لم تكن السنة السابعة عشرة من الهجرة النبوية سنة سهلة، ففيها انتشار طاعون عمواس فى الشام، وكان المسلمون هناك بقيادة أبى عبيدة بن الجراح، وقد أصابه الوباء، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك.
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير تحت عنوان "شىء من أخبار طاعون عمواس":
الذى توفى فيه أبو عبيدة ومعاذ ويزيد بن أبى سفيان وغيرهم من أشراف الصحابة وغيرهم.
أورده ابن جرير فى هذه السنة.
قال محمد بن إسحاق: عن شعبة، عن المختار بن عبد الله البجلى، عن طارق بن شهاب البجلى قال: أتينا أبا موسى وهو فى داره بالكوفة لنتحدث عنده، فلما جلسنا قال: لا تحفوا فقد أصيب فى الدار إنسان بهذا السقم، ولا عليكم أن تتنزهوا عن هذه القرية فتخرجوا فى فسيح بلادكم ونزهها، حتى يرتفع هذا البلاء، فإنى سأخبركم بما يكره مما يتقى.
من ذلك أن يظن من خرج أنه لو قام مات، ويظن من أقام فأصابه ذلك أنه لو خرج لم يصبه، فإذا لم يظن ذلك هذا المرء المسلم فلا عليه أن يخرج وأن يتنزه عنه، إنى كنت مع أبى عبيدة بن الجراح بالشام عام طاعون عمواس، فلما اشتعل الوجع وبلغ ذلك عمر كتب إلى أبى عبيدة ليستخرجه منه:
أن سلام عليك، أما بعد: فإنه قد عرضت لى إليك حاجة، أريد أن أشافهك بها، فعزمت عليك إذا نظرت فى كتاب هذا أن لا تضعه من يدك حتى تقبل إلي.
قال: فعرف أبو عبيدة أنه إنما أراد أن يستخرجه من الوباء.
فقال: يغفر الله لأمير المؤمنين، ثم كتب إليه يا أمير المؤمنين إنى قد عرفت حاجتك إليَّ، وإنى فى جند من المسلمين لا أجد بنفسى رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضى الله فى وفيهم أمره وقضاءه، فخلنى من عزمتك يا أمير المؤمنين، ودعنى فى جندي.
فلما قرأ عمر الكتاب بكى، فقال الناس: يا أمير المؤمنين أمات أبو عبيدة؟
قال: لا، وكأن قد.
قال: ثم كتب إليه: سلام عليك، أما بعد فإنك أنزلت الناس أرضا عميقة، فارفعهم إلى أرض مرتفعة نزهة.
قال أبو موسى: فلما أتاه كتابه دعاني.
فقال: يا أبا موسى، إن كتاب أمير المؤمنين قد جاءنى بما ترى، فاخرج فارتد للناس منزلا حتى أتبعك بهم، فرجعت إلى منزلى لأرتحل فوجدت صاحبتى قد أصيبت فرجعت إليه وقلت: والله لقد كان فى أهلى حدث. فقال: لعل صاحبتك قد أصيبت؟.
قلت: نعم.
فأمر ببعير فرحل له، فلما وضع رجله فى غرزه طعن.
فقال: والله لقد أصبت، ثم سار بالناس حتى نزل الجابية ورُفع عن الناس الوباء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة