مصر دولة وشعبًا لم تتقاعس يومًا عن تقديم الدعم والاضطلاع بمسئولياتها تجاه قضايا أمتها بصفة عامة وقضية فلسطين بصفة خاصة، واستمرارا لهذا الدور الريادى قررت السلطات المصرية فتح معبر رفح استثنائيا تضامنا مع الشعب الفلسطينى لاستقبال المصابين، يأتى هذا القرار فى سياق الدعم الإنسانى للفلسطينيين، وتم إرسال فرق طبية لشمال سيناء لمساندة مصابى الأحداث الجارية بفلسطين وتم رفع حالة الاستعداد لخدمات الطوارئ وتقديم المساعدات الطبية والنفسية والإغاثية لدعم الشعب الفلسطينى الشقيق.
وقدمت مصر مساعدات طبية وغذائية وإنسانية إلى قطاع غزة، كما أرسلت مساعدات عاجلة فى أعقاب الهجمات التى يتعرض لها القطاع من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت مصر الداعم الأول للفلسطينيين ـ دبلوماسيا وإنسانيا ـ منذ التصعيد الإسرائيلى على خلفية اشتباكات بدأت فى حى الشيخ جراح فى القدس بين متظاهرين فلسطينيين من جهة، ومستوطنين يهود وقوات الشرطة الإسرائيلية، من جهة أخرى، بسبب قرارات قضائية إسرائيلية، بإخلاء بيوت من حى الشيخ جراح، من سكانها الفلسطينيين، لصالح جمعيات استيطانية إسرائيلية.
معبر رفح
ثم اشتد القصف الجوى الإسرائيلى على قطاع غزة، حتى وصلت حصيلة الشهداء والمصابين جرائه ـ وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، عبر حسابها على فيس بوك، إلى 181 من بينهم 52 طفلا و31 سيدة، و1225 إصابة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، منوهة بأن العدد ما زال مرشحا للزيادة.
كانت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، قالت إن إسرائيل تسببت بمجزرة ثانية في أقل من 24 ساعة، بعدما أودى قصف حي الرمال الشمالي في إقليم غزة، بحياة 7 فلسطينيين من عائلة واحدة، من بينهم 5 أطفال.
وتسبب قصف إسرائيلي على مخيم الشاطئ بغزة، أمس السبت، في وقوع 10 ضحايا من عائلة واحدة، ولم ينج من هذا القصف سوى رضيع يبلغ 5 أشهر.
غزة
وأورد تلفزيون فلسطين أن حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ارتفع حتى اللحظة إلى 145 شهيدا، وذلك بعد استشهاد فلسطينيين متأثرين بجروحهما.
مساعى مصر بمجلس الأمن
وفى سياق المساعى المصرية لوقف العدوان الإسرائيلى، ركزت على تحريك القضية بمجلس الأمن من المقرر أن يجتمع خلال ساعات لبحث حلقة الصراع الدموي الجديدة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وتتقدمها حركة حماس، وذلك غداة غارات وقصف إسرائيلى أسفر عن مقتل أطفال وتدمير مقرات وسائل إعلام دولية فى غزة، وإطلاق الصواريخ بكثافة من القطاع المحاصر على المدن الإسرائيلية.
وقالت وزارة الخارجية فى بيان لها، إن سامح شكرى ونظيره التونسى نسقا فيما يخص تحريك القضية الفلطينية بالمجلس والاستعداد لجلسة لبحث المخارج الممكنة من "حالة التأزم الحالية عبر وقف لإطلاق النار يحقن دماء الضحايا الذين يروحون نتيجة العمليات العسكرية والهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة".
وطالبت تونس العضو غير الدائم بمجلس الأمن الدولى بتدخل "ناجع وسريع من المجلس لوقف العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين" مع سقوط المزيد من القتلى والجرحى فى صفوفهم.
وقالت الرئاسة التونسية فى بيان صحفى، إنها دعت إلى جلسة ثالثة علنية لمجلس الأمن بعد عقد جلستين طارئتين فى وقت سابق بالتنسيق مع الجانب الفلسطينى ورئاسة المجلس.
وأوضحت الرئاسة فى البيان أن على مجلس الأمن الدولى "اتخاذ موقف واضح لا لبس فيه يدعو إلى الوقف الفورى للعدوان الصارخ على الشعب الفلسطينى ويضع حدا للتصعيد ولسقوط المزيد من الضحايا المدنيين".
كما بحث سامح شكرى مع عدد من وزراء الخارجية الأزمة، ومن بين هؤلاء وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان و نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى حيث تم تناول استمرار تدهور الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية؛ وأهمية مواصلة العمل على إيجاد السُبل الفورية الكفيلة بوقف المواجهة فى قطاع غزة، والحيلولة دون أية استفزازات فى القدس، فضلاً عن الدفع بكل المساعى من أجل الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطينى.
وعلى صعيد متصل تجرى الجامعة العربية تحركاتها لإنهاء الأزمة، فقد صرح مصدر مسئول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن مكاتب وبعثات الجامعة فى الخارج تعكف حاليا على متابعة تنفيذ التكليفات الواردة فى القرار الذى صدر عن المجلس الوزارى بشأن العدوان الإسرائيلى على القدس وأهلها، مضيفا أن مجالس السفراء العرب فى العواصم الرئيسية تعمل على التحرك مع حكومات الدول المعتمدة لديها لحشد التأييد للموقف الفلسطينى المؤيد عربيًا حول اعتداءات إسرائيل على القدس وأهلها، بما فيها التجاوزات والانتهاكات التى ارتكبتها قوات الاحتلال فى الحرم القدسى الشريف، وكذلك ما تقوم به من ممارسات مفضوحة للضغط على أهالى حى الشيخ جراح للرحيل عن المدينة.
على الخطى المصرية
وعلى الخطى المصرية سارع عدد من الدول للمطالبة بنقاس واسع للقضية بمجلس الأمن من بينهم الصين، حيث قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانج يي، إنه يتعين على مجلس الأمن إعادة التأكيد على حل الدولتين، وحث الفلسطينيين والإسرائيليين على استئناف محادثات السلام على أساس هذا الحل في أقرب وقت.
وأضاف وانج ، أن الصين ستواصل دعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني بالسعي من أجل استعادة حقوقهم الوطنية المشروعة، وستدعم الحل العادل للقضية الحالية من خلال الحوار السياسي وستدعم الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في لعب دور فعال في هذا الصدد.
وتابع قائلا "أنه في الأيام الأخيرة، تصاعدت وتيرة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلى بشكل متواصل، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، وهو أمر محزن"، معتبرا أن السبب الجذرى لتدهور الوضع هو عدم وجود حل عادل للقضية الفلسطينية منذ فترة طويلة.
وأضاف "فى السنوات الأخيرة، انحرفت عملية السلام فى الشرق الأوسط عن مسارها الأصلى ولم تطبق قرارات مجلس الأمن بجدية، خاصة انتهاك حق الشعب الفلسطينى فى بناء دولة مستقلة بشكل متواصل، إضافة إلى معاناة الشعب الفلسطينى التى أدت إلى تكثيف المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية والنزاعات المتكررة، وإنه كما ثبت بشكل واضح، دون تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، لن تتمكن فلسطين وإسرائيل وكذلك الشرق الأوسط من التوصل إلى سلام حقيقي".
اجتماع طارئ بالبرلمان العربى
وعلى صعيد الاستنفار العربى لمساندة فلسطين تعقد لجنة فلسطين التابعة للبرلمان العربى اجتماعا طارئا لها، برئاسة عادل بن عبد الرحمن العسومى رئيس البرلمان العربى، الثلاثاء المقبل، لبحث التصعيد الإسرائيلى فى مدينة القدس وقطاع غزة وكافة الأراضى الفلسطينية المحتلة، والتى أسفرت عن مئات الضحايا والمصابين جراء القصف العشوائى والهمجى الذى قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب بيان اليوم، سوف يناقش الاجتماع الإجراءات اللازمة لاتخاذ موقف عربى ودولى وإجراءات عملية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ووضع حد للجرائم والإجراءات التى تمثل انتهاكا فاضحا لقرارات الشرعية الدولية وتحديا سافرا لإرادة المجتمع الدولي.
ومن المنتظر أن يخرج الاجتماع بعدد من التوصيات والقرارات المهمة بهدف نصرة القضية الفلسطينية ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وفى مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
ومن المقرر رفع نتائج اجتماع اللجنة إلى الجلسة الطارئة للبرلمان العربى المقررة الأربعاء ؛ لمناقشة الانتهاكات الممنهجة التى تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى مدينة القدس المحتلة واقتحامها المسجد الأقصى المبارك واعتداءاتها المتكررة على أبناء الشعب الفلسطيني.
أكد الرئيس الموريتانى محمد ولد الشيه الغزوانى، فى اتصال هاتفى أجراه مع نظيره الفلسطينى محمود عباس، موقف موريتانيا الثابت من القضية الفلسطينية، مبديا تعاطف وتضامن الشعب الموريتانى وقيادته مع الشعب والمقاومة الفلسطينيين، "فى مختلف مراحل نضالهما المشروع لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
وأكد الرئيس الموريتانى - لأبومازن مجددا - موقف موريتانيا الثابت من القضية الفلسطينية، "الذى عبر عنه الشعب الموريتانى بمختلف أطيافه وعلى جميع المستويات وعكسته المسيرات المتعددة التى شارك فيها الأئمة ونشطاء المجتمع المدنى ومختلف الفعاليات الإعلامية والنقابية والحزبية".
وذكرت الرئاسة الموريتانية - فى بيان لها- أن الرئيس الغزوانى عبر عن انشغال موريتانيا ومتابعتها لتطورات الأوضاع فى فلسطين، مضيفة أن الغزوانى هنأ أبو مازن، بمناسبة عيد الفطر المبارك.
وأكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس "أبو مازن"، خلال اتصال هاتفى اليوم السبت مع الرئيس الأمريكى جو بايدن، أن الأمن والاستقرار سيتحققا عندما ينتهى الاحتلال الإسرائيلى لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، مطالبا بتدخل الإدارة الأمريكية لوضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن عباس أطلع بايدن على الاعتداءات التى يتعرض لها الفلسطينيون فى القدس وغزة والضفة الغربية من قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ ما تسبب فى قتل المئات، وجرح الآلاف وتشريد آلاف العائلات من منازلهم التى تم تدميرها فى غزة والضفة، والاعتداء على المصلين فى المسجد الأقصى المبارك، ومنعهم من الوصول إلى المسجد الاقصى وكنيسة القيامة ومحاولات سرقة أراضى الأهالى فى الشيخ جراح.
وقال أبومازن أنه "أجرى اتصالات واسعة من أجل وقف العدوان الإسرائيلى على شعبنا والوصول إلى التهدئة"، مؤكدا استعداد الجانب الفلسطينى للعمل مع اللجنة الرباعية الدولية من أجل تحقيق السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية، والعمل مع الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية وإزالة أى معوقات تعترض طريقها.
كما أكد الرئيس الفلسطينى أن الانتخابات ستتم إعادة تنظيمها بمجرد التزام إسرائيل بالاتفاقيات بشأن إجراءها فى مدينة القدس.
بدوره، أكد بايدن ضرورة تحقيق التهدئة وخفض العنف فى المنطقة، مشيرا إلى أن بلاده تبذل جهودا مع الأطراف المعنية من أجل تحقيق هذا الهدف، مؤكد التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين، وأهمية إعطاء أمل للشعب الفلسطينى فى تحقيق السلام.
مسيرات تضامنية مع فلسطين
ومن جهة اخرى نظمت مظاهرات تضامنية مع شعب فلسطين بعدة دول، حيث انضم المئات إلى مسيرات حول العالم ضد الهجمات العسكرية الإسرائيلية فى غزة.
من بين تلك البلدان أستراليا، ووفقا لصحيفة الجارديان، صرحت جانين حورانى احدى المنظمات لمسيرة بعنوان "فلسطين الحرة" فى ملبورن انها دائما ما كانت ضمن مسيرات دعم فلسطين منذ طفولتها، قائلة: "لقد كنت أذهب إلى هذه الأشياء طوال حياتى وأنا بصراحة لا أتذكر رؤية مثل هذا الإقبال الكبير أو المذهل كما فعلت اليوم. كنا هناك بالآلاف وكان من المذهل حقًا رؤيته ".
فى الأيام الأخيرة، حثت مجموعات حقوقية أسترالية وفلسطينية الحكومة الأسترالية على التوقف عن السعى إلى اتفاقية تجارة حرة محتملة مع إسرائيل وإدانة أعمالها فى غزة والقدس الشرقية.
عكست الاحتجاجات هذه المطالب، وذهبت إلى أبعد من ذلك، وحثت الحكومة على سن إجراءات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات ضد إسرائيل.
وفى وقت سابق هذا الأسبوع، حثت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، على إنهاء العنف، وقالت باين أن الحكومة قلقة للغاية بشأن تصاعد الاضطرابات فى إسرائيل وغزة والضفة الغربية.
كما نظمت مسيرات بالجنوب اللبنانى تضامنا مع فلسطين مما نتج عنه اشتباكات للقوات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أحد الشبان، ويستمر التوتر فى الاوضاع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، وطالبت الدولة اللبنانية المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته لوقف ما وصفته بـ"الوحشية" الإسرائيلية.