قال اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، إن ما يتم فى أعمال نقل مركب خوفو الأولى إنجاز غير مسبوق بالفعل، والقصة بدأت من 23 يونيو 2019، عندما تم عرض فكرة النقل على القيادة السياسية بإزالة التشويه البصرى لمبنى المركب الذى يبلغ عمره أكثر من 40 عاما، فى الضلع الجنوبى للهرم الأكبر، وعلى الفور رحب الرئيس عبد الفتاح السيسى بالفكرة بعد عرضها ثلاث مرات حتى اطمئن، حيث أكد الرئيس على الدراسة العلمية الدقيقة لفكرة النقل، كما كلف الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار وكلفنى بأن يكون هناك مراجعة مع المعاهد العلمية بحثية واستشاريين متخصصين، للفكرة المصرية التى طرحت، وإذا كان لديهم أفكار أفضل تنفذ الأفكار الأفضل، بمعنى أنه لا يوجد تحيز للفكرة التى عرضت وذلك لأن سلامة الأثر هو الأهم، وبعدها بـ 48 ساعة قام المهندس مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، برافقة الدكتور خالد العنانى، والمشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، بعرض الفكرة، وبدء العمل علميًا على الفكرة.
وأوضح اللواء عاطف مفتاح، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، إن العمل علميًا على نقل المركب أخذ وقت طويل جدًا، إلى أن تم الانتهاء من الدراسة العملية وهناك حالة من الاطمئنان لنقل المركب كقطعة واحدة، بدأنا فى مرحلة التنفيذ.
أما عن الموقف الحالى، فأضاف المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، أن الفكرة كلها تتلخص هى فكرة هندسية للحفاظ على الآثار، كيف سنخرج المركب كقطعة واحدة وفى نفس الوقت نحافظ عليه من أى أعمال خلال تنفيذ حماية الأثر، ونريد أن نذكر أن فكرة نقل المركب كانت تمت طرحها من قبل فى 2002م، وذلك عندما بدأت الدولة فى إنشاء المتحف المصرى الكبير فكان من ضمن سيناريو العرض المتحفى نقل مركب خوفو الأولى، وبالفعل ظل الأمر يدرس من 2002 وحتى 2012م/ 2013م، وذلك بمشاركة المكاتب الاستشارية والمعاهد البحثية وفى نهاية المطاف تملكهم حالة من الخوف فى نقلها لصعوبة نقل المركب وقرروا الإبقاء عليها كما هى، وتلك المعلومة لم أكن اعرفها قبل أن يكشفها لي الفنان الكبير فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، وعالم الآثار الدكتور زاهى حواس، وبرفقتهم الدكتور مصطفى الفقى، خلال عملية شرح الفكرة عليهم، وأكدوا أن هذا القرار رائع.
وعن كيفية نقل المركب، كشف لنا اللواء عاطف مفتاح، أن المركب الحالية محملة على "مسطبة حديدية" وهى منفذه بشكل بسيط جدا، وتم تصميمها منذ عام 1972م، حيث أن مبنى المركب بدأ منذ عام 1962م، ثم بدأ العمل به على مراحل، ثم توقف الأمر ليستأنف العمل مرة أخرى فى 1972ن، لتنتهي أعمال البناء فى عام 1982م، بمعنى أنه ظل 20 عاما حتى تم الانتهاء من بنائه ليفتتح، الأعمال التى تمت به أعمال متواضعة للغاية.
وأكد المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، على أنه من حسن حظ بلدنا أن ظل المبنى إلى الآن، حيث أن مبنى مركب خوفو كان مهدد بالانهيار والمسطبة التى كانت تحمل العمل فوجئنا عندنا أزلنا الكسوة الخشب من عليها اكتشافنا أنها غير مثبته بمسامير، والمسامير التى توجد بها غير مربوطة كما أن كل التوصيلات "اللحام" متفتتة ومتأكله ووضعها خطير جدا وبالفعل كانت ستنهار، لافتا أنه عندما تم الكشف على الحديد طالب باللجنة علمية من جامعة القاهرة واستشارى حتى يروا ما الذى ممكن عمله فى المركب، وبالفعل تم عمل اجتماع موسع جدا، بحضور الدكتور مصطفى وزيرى، وجميعهم انزعجوا من وضع المركب، وكان قرارى وقتها أنه لابد أن ننسى أن المركب محملة على "مسطبة" ونبدأ فى التدعيم بالسقالات، وتحمل المركب بالسقالات، لحين تقوية الحامل الذى يحمل جسم المركب، وهذا تم بكل حرص ووعى شديد حتى نبنى الهيكل الحديد الذى سيحوط المبنى.
وحول فكرة الهيكل، قال اللواء عاطف مفتاح، لقد صممت قضيب قطار مكون من سكتين وبدأنا فى بناء جسم كبير ولتبسيط الأمر مثل "كونتنر" الذى يتم نقل به البضائع الضخمة، طوله 50 متر ارتفاعة 7 متر ونصف وعرضه 7 متر، وتم بناء هذا الكونتر خارج المركب، وتم تفكيكه مثل "الميكانو"، وبدأن فى تصميمه كـ "فريمات" وتم عمل لكل فريم عجل ليسير على قضيب القطار، وهم بإجمالى 15 فريم، إلى أن تم تغطية المركب بالكامل، فأصبحت المركب داخل الهيكل الحديدى الضخم، ولكن لازالت المركب مثبته فى المبنى، وللتخلص من ذلك، وضعت على القضيبين كمر سفلى حتى يتم عمل قاعدة للكونتر حيث أنه مكون من أربع أضلاع، تم تصميم ثلاثة والضلع الرابع مفتوح وهو القاع الذى تم تمريره من أعلى المركب حتى تمر، ثم بدأت فى إغلاقه من أسفل، وتم بعد ذلك "لحامه" مع المنصة القديمة، فأصبح الجسم "القفص الحديدى" والمنصة القديمة قطعة واحده، ثم فصلنا المنصة القديمة بالقفص الحديدى عن المبنى، فاليوم أصبح وتحديدًا منذ 48 ساعة، أصبح المركب والقفص الحديدى مفصولين عن المبنى القديم، ونستطيع بعد ذلك التحرك به بسهولة.
وعن الخطوة المقبلة، أضاف المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، سيتم دخول عربية أسفل هذا القفص الحديدى وهى سيارة مخصصة جاءت من بلجيكا ارتفاعها متر ونصف فقط، وطولها حوالى 20 متر، وبها أكثر من 40 عجلة، وكل عجلة لها حركة منفصلة، ستخدل تلك السيارة داخل المبنى، حيث تقوم برفع نفسها وتحمل الهيكل الحديدى "الكونتنر" وتبدأ تخرج به، وبالطبع نبنى جسور لتلك السيارة حتى تستطيع التحرك داخل المبنى المحاط بالحوائط والأعمدة، فكل جزء من هذه الأجزاء سيتم بناء لها كوبرى خاص بها، فسيكون داخل المبنى كوبرى طوله 50 متر، وعرضه 5 متر، لتدخل بواسطته السيارة لرفع الهيكل الحديدى لتتحرك به، وتحرك من خلال جسور ترابية ومعدنية تم بنائها الآن، وجارى إعدادها فى الموقع حاليًا، حيث سيكون الميار طولة 7 ونصف إلى 8 كيلو، حيث أن أعمال الخروج ستكون من خلال الطريق الجديد داخل منطقة آثار الهرم.
وأشار اللواء عاطف مفتاح، إلى أنه سيكون هناك بروفة كاملة لأعمال النقل، حيث أن السيارة المخصصة التى جاءت من أمريكا وصلت مصر وستخرج من المطار بعد الانتهاء من إجراءات الإفراج الجمركى هى والكبارى الخاصة بالسيارة، التى وصلت من أسبوع، وخلال أيام وجيزة تصل الموقع، وسنكون قد انتهينا من الجسور الترابية والمعدنية لها، لعمل بروفة كاملة بنفس الأوزان والأحمال الخاصة بالهيكل الحديدى الضخم والمركب، التى قد تصل لـ 120 طن، لنتحرك بالمسار بالكامل.
ولفت اللواء عاطف مفتاح، إلى أن هناك عدد من التحديدات التى تواجهنا خلال أعمال النقل وهم 7 تحديات صعبة للغاية، الأول : حالة المبنى الذى وصل إليها فى منتهى الخطورة، وكان ذلك متوقع وكنت أوجه خلال الاجتماعات أننا لم نحمل المبنى أى أحمال، ونصل بكل السقالات إلى منسوب الأرض، ولكن المركب أثريًا حالتها جيدة للغاية، والتحدى هو التعامل مع مبنى قد ينهار بين لحظة وأخرى وبداخله المركب، التحدى الثانى : هو عملية فصل مركب خوفو عن جسم المبنى وهى عملية معقدة للغاية وظل المناقشات والدراسات أكثر من 90 يومًا حتى نطمئن تمام أن الحاوية أخذت المركب بداخلها وتم تثبيتها، حتى لا يحدث اهتزاز خلال أعمال القطع، وبالفعل تمت عمالية الفصل بنجاح باهر منذ 3 أيام، من خلال مجموعة من الجاكات التى يصل وزن الواحد مننها 100 طن، الثالث: دخول سيارة داخل المبنى وتخرج على المسار المحدد وتصل بسلام، الرابع: أن تنتقل المركب من مكانها الحالى الآن داخل منطقة التشوين بالمتحف المصرى الكبير، الخامس: هو دخوال الحاوية بالكامل داخل المبنى الجديد بالمتحف الكبير والتى ستحمل على ونش وتدخل من سقف المبنى، ثم يتم بعد ذلك سب السقف، التحدى السادس : بعد الانتهاء من المبنى نبدأ فى فك الكونتينر حول المركب، التحدى السابع: ضبط المركب وتأهيلها للعرض المتحفى النهائى، حيث أن المركب عندما تم تثبيتها كانت بها ميول اكثر من 18 سم فى اتجاه العرض و35 سم فى اتجاه الطول.
وأشار المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، إلى أن مساحة مبنى مركبتين خوفو الأولى والثانية يفوق مساحة مبنى متحف التحرير، حيث أن متحف التحرير 14 ألف متر ، اما المبنى تتجاوز المساحة الداخلية حوالى15 ألف متر، والخارجية 5 آلاف متر، فحجم المتحف الجديد للمراكب 20 ألف متر مسطح للمركبين، وهو متحف ضخم يليق بهما.
وأكد اللواء عاطف مفتاح إلى أن كل التحديات صعبة، ولكن نحن نجاحنا فى اثنين منهما حتى الآن، وسوف ينتهى العمل بنجاح، ونثبت بأن المصرى جدير بالفكر والتنفيذ.
أما عن موعد نقل المركب، فقال المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، إن موعد نقل المركب من المرجح بنسبة كبيرة سيكون فى شهر يونيو المقبل، ويسبقها بروفة وعند تحديدها موعدها سيتم دعوة الصحفيين المحليين والغربيين لمؤتمر صحفى حتى يتم عرض فكرة النقل ويروا البروفة، وسيتم إذاعة فيلم مخصوص لأعمال النقل.
ولفت اللواء عاطف مفتاح، أن البروفة سيتم تنفيذها على نفس أحمال المركب، وليست على المركب نفسها، لأنه يصعب بناء كونتير طوله 50 متر أخر مخصوص للبروفة، حتى نسير به فى المسار، ليتم تحمبل السيارة الوزن وليس الحالة الكاملة، وخلال الحدث نفسه سيكون هناك منصتين للإعلاميين عند خروج المركب وعند وصول المركب، ويمكن انتقال الصحفيين من المنصة الأولى للثانية، لأن أعمال النقل سيستغرق يومًا كاملاً، من فجر يوم النقل إلى فجر اليوم التال، وسيكون يوم أجازة، نظرًا لتحرك أعمال النقل بطريق معاكس.
وعن خط السير، فسيتم الخروج من الهضبة عند المدخل الجديد، وبالطبع لم نستطيع الخروج من المدخل الجديد حيث أن ارتفاع بوابته 6 متر ، وارتفاع السيارة بالقفص الحديدى 10 متر، حتى كبارى المشاة التى تم تنفيذها على طريق الفيوم سيتم تفكيك 3 كبارى وذلك بالتنسيق مع الهيئة الهندسية، ونتحرك بالعكس، فلابد أن يكون يوم عطلة لغلق تلك الطرق بالكامل، والسيارة ستدخل الطريق العكسى بميدان الرماية لتدخل على طريق إسكان الرماية، وتدل من الوبابة رقم 8 لتدخل مكان التشوين بالمتحف المصرى الكبير.
تلك الحدث هو أكبر مشروع فى القرن الـ 21 ولن يتكرر لنقل أثر عضوى بهذا الحجم، وهو مثل نقل معابد فيله التى تم نقلها ولن تتكرر مرة أخرى، وأعمال نقل المركب ليس بأمر سهل على الاطلاق، وما اكتشفته خلال أعمال الدراسة وفك الهيكل الخشبى يدل على أن المبنى كان على وشك الانهيار، بسبب أن تحمل المركب التى وزنها 35 طن على 11 مأسورة 4 بوصة، تم وضعهم على أرضية وليس لهما مسامير، وبمعنى أن المركب تم وضعها دون تثبيت، وكل هذا تم توثيقه بالصور والفيديو ومحاضر، ونعمل الآن على استكمال العمل بشكل علمى دقيق للغاية، حفاظًا على سلامة الأثر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة