مسجد السلطان الناصر محمد، ويقع فى وسط قلعة صلاح الدين، وكان هو المسجد الرسمي بالقلعة خلال العصر المملوكى، يقع بالقسم الجنوبى من القلعة، أمر ببنائه السلطان الناصر محمد بن قلاوون "718هـ/ 1318م"، الذى استمرت فترة حكمه اثنين وأربعين عامًا والتى انقطعت ثلاث مرات، حيث يعتبر من أكثر سلاطين المماليك الذين عمروا آثاراً أثناء فترة حكمه، ثم هدمه وأعاد بناءه "735هـ/ 1335م", كان يحظى بعناية سلاطين المماليك اللاحقين، وكان يستخدمه قاطنى القلعة من المماليك.
ويعد الجامع الذى يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب 63 مترًا وعرضه من الشرق إلى الغرب 57 مترًا، أحد أبرز المعالم المعمارية للقلعة، حيث إنه ذو طراز معمارى فريد يمزج بين التصميمات المعمارية المختلفة، وقد كسيت قمتي المئذنتين والقبة من الخارج ببلاطات القاشاني الخضراء متخذة طابع المشرق الإسلامى, ويزين القبة من الداخل كتابات تحمل آيات قرآنية واسم وألقاب الناصر محمد وتاريخ تجديد المسجد "735هـ/ 1335م", كما يمتاز المسجد بالأسقف المزخرفة بالأشكال الهندسية الجميلة، خشبي مطعم بالعاج والصدف عليه اسم الملك فاروق "1949م".
ويقول المقريزى وكان يعرف الجامع باسم الجامع الناصرى أو جامع الخطبة بقلعة الجبل، الذى حل محل جامع قديم بالقلعة يرجع إلى عهد الملك الكامل، فقد كان يوجد بالقلعة على عهد الظاهر بيبرس جامع وهو الجامع الذى خطب فيه الخليفة العباسى الحاكم بأمر الله.
ويذكر كتاب "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون" فيهما برزت المراسم الشريفة بهدم الجامع الذى أنشأه السلطان عز نصره بالقلعة المحروسة، وأن يجدد بناءه، فهدم جميع ما كان من داخله من الرواقات والمقصورة والمحراب، وجدد بناءه بما لم تر العيون أحسن منه، وأحضر أعمدة عظيمة كانت منسية بمدينة الأشمونين بالوجه القبلى من أعمال الديار المصرية، وكانت هذه الأعمدة فى البربا التى بمدينة الأشمونين من عهد الكهنة وتم نقلها من قبل السلطان من خلال تكليف الأمير سيف الدين أورس بغا الناصرى لنقلها، وسير فى خدمته المهندسين والعتالين والحجارين.
أما عن قبة الجامع فيقول أبو بكر الداودارى "عندما أعاد السلطان بناء القبة جعلها عالية شاهقة، بعد أن أحضر لها الأعمدة الجرانيتية الكبار من الأشمنونين، وجدد المقصورة على يمين المحراب الذى جدد بناءه أيضًا".
ويشير كتاب "مساجد مصر" إلى أن جامع الناصر محمد بالقلعة من أعظم الجوامع وأحسنها وأبهجها منظرًا، وأكثرها زخرفة، ومتسع الأرجاء، مرتفع البناء، مفروش الأرض بالرخام الفائق، مبطن السقف بالذهب، وفى وسطه قبة يليها مقصورة يصلى فيها السلطان الجمعة".
وساءت حالة المسجد فى العصر العثمانى، فقد هدمت قبته وفقد منبره وأسىء استعماله وقضى على الجامع تمامًا فى عهد الاحتلال البريطانى 1882م، فقد استخدم كسجن ومخازن للجيش في عهد الاحتلال البريطاني "1882م"، ما أدى إلى تدميره وإعادة ترميمه فى "1948م".
لكن أكبر التجديدات التى أجريت للمسجد قامت بها لجنة حفظ الآثار الإسلامية سنة 1947 م، فقد أعادت ما تهدم من جدار المحراب، كما جددت المحراب الصغير وفرشت ارضية الجامع بالحجر الجيرى بدلا من الرخام الذى كان يغطى المسجد كله عند إنشائه.