نشاهد اليوم، صورة لا تأتى فكرتها من جمالها، بل تأتى قيمتها من إدانتها التاريخية للاحتلال الإنجليزى الذى راح يقتل الفلاحين فى حادثة دنشواى من عام 1906.
ذهب بعض الضباط الإنجليز إلى قرية دنشواى يوم الأربعاء الموافق 13 من يونيو 1906 لصيد الحمام رغم أنه كان ممنوعا طبقا للقانون
الإنجليزى آن ذاك، ولكن " الميجور كوفين" قائد الفريق الذى وصل إلى أرض دنشواى لصيد الحمام مولعا بالصيد ما جعله يتخطى القانون لممارسة هوايته وتراهن مع رجاله باصطياد الحمام من على أشجار قرية دنشواى.
وأخذ "كوفين ورجاله" يطلقون الأعيرة النارية لصيد الحمام بجوار الأشجار على جانبى الطريق وصولا إلى قرية "دنشواى" فإذا بشرارة إحدى الطلقات تشتعل فى جرن الحمام الخاص بالشيخ محمد عبدالنبى مؤذن القرية، والتى كان يحتوى محصوله من القمح، فاشتعل المحصول ما آثار غضب الأهالى فخاف الضباط الإنجليز وأطلقوا النيران باتجاه أهالى القرية الثائرين فأصابوا زوجة مؤذن القرية وسقطت قتيلة.
فاستشاط أهالى القرية غضبا وخرجوا خلف الضباط الذين ارتعدوا من شدة غضب الأهالى وأخذوا يجرون حتى أصيب أحدهم بضربة شمس أودت بحياته وهو فى طريقه لطلب النجدة من المعسكر الإنجليزي، الذى يبعد حوالى ثمانى كيلو مترات عن القرية.
وعلى الفور، جرت التحقيقات غير العادلة بضغط من اللورد كرومر، والذى اعتبر ما حدث إهانة كبيرة بحق الضابط الإنجليزى المتوفى، بل وفى حق الإنجليز جميعا، ونصبت المشانق يوم 18 يونيو حتى قبل صدور الأحكام واستمرت المحاكمة على مدى 3 أيام، حيث انعقدت المحكمة فى يوم الأحد 24 يونيو بشبين الكوم وعين عثمان مرتضى رئيس أقلام وزارة الحقانية سكرتيرًا للمحكمة، وصدر الحكم الذى تلاه سكرتير الجلسة وكان يقضى بإدانة 21 متهمًا، وانتهت المحاكمة بإعدام أربعة، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على اثنين، والأشغال الشاقة 15 عاما لواحد، والأشغال الشاقة 7 سنوات على 6 آخرين، والجلد 50 جلدة بالقطة الإنجليزى ذات الأذرع الخمسة على 8 من أهل القرية، وأن يتم الإعدام والجلد بقرية دنشواى وأن يقوم مدير مديرية المنوفية بتنفيذ الحكم فورًا.
فى تمام الساعة الثانية بعد ظهر يوم الخميس 28 يونيو جرى تنفيذ الحكم بحضور أهالى القرية، فى نفس المكان الذى مات فيه الكابتن "بول"، حيث كان يتم شنق واحد ثم ينفذ الجلد فى واحد وهكذا بالتناوب.