تتخوف دول العالم من تأثيرات تغير المناخ على مستقبل البشرية، الأمر الذى دفع العديد من الحكومات للحذر وإتخاذ خطوات من شأنها التقليل من تأثيرات الحياة اليومية على المناخ، لكن يبدو أن التغير المناخى لا يهدد مستقبل البشر فقط، ولكن ماضيهم أيضًا، حيث اكتشف أنه يتسبب فى تحلل بعض أقدم الأعمال الفنية المعروفة بمعدل سيئ، وقد أظهرت دراسة جديدة أن لوحات الكهوف في إندونيسيا التي يعود تاريخها إلى 44 ألف عام مهددة بسبب زيادة بلورات الملح التي تتشكل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ونوبات الجفاف.
وتضعف البلورات الملحية، الصبغة لأنها تنتفخ وتتقلص، وقد أدت هذه التغيرات إلى تساقط قطع بحجم اليد من بعض الألواح في غضون أشهرفقط، كما وجدوا أن الاستراتيجيات الزراعية التي تجمع الأمطارالموسمية تعمل أيضًا على تضخيم دورة البلورات، ونظرًا لحالة الاضمحلال المتقدمة لهذا الفن القديم، يحذر الباحثون، "نحن في سباق مع الزمن".
اقدم لوحة كهف فى إندونيسيا
وفى دراسة نشرت فى التقارير العلمية - وفقا لما نقلته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية - فحص باحثون من جامعة جريفيث في كوينزلاند بأستراليا، 11 لوحة من الفن الصخرى وجدت فى كهوف الحجر الجيري في Maros-Pangkep في جنوب سولاويزي بإندونيسيا، وباستخدام المجاهر عالية الطاقة، اكتشفوا أن بلورات الملح التي تنمو فوق وخلف الفن الصخري القديم تتسبب في "تقشرها عن الجدران".
بلورات الملح التى تتكون على الجدران
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، جيليان هنتلى، عالمة الآثار فى مركز جريفيث للبحوث الاجتماعية والثقافية: "إنها تختفي أمام أعيننا"، فيما أفاد الباحثون أن إحدى اللوحات فقدت قطعة بحجم اليد خلال بضعة أشهر فقط.
بقايا لوحة لخنزير بري على جدار كهف
وقد تحملت هذه الأعمال آلاف السنين من التغيرات البيئية - في منطقة استوائية - ولكن زيادة غازات الاحتباس الحرارى أدت إلى تضخيم الظواهر المناخية المتطرفة، كما يقول الباحثون، مما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة أيام الجفاف بشكل متتالى، وكتب الباحثون في The Conversation ، أنه في الأيام الحارة يمكن أن تنمو بلورات الملح أكثر من ثلاثة أضعاف حجمها الأولى.
ويؤدي تمدد وتقلص البلورات مع ارتفاع درجات الحرارة وهبوطها إلى إرخاء الطلاء، وقال الباحثون إن الأمطار الموسمية يمكن أن تؤدي أيضًا إلى إطالة دورات "الانكماش والتورم" للأملاح.
تصور المناطق الرمادية أقسامًا كانت مرئية في عام 2013 واختفت بسبب بلورات الملح
ويقول تقرير الصحيفة البريطانية، إنه "في إندونيسيا، يقوم المزارعون الآن عن عمد بجمع الأمطار الموسمية في حقول الأرز وبرك تربية الأحياء المائية، في حين أن هذه الممارسة حل زراعي مبتكر، فإن هذه الممارسة تزيد من تدهور لوحات الكهوف".
وقالت هنتلي: "لقد أدهشني مدى انتشار بلورات الملح المدمرة وكيميائها على اللوحات الفنية الصخرية، والتي نعرف أن عمر بعضها يزيد عن 40 ألف عام"، ويستفيد فن الكهوف في أوروبا، كما هو الحال في كهف لاسكو الشهير في فرنسا ، من درجات حرارة وطقس أكثر استقرارًا يجعل التسوس أقل عدوانية، وفقًا لفرانكو فيفيانى، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة بادوا الذي استكشف سولاويزي في عام 2019.