أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تقريره الشهري حول الاقتحامات التي تتعرَّض لها ساحات المسجد الأقصى المبارك؛ حيث أكد المرصد أن أكثر من 2,580 صهيونيًّا قد اقتحموا ساحات "الأقصى" خلال شهر أبريل الماضى، تحت حراسة أمنية مشددة من قِبَل شرطة الاحتلال.
وشهد شهر أبريل اعتداءت الاحتلال صارخة جعلته أكثر الشهور انتهاكًا لحرمة الأقصى منذ بداية العام الجاري، بدأت بتصعيد المستوطنين المتطرفين من اقتحاماتهم للأقصى المبارك خلال الاحتفالات الصهيونية بعيد الفصح، وأداء الطقوس العلنية في المنطقة الشرقية منه؛ في استفزاز صارخ لمشاعر المسلمين في شتَّى بقاع الأرض. الأمر الذي اعتبرته منظمات الهيكل "إنجازات جديدة تحققت على أرض الواقع".
ومع بداية شهر رمضان المعظم، عمدت سلطات الاحتلال إلى تدنيس الأقصى المبارك وتعطيل مكبرات الصوت وقطع أسلاك الكهرباء واقتحام المآذن أثناء صلاتي العشاء والتروايح في الليلة الثانية من رمضان؛ لمنع وصول الصوت إلى ساحة البراق الإسلامية -الذي يسيطر عليها الكيان الصهيوني- حيث يحتفل المستوطنون بما يُطلقون عليه "ذكرى قتلى جيش الاحتلال".
كما سلّط المرصد الضوء على محاولات الكيان الصهيوني فرض واقعٍ جديدٍ داخل مدينة القدس المحتلة وتقسيمها مكانيًا، وهو ما ظهر عندما وضعت قوات الاحتلال، في أول يوم من شهر رمضان، حواجز حديدية في منطقة باب العامود لمنع المقدسيين من الجلوس والتجمع فيه، تمهيدًا لقصر التجمع فيه على المستوطنين المتطرفين الذين زرعتهم سلطات الاحتلال في مدينة القدس، تبع ذلك اعتداءاتٌ موسعةٌ من مستوطنين متطرفين تابعين لمنظمة "لهاڤاه" اليمينية، بعد دعوات لأنصارها بالنزول إلى منطقة باب العامود ومهاجمة المقدسيين بمساعدة وحماية قوات الاحتلال الصهيوني، وهي المواجهات التي أسفرت عن إصابة أكثر من 100 مقدسي.
وأشاد تقرير المرصد بصمود وإرادة المقدسيين الذين تصدّوا لمخططات الاحتلال لمصادرة ساحة باب العامود، وإجبار الاحتلال على إزالة الحواجز، معربًا عن دعمه الكامل لأبناء الشعب الفلسطيني في صدهم لكل عدوانٍ عليهم وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية بدولة فلسطين المحتلة.
وشدّد التقرير على أنه منذ بداية العام الجاري 2021 يعمل الكيان الصهيوني على تطويق مدينة القدس المحتلة عبر العمل على عددٍ من المحاور بشكلٍ متوازٍ من أجل تحقيق أهدافه الخبيثة في فرض أمر واقعٍ جديدٍ يسمح بالتقسيم الزمان والمكاني لمدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك؛ طمعًا في إحكام السيطرة الكاملة، واستهداف الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني في المدينة، حيث أشار التقرير إلى استمرار سلطات الاحتلال في دفع الزحف الاستيطاني في مناطق مفصلية داخل مدينة القدس، ودعم النشاط المتزايد للجمعيات الاستيطانية للاستيلاء على المزيد من المنازل والمنشآت في محيط الأقصى والبلدة القديمة، إضافة إلى هدم وتهجير أحياء سكنية كاملة، آخرها حي الشيخ جراح الذي تؤدي السلطة القضائية داخل الكيان الصيوني دورًا بارزًا في عملية السطو عليه.
وفي ختام التقرير، يدقّ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ناقوس الخطر بضرورة الصمود أمام العبث الصهيوني الهمَجِي، والتصدي للاقتحامات الموسعة لساحات المسجد الأقصى المبارك في الـ 28 من رمضان، والتي دعت إليها منظمات الهيكل "المزعوم" ورؤساء وحاخامات المدارس اليمينية المتطرفة عبر حملاتٍ إعلاميةٍ تحريضيةٍ ضخمةٍ، احتفالًا بذكرى احتلال بقية مدينة القدس. والتي من أبرز أشكالها الدعوة إلى إنشاد النشيد الوطني للكيان الصهيوني في باحات الأقصى.
ولفت المرصد إلى أن غاية المنظمات والجماعات الصهيونية من هذه الاقتحامات هي فرض واقع جديد يقضي بقدسية صهيونية "مزعومة" على الأقصى المبارك، وتقديم المناسبات الصهيونية على الإسلامية حال تزامنهما، وهو ما سبق وحدث حين اقتحم المستوطنون المسجد الأقصى يوم عيد الأضحى –عام 2019؛ لإحياء ذكرى ما يسمى "يوم خراب الهيكل المزعوم"، ما أدى إلى اندلاع المواجهات التي أسفرت عن إصابة نحو 37 فلسطينيًا واعتقال العشرات.
وأكد مرصد الأزهر على رفضه القاطع لأي إجراءات صهيونية تستهدف تغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم داخل المسجد الأقصى، محذرًا من عواقب الهجمة الصهيونية الغاشمة على المقدسات الإسلامية والمسيحية بدولة فلسطين المحتلة في الفترة الأخيرة، محملًا المجتمع الدولي نتيجة أي انفجار للأوضاع قد يحدث داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وشدَّد المرصد على أن التوعية بـ القضية الفلسطينية وفي القلب منها قضية المقدسات على رأس أولويات الأزهر الشريف، معربًا عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الرافض للعيش تحت وطأة الاحتلال، مشيدًا بصمود المرابطين داخل الساحات المقدسية، وداعيًا الله -عزَّ وجلَّ- أن يأذن بفجرٍ جديدٍ ينعم فيه الفلسطينيون بحقوقهم الكاملة، ويَلقى فيه الكيان الصهيوني مصيره المحتوم.