على مدار 11 يومًا يشهد حى الشيخ جراح بالقدس المحتلة مواجهات واشتباكات ومطاردات من قوات الاحتلال الإسرائيلى لأهالى الحي، بعد أن قرر الأهالى ونشطاء مواجهة أوامر إخلاء منازلهم لصالح جمعيات مستوطنين إسرائيليين، وحتى اليوم تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية محاولاتها لمصادرة الأرض والتوسع الاستيطاني فى مناطق متفرقة من القدس الشرقية، على رأسها حى الشيخ جراح، ومواصلة محاولات تهويد القدس، بينما لا يوجد خيار أمام الفلسطينيين إلا الصمود والتحدي.
وحاول العديد من الكتاب والروائيين، تجسيد معاناة تلك المدينة المقدسة، وآلام سكانها والمصاعب والمصائب والمحن الذين عاشوها بسبب احتلالها، ومحاولة الكيان الصهيونى تهوديها منذ أول يوم له على الأرض العربية فى فلسطين، ومن تلك الروايات التى تناولت معاناة المدينة، منها:
مصابيح أورشليم
رواية للروائى على بدر صدرت عام 2009، عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر، و إدوارد سعيد فى القدس، يرافقه يائيل وإيستر، وهما من أبطال روايات إسرائيلية، حيث يقودانه فى المدينة التى غيرت الكولونيالية معالمها، فأصبحت غريبة على ساكنها المحلي. إيستر ويائيل مولودان فى إسرائيل، وحالمان بدولة لا تتحقق أبداً: يائيل المؤمن بدولة إسرائيل يفقد إيمانه بسبب الحرب ثم يخون إيستر مع سائحة أمريكية (مثل بطل يهودا عميخاي)، فتنهار حياة إيستر، وتجد أن كل شيء يحيط بها زائف، كل شيء فى إسرائيل معرض للخلل والإنهيار، ومن خلال رؤية إدوارد سعيد، نصل إلى سردية فلسطينية عن القدس غير السردية الكولونيالية، سردية تناقض السردية الأولى وتهدمها. كل شيء قديم يتراءى خلف الشيء الجديد ويقضى عليه. المدينة مثل الطرس: كتابات تنكتب فوق كتابات، صور ترتسم فوق صور وكل كتابة تبدأ بالإمحاء. ترتسم على هذا الطرس كتابة أخرى لإدوار سعيد: حياته، مسيرته، الأشعار التى كان يحفظها وهو طفل، بيانات، موت، أحقاد، خرائط عتيقة، وهنالك الروايات الإسرائيلية المكتوبة عن القدس: روايات عاموس عوز، ديفيد غروسمان، ديفيد شاحور، إبراهيم بن يهوشوع، زوريا شيليف...أشعار وقصائد لمناحيم بياليك ويهودا عميخاى وغيرهما.
مدينة الله
مدينة الله هنا هى القدس التى اختصها الأديب «حسن حميد» الذى يصفها قائلا: "هنا، فى القدس، لا تدرى فى أى وقت تتعالى التكبيرات ودقات النواقيس، كما لا تدرى من أى الجهات تأتى الروائح الطيبة، ومن أين يتوافد الناس وأصحاب العربات والسلال، وكيف تجرى الأسواق والحارات بعضها نحو بعض، وتتلاقى مثل السواقي، هنا تسلم روحك للشوارع، فتماشيك الظلال والأنسام، وتباريك الوجوه التى تشبه أرغفة الخبز، ويدور بك التلفت والانتباه والصحو كى تلفك غواية المكان، وكى تظل على مبعدة كف من غيبوبة الافتتان. أصارحك بأننى مدهوش، ومسحور، أجلس وأمشي، وأنا فى خدر مشتهى أتمنى أن يطول، أشعر كأننى أرى ولا أرى، وأحس بأن ضباباً أبيض فضياً يكاد يغشى المدينة، فتستدير الهالات هنا وهناك، وتتعالى فى أرجحة كأنها مشدودة إلى حبال خفية تحجبها الغيوم".
عازفة الناى
تحكى "عازفة الناي" حكاية القدس، حكاية من أحب القدس فأصبح جزءا منها، غالب الزمن وانتصر على الموت ليعيش فى أكنافها، وحكاية من تخلى عن القدس وتنكر لها، فلفظته بعيدا، وتحولت حياته إلى حيرة وشقاء.
عازفة الناى فتاة عاشت فى الزمن الغابر، لكن روحها أبت أن تغادر المدينة التى أحبتها، فسكنت أحد جدرانها، وما فتأت تظهر لأولئك الذين يتخلون عنها، تعزف بنايها، تدعوهم إليها، تدعوهم ليعودوا. لكن أولئك يظنون أنها تنازعهم رغباتهم وأهواءهم التى باعوا القدس من أجلها. تخلى ربحى عن القدس، وباع بيت والده الذى يربض فى قلب المدينة قريبا من مسجدها الأقصى لأولئك الغرباء، مقابل أن يشبع نزواته، باع القداسة على طاولة القمار، فكان قدره أن يموت مشنوقا فى الصحراء.
برج القلق
صدرت رواية للأديبة المقدسية ديمة جمعة السمان، عام 2016 عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، وتقع فى 466 صفحة من الحخجم المتوسط، وتحكى رواية برج اللقلق قصة المكان، وقصّة الإنسان العربى المسلم الذى يشغل هذا الحيز. يتناغم المكان والزمان معا، لينتجا القدس التى ترفض بقوّة كلّ دخيل، وتفضح كل عميل. المكان هو برج اللقلق، وبيت عبد الجبّار القديم الذى قهر السنين، وبقى ثابتا راسخا يدلّ على أصالة المدينة، وشجرة البطمة التى تظلّل قبر الشيخ على منذ مئات السنين. وكما المكان، يبقى الإنسان راسخا فى هذه الأرض: يهلك على ويخرج على آخر، ويهلك عبد الجبّار ويخرج عبد جبّار آخر. أمّا نفيسة فهى حكاية المرأة القويّة التى تحمى عائلتها وزوجها وبيتها ومدينتها، وتهلك نفيسة لتخرج نفيسة أخرى، ولتنتهى رواية برج اللقلق عندما تفجر العجوز نفيسة، حفيدة نفيسة الأولى، نفسها فى حافلة للصهاينة، لتعلن ميلاد نفيسة أخرى وعبد الجبار وعلى آخرين.
حرام نسبى
"حرام نسبيّ" هى رواية تتصارع فيها الثنائية والثالوث، أما الثنائية فنجدها فى جدليات وجودية متناقضة، أهمها بين الأنوثة والذكورة، المرأة والرجل، السجن والحرية، الموت والحياة، الحبّ والخيبة، الحلال والحرام. وكلّها تتصارع فى جدليّة قاسية وتضادّ لا يرحم.
وأما الثالوث فلأنها أولا "تحوك الغرزة الثانية فى ثلاثية عن القدس"، وهى تغطيها فى ثلاثية الأقطاب: السياسى، الاجتماعى والدينى، وفى الثالوث المحرم: السياسة، الدين والجنس، وهى ثلاثية الأبعاد: البعد النسوي، المقدسى والعربى، أما الثالوث الأخير فهو الشخصيات الثلاث المتصارعة فى علاقة الحب: حوريّة، "هو" ونبيه.
أشباح القدس
صدرت للروائى الجزائرى الكبير واسينى الأعرج، عام 2008، عن دار الآداب للنشر والتوزيع، تدور الرواية حول مى فناية فلسطينية، غادرت أرضها الأولى فى 1948 وعمرها ثمانى سنوات، فى ظرف قاهر، بإسم غير إسمها وبهوية مزورة باتجاه العالم الحر بحثاً عن أرض أكثر رحمة وحباً، والرواية هى سيمفونية الوجع الفلسطيني. لقد كتبت بلغة شعرية مدهشة ومؤلمة فى أن واحد. تعكس بقوة وبوضوح الوجع الفلسطينى فى دول الشتات. وتلقى الضوء على ظلم الدولة العظمى فى ذلك الوقت وهى بريطانيا العظمى والتى انتجت بتعهداتها لليهود فى انشاء وطن قومى لهم على ارض فلسطين، مأساة القرن العشرين والتى تسببت فى الكثير من الحروب ولم تزل تعانى منها المنطقة العربية.
أرض اليمبوس
رواية ارض اليمبوس للكاتب الأردنى إلياس فركوح الصادرة عام 2008 رُشّحَت للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2008 حيث استطاع الكاتب أن يوحّد فيها بنية السيرة الذاتية لإنسان محدّد الهوية والانتماء، وسيرة الإنسان المغتربة بشكل عام، فى الرواية تختص القدس وعمان بمكانة بارزة، لهذا كانت رؤاه إزاء التحولات ومن ثم تداعياته، التى جلبت له المعاناة.
والرواية أيضا هى جزء من مشروع روائى يتناول بتصوير لغوى بديع و اسلوب رائع حصيله لبس فقط تجارب شخصيه بل لذاكرة جماعية من عام 1948 لسقوط القدس الشرقية فى العام 1967 ولتمدد السيرة حتى مشارف اندلاع الحرب على العراق فى العام 1991.