فرجة مسرحية شعبية لتغريبة بنت الزناتى تستحق الدراسة لمنار زين العابدين

الثلاثاء، 18 مايو 2021 05:00 م
فرجة مسرحية شعبية لتغريبة بنت الزناتى تستحق الدراسة لمنار زين العابدين مسرحية " التغريبة " للمخرجة منار زين
تحليل يكتبه : جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

السيرة الهلالية هي إحدى أشهر السيرالشعبية العربية، وهي ملحمة طويلة تصف هجرة بني هلال، وتمتد لتشمل تغريبة بني هلال وخروجهم من ديارهم إلى تونس، وهي السيرة الأقرب إلى ذاكرة الناس، والأكثر رسوخًا في الذاكرة الجمعية ، وتبلغ نحومليون بيت شعر، أضفى عليها الخيال الشعبي ثوبًا فضفاضًا باعد بين الأحداث وبين واقعها، وبالغ في رسم الشخصيات.

مسرحية التغريبة للمخرجة منار زين
مسرحية التغريبة للمخرجة منار زين

ومن السيرة الهلالية تتفرع قصص كثيرة مثل قصة الأمير أبو زيد الهلالي وقصص أخته شيحة المشهورة بالدهاء والاحتيال، وسيرة الأمير دياب بن غانم الهلالي، وقصة زهرة ومرعي وغيرها من السير المتراصة التي تشكل في مجموعها ما يعرف بسيرة بني هلال وأن تقدم إحدي تلك القصص في عمل مسرحي فإنك بذلك تواجه تحدي كبير عليك أن تكون " قد التحدي " ، والمخرجة منار زين العابدين قبلت هذا التحدي لتقدم لنا عرضا مميزا وفرجة شعبية مشبعة بالعناصر الدرامية التي كتبها بكري عبد الحميد ، وهي بالمناسبة مهمة صعبة للكاتب المسرحي بما تتضمنه من أحداث وشخوص بكل زحام أحداثها وتنوع الأماكن والزمن في حيز القالب المسرحي بحدوده المعروفة.

وباعتبار أن المسرح لغة تكثيف وتعبير فقد نجحت المخرجة منار زين في مسرحة جزء من السيرة الهلالية بلغة مسرحية شاعرية واستخدمت عناصر العرض الشعبي حتي قبل دخول الجمهور لقاعة المسرح " صلاح جاهين  " بمسرح البالون التابع للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بقيادة المخرج الدكتور عادل عبده ، فالجمهور قبل دخول قاعة العرض يستمع لفرقة شعبية تستخدم كل آلات الحكي الشعبي التي كانت تستخدم في سرد أحداث السيرة الهلالية لتؤهله لدخول القاعة التي حولتها المخرجة لمشاهد دائرية يتحرك معها الجمهور في حركة دائرية ليشاهد أماكن متنوعة وينتقل من مشهد لآخر من خلال قرص يجلس عليه الجمهور يتحرك في توقيتات محددة لينقل المشاهد من مكان لآخروهو حل ذكي وحيلة مسرحية تستحق الدراسة والتأمل فعادة يكون الجمهور هو الثابت والديكور هو المتغير ولكننا هنا ننقل الجمهور في حركة دائرية لأماكن مختلفة ، وهنا تظهر براعة المخرجة في إيجاد حلول إخراجية تتناسب مع حجم ومساحة القاعة الصغيرة التي ينتقل المشاهد من خلالها لأماكن مختلفة تدور فيها أحداث كثيرة، فالإخراج هنا عملية إبداعية لا تقل عن التأليف فالإخراج خلق للنص وضعا جديدا وليس نقل كلمات النص علي لسان الممثلين .

عرض التغريبة بنت الزناتي للمخرجة منار زين الدين
عرض التغريبة بنت الزناتي للمخرجة منار زين الدين

نجحت المخرجة منار زين العابدين  في الخروج بالعرض من دائرة الخشبة المسرحية التقليدية الي لقاء الممثلين بالجمهور لتحقيق لقاء فني يتم بين العرض والجمهور في شكل حلقة دائرية يحيط بها المشاهدون وهي فكرة جديدة تستحق الدراسة والتأمل .

يزيد من جمال ونجاح هذا العرض اختيار المخرجة لمجموعة ممثلين متميزين ، فالفنانة فاطمة عادل تقدم شخصية " سعدي " وتتحرك أمام الجمهور مترجمة أفكار الشخصية ودوافعها حوارا وجسدا ، فالجسد البشري في كل حركاته، وسكناته، واستقامته، وانحناءته يصبح لغة صامتة مع اللغة الناطقة فالجسد وسيط في إيصال الموضوع للجمهور من دون استخدام الحوار، والممثلة هنا بتوجيه المخرجة والكيروجراف مناضل عنتر تم توظيف الرقص والحركات الإيقاعية لتخدم الدراما وتكملها .

مسرحية التغريبة
مسرحية التغريبة

تميز في العرض عدد كبير من الممثلين منهم : عبد الباري سعد في شخصية " الأغبر " وأحمد شومان في شخصية " الزناتي " وهبة سليمان في شخصية " العرافة " ، وهدي عبد العزيز التي قدمت شخصية " خضرة الشريفة " ببراعة وأداء متناغم بعيد عن المبالغة، وأيضا تميز مصطفي يوسف في شخصية " القاضي بدير " فهو ممثل يستحق المزيد من التواجد والمساحات وأيضا من نجوم العرض أحمد يحيي في شخصية " رزق " فهو ممثل متميز وله حضوره أمام الجمهور ، وقدم أيضا الفنان هاني عبد الهادي شخصية " غانم " ببراعة الممثل صاحب الخبرة والحضور علي المسرح ، كما كانت في أحسن حالاتها الفنانة سارة مصطفي في شخصية " الجازية " ، وتميز أيضا الفنان محمد علاء في شخصية " ابوزيد الهلالي " ومحمد حفظي في دور " دياب " وكل المشاركين في العمل : أحمد مهدي في دور " عسقل " وضحي محمد في شخصية " سعيدة " وحتي الراقصين : ( نور ونعمة ومني وشيماء وچني وچولي) كانوا من العناصر المميزة في العمل .

مسرحية " التغريبة " بنت الزناتي موسيقي وتدريب هاني عبد الناصر وملابس شروق سامي وتصميم ديكور وإضاءة عمرو الاشرف وإدارة مسرحية  ورانيا عبد العزيز ومخرج مساعد نهاد نائل وسلمي محمد ومحمود علاء ومخرج منفذ ومحمد أشرف وإخراج منار زين العابدين.

السير الشعبية مهم جدا تقديمها فهي من أهم مصادر الثقافة في أرياف البلاد العربية، وخصوصًا إذا ما أخذنا في الاعتبار نسب الأمية المرتفعة ويسمى المهتم بالسيرة الهلالية بالمضروب بالسيرة وفي النهاية نوجه التحية للدكتور عادل عبده رئيس القطاع علي تقديمه لمثل هذه العروض الشعبية التي تستحق الدعم الإعلامي لتصل تلك الخدمة الثقافية لكل المواطنين في أنحاء الجمهورية .

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة