقعت فى النيل، ويؤكد نوبار أن «سعيد باشا» لم يشك فى أنها محاولة اغتيال مع أن الشك كان من طبعه، ويصل نوبار إلى رأيه الخاص فى النتائج التى ترتبت عليها هذه الحادثة، قائلا: «الأمير أحمد كان بالفعل حكيما متحفظا، مقتصدا، ولديه كثير من صفات والده، لو نجا لما كانت مصر من نصيب إسماعيل الذى أعماه القدر، لأن ضياعه وضياع مصر كان أمرا مكتوبا على يديه». 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة