تسعى السلطات الأمنية فى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا لمواجهة التهديدات الأمنية التى تستهدفهما، وفى حين واجهت واشنطن مشكلات تتعلق بالتأثير الأجنبى على الانتخابات وزيادة التهديدات الإلكترونية، تعكف لندن على درء خطر الهجمات الإرهابية، ويبدو أن كلاهما ذهبا إلى نفس الفكرة لمواجهة التهديدات، وهى مراكز الأمن.
وكشفت كل من صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، و"تليجراف" البريطانية أن كلا الدولتين تعملان على إنشاء مراكز تمثل "مصبا" للمعلومات من كافة الوكالات والهيئات الأمنية فى البلاد وتشمل عناصر من الشرطة والمخابرات والقضاء.
وقالت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية فى نهاية شهر إبريل الماضى أن أكبر وكالة تجسس فى الولايات المتحدة بدأت العمل على إنشاء مركز لمكافحة التدخل الأجنبى العدائى فى الشئون الأمريكية، بعد تقييمات متعددة بأن روسيا ودول أخرى سعت للتأثير على الانتخابات الرئاسية، وزرع الفوضى بين الشعب الأمريكى.
قال متحدث باسم الوكالة فى بيان للصحيفة، إن مكتب مدير المخابرات الوطنية سيؤسس مركز مواجهة التأثير الأجنبى الخبيث "فى ضوء التهديدات المتطورة ودعمًا للسياسة ومتطلبات الكونجرس".
وأوضحت الصحيفة أن المركز سيكون مصبا للمعلومات الاستخبارية المتعلقة بالتأثير الخبيث من وكالات حكومية متعددة ويقدم تقييمات وتحذيرات من مثل هذه الأنشطة.
وقالت الصحيفة، إن إنشائها يأتى بعد تحذيرات متكررة من قبل المسئولين الأمريكيين والمشرعين فى الكونجرس من أن الجهود الأجنبية للتأثير على الولايات المتحدة من المرجح أن تستمر في السنوات القادمة.
فى شهر مارس، أصدر المجتمع السرى تقريرًا رفعت عنه السرية يمثل التقييم الاستخباراتى الأكثر شمولاً للتدخل الأجنبى فى انتخابات 2020. ووجد التقرير أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أذن ببذل جهود للإضرار بترشيح جو بايدن وشن عمليات للتأثير على الأشخاص المقربين من الرئيس دونالد ترامب.
وقال التقرير إن دولا أخرى، من بينها إيران، سعت أيضا إلى التأثير على الانتخابات، وفكرت الصين فى إطلاق مساعيها الخاصة لكنها لم تمضِ فى تنفيذها.
وأوضحت "بوليتيكو" أن هذا التقييم كان الأحدث فى سلسلة من النتائج التى يعود تاريخها إلى يناير2017، عندما خلصت وكالات الاستخبارات إلى أن الحكومة الروسية تدخلت فى الانتخابات الرئاسية لعام 2016 بهدف وضع ترامب فى المكتب البيضاوى - وهى نتيجة أكدتها لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ لاحقًا خلال تحقيقها فى تأثير موسكو.
وخلصت لجنة المخابرات بمجلس النواب التى يسيطر عليها الجمهوريون إلى أن الكرملين حاول التأثير فى الانتخابات، لكنه أثار تساؤلات حول تفضيل بوتين لترامب.
وأضافت الصحيفة أنه تم توجيه مكتب مدير المخابرات الوطنية لإنشاء المركز الجديد فى مشروع قانون تفويض المخابرات الأخير. تطلب هذا التشريع أن يكون المركز "شاملاً للمحللين من جميع" عناصر الاستخبارات وأن يكون بمثابة "وحدة تكامل لجميع المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالتأثير الأجنبى الخبيث للحكومة الفيدرالية وتقديم التقييمات المناسبة لصانعى السياسات".
وأمر التشريع بأن يغطى المركز أنشطة التأثير الخبيثة لروسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين.
أما فيما يتعلق بالمركز الأمنى الذى تعمل بريطانيا على تأسيسه، فقالت صحيفة "تليجراف" البريطانية فى منتصف شهر مارس الماضى أن حكومة بوريس جونسون تضع الخطوط العريضة لأولويات المملكة المتحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، حيث تسعى لندن لأن تصبح "بريطانيا العالمية" فى مجالات متعددة وعلى رأسها الأمن والفضاء والبيولوجية الهندسية، ويبدو أن سياستها ستشهد ميلا نحو آسيا لتحقيق هذا الغرض.
وكشفت صحيفة "ديلى تليجراف" أن ضباط الشرطة البريطانية ووكلاء المخابرات والخبراء القانونيين يعملون معًا فى مركز عمليات مكافحة الإرهاب الجديد، فى محاولة لإحباط الهجمات الإرهابية بشكل أفضل.
وقالت بريطانيا إنها ستقيم مقرا جديدا للأمن الداخلى فى إطار خطط لتحسين تصديها "للتهديد الرئيسي" الذى يشكله الإرهاب، ورجحت وقوع هجوم كيماوى أو بيولوجى أو نووى بحلول نهاية العقد.
وذكرت الحكومة فى مراجعة شاملة تحدد أولويات البلاد السياسية فى فترة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى "سيبقى الإرهاب مصدر تهديد كبير خلال العقد القادم مع وجود مجموعة أكثر تنوعا من الأسباب المادية والسياسية ومصادر جديدة لنشر التطرف ومع تطوير عمليات التخطيط"، ووعدت باتباع "نهج قوى شامل للمواجهة".
المركز الجديد
وأوضحت الصحيفة أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل الوحدة الجديدة، التى يطلق عليها بالفعل اسم "CTOC" فى دوائر إنفاذ القانون، حيث كشف رئيس الوزراء بوريس جونسون عن رؤيته الخاصة بالسياسة الخارجية لمدة 10 سنوات.
وقالت إن المركز يعد محاولة لتجنب نقاط الضعف فى عمليات مكافحة الإرهاب التى تم الكشف عنها فى عام 2017، عندما تعرضت بريطانيا لخمسة حوادث إرهابية فى عام واحد.
من المتوقع أن يتم إعارة ضباط مكافحة الإرهاب والوكلاء من المخابرات الداخلية والخارجية والخبراء القضائيين إلى لجنة مكافحة الإرهاب، مما يؤدى إلى تحسين العمل عبر الوكالات.
سيخطط المركز لكيفية تجنب الهجمات الإرهابية المحتملة فى المستقبل ويعمل كمركز عملياتى فى حالة وقوع مثل هذا الحادث. وسوف يكون مقره فى موقع لم يكشف عنه حتى الآن فى لندن وسيبدأ العمل به فى وقت لاحق من هذا العام، مع زيادة طاقته تدريجياً إلى طاقته الكاملة.
وقال متحدث باسم الحكومة إن لجنة مكافحة الإرهاب "ستحسن بشكل كبير قدرتنا على إحباط الإرهابيين، بينما تتعامل أيضًا مع أعمال الدول المعادية".
وقال متحدث باسم شرطة مكافحة الإرهاب إن المركز سوف "يحول" قدرة أجهزة إنفاذ القانون على "الحفاظ على البلاد فى مأمن من الإرهاب والتهديدات الأوسع نطاقًا".
وقالت الصحيفة إن الوحدة تشكل جزءًا من المراجعة المتكاملة، للحكومة، وفقا لما جاء فى وثيقة مكونة من حوالى 100 صفحة.
ووفقا للوثيقة أن المركز يعد تتويجا لأشهر من العمل ومحاولة لتجسيد ما تعنيه رؤية جونسون بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والمتمثلة فى "بريطانيا العالمية" فى الممارسة العملية للأمن والدبلوماسية والعلاقات الخارجية.
ويظهر جزء آخر من الوثيقة أن المملكة المتحدة ستنفق ما لا يقل عن 6.6 مليار جنيه إسترلينى على مدى السنوات الأربع المقبلة على البحث والتطوير، بما فى ذلك على الإنترنت والفضاء و"البيولوجيا الهندسية".
كما أن هناك أيضًا تأكيد على أن بريطانيا تخطط لإطلاق أقمار صناعية تجارية إلى الفضاء من اسكتلندا فى عام 2022 كجزء من برنامج وكالة الفضاء البريطانية.
وقالت الحكومة إن بريطانيا واجهت تهديدا كبيرا لمواطنيها ومصالحها من الإرهابيين أساسا وأيضا من اليمين المتطرف والفوضويين.
وقالت إن هناك تهديدا أيضا من المعارضين فى أيرلندا الشمالية الذين يريدون زعزعة استقرار اتفاق السلام فى الإقليم البريطانى والذى تم توقيعه فى عام 1998 ، وفى مارس، قالت الشرطة إنها أحبطت ثلاثة هجمات منذ بدء جائحة كورونا فى مارس من العام الماضى و28 مؤامرة منذ مارس 2017.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة