أعاد مسلسل "الاختيار 2" فى الحلقة رقم 26، التذكير بحادث مسجد الروضة بشمال سيناء، فى مشاهد تعيد للأذهان كيف قتل الإرهاب أكثر من 300 مصلى وهم يؤدون صلاة الجمعة فى مسجد قرية الروضة، غرب العريش، وهي إحدى قرى مركز بئر العبد، وإصابة 150 أخرين فى يوم 24 نوفمبر من عام 2017.
"اليوم السابع"، تعيد نشر تفاصيل الحادث وفقا لروايات الناجين منه الذين كتبت لهم الحياة بعد إصابتهم بينما فاضت بجوارهم أرواح أبائهم وأبنائهم وذويهم، ومسجد الروضة يعد من أشهر مساجد شمال سيناء، ويتميز بمئذنته العالية الإرتفاع، ويقع بين مسارى الطريق الرابط بين مدينة العريش، ومدينة القنطرة على ساحل شمال سيناء.
وقبل الحادث، إعتاد أهالى القرية أن تجمعهم صلاة الجمعة مع من يتوقفون للصلاة من المسافرين وزائرين للقرية من كل شمال سيناء، وخارجها إعتادوا قضاء يوم الجمعة مع أهل الروضة لما يتميزون به من الطيب وحسن المعاشرة ، وهو ما جعل القرية ملاذ آمن لكافة الفارين من جحيم الإرهاب من مختلف مناطق سيناء، أقاموا فيها بيوتهم البسيطة.
"الناجون من الموت "، رووا لـ"اليوم السابع"، جانب من تفاصيل الحادث، والذى وصفه مجدى رزق وهو معلم رياضيات، استقر بشمال سيناء قادما من محافظة البحيرة فى عام 1991، واختار قرية الروضة، يعلم أبنائها بأنه حادث بشع فقد فيه روحه بوفاة نجله وإصابته هو وابنه.
وقال "رزق"، إنه كان يجلس فى الناحية البحرية قرب باب المسجد، وشاهد مجموعة الإرهابيين، وهم يرتدون ملابس عسكرية، ويقتربون من المسجد، وظنهم قوة أمنية تقوم بأعمال تمشيط فى المكان، حتى فوجئ بدخولهم المسجد، وإطلاق النار فى ساحته بكل عشوائية على المصلين، وآخرين يلقون بقنابل حارقة بين المصلين، فإذا ما تحرك أحد أطلقوا عليه النار.
وتابع رزق: قدري أني اتخذت موضعا بجوار عمود المسجد، وحولى الجثث تتساقط والدماء تنزف، وبعد توقف إطلاق النار تحركت لأفاجئ بإصابتى فى الفخذ والدماء تنزف والآلام تشتد.. توقفت قليلا وبدأت أنظر حولي بحثا عن أبنائى حتى فوجئت أن ابنى أمير استشهد وأحمد الصغير نجا.
وأضاف رزق والد الشهيد، بدأت رحلة العلاج والحزن على فراق ابنى.. رحلة العلاج انتهت وألمى وحزنى على فقد ابنى لم ينتهى.. حاولت النسيان لم أستطيع، وبدأت فى النظر لصوره ورسم ملامحه وفوجئت إني رسمها كما هى.. استمريت فى الرسم وأحضرت صور الشهداء بينهم أطفال المدرسة التى أعمل بها.. ورسمتهم جميعا، وأصبحت معنى بتوثيق سيرة كل شهيد منهم بالرسم، وتنظيم معارض لهذه الرسومات حتى لا ننسى الحادث ولا تسقط الجريمة .
الجريمة لم ينساها أهل الروضة من تبقى منهم أحياء، بينهم الناجي من الموت "موسى سعيد"، الذي أشار إلى أنها وقعت مع بداية خطبة صلاة الجمعة، وكان فى هذا الوقت يجلس فى أول الصفوف، ومع إطلاق النيران وضع يديه على رأسه، ولازم الجدار وفوقه يتدافع المئات بحثا عن مخرج، حتى فقد وعيه، وعندما أفاق وجد أنه بين مئات الجثث.. بحث عن نجله علاء، وعرف أنه استشهد، كما استشهد صديقه الشهيد سليمان عزاره، الذى جلس بجانبه، حيث علق قائلا: رسالتى الوحيدة لقتلة ابنى "ربنا ينتقم منكم وحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم".
فيما قال الدكتور سليمان سالم شميط، أحد رموز قرية الروضة بشمال سيناء، ومدير إدارة بئر العبد التعليمية، وأحد مصابى حادث مسجد الروضة، أنه كان فى المسجد يؤدى الصلاة يوم الحادث، وأصيب بينما استشهد ابنه الوحيد الذى كان يدرس وقتها بكلية الهندسة.
وتابع سليمان، قائلا: نجاتي من الموت كانت أعجوبة، حيث أجلس فى الصلاة بالصف الثالث، وعندما هاجم الإرهابيين المسجد وأطلقوا النار، وبينما يتدافع المصلين للأمام فى اتجاه النوافذ وصلت أول صف، ولم استطيع القفز نظرا لثقل وزني، وكان كل من يحضر ويصل يطلقون عليه النار فيسقط فوقي، فحالت أجساد الشهداء دون وصول الرصاص لرأسي، ولكن أصيبت فى بقية جسمه، وسقط إبني الوحيد شهيدا أمام عيني.
وبعد حادث مسجد الروضة، شهدت القرية أعمال تحديث لمرافقها وترميم مساكنها، وعددا من المشروعات الجديدة أهدتها الدولة لأسر الشهداء .
وقال المهندس ناجى إبراهيم محمد، رئيس منطقة تعمير شمال سيناء، إن الجهاز التنفيذى لتعمير سيناء قام بإنشاء وتمويل عدد من المشروعات فى قرية الروضة فى قطاعات المرافق والإسكان والخدمات بتكلفة بلغت 127 مليون جنيها .
وأضاف رئيس المنطقة، أنه فى قطاع المرافق تم إحلال وتجديد شبكة المياه فى القطاعين الشمالى والجنوبى للقرية توابعها بطول 14 كيلو مترا، وبتكلفة بلغت نحو 11.2 مليون جنيها، إلى جانب إنشاء خزان أرضى للمياه سعة 1000 مترا مكعبا وعنبر طلمبات بتكلفة بلغت نحو 8.2 ملايين جنيها، كما تم إنارة الطريق الدولى من قرية سبيكة إلى قرية مزار بطول 7 كيلومترات بتكلفة بلغت 8.5 ملايين جنيها، وإنشاء ورصف شبكة طرق داخلية بطول 5 كيلومترات بتكلفة بلغت 10.9 ملايين جنيها .
وأوضح ناجى، أنه فى قطاع الإسكان تم رفع كفاءة عدد 584 منزلا بالقرية الأم وتوابعها بتكلفة 68.8 مليون جنيها، وإنشاء عدد 51 منزلا جديدًا بدلا من المنازل الآيلة للسقوط والعشش بتكلفة 15.3 مليون جنيها، بينما فى القطاع الخدمى تم إنشاء مبنى خدمى جديد بجميع المرافق على مساحة 300 مترا مربعا بتكلفة بلغت 3.9 ملايين جنيها .
ولفت رئيس المنطقة، إلى مشاركة العديد من الجهات العاملة فى محافظة شمال سيناء وخارجها فى هذه الأعمال، ومن بينها جهاز تعمير سيناء الذى قام بتنفيذ جميع الأعمال، ووزارة الأوقاف التى ساهمت فى تمويل رفع كفاءة 270 منزلا، ومشيخة الأزهر الشريف التى ساهمت فى تمويل رفع كفاءة عدد 25 منزلا، وجمعية الأورمان التى قامت بتمويل وتنفيذ عدد 54 منزلا، إلى جانب قيام محافظة شمال سيناء بالتمويل باستكمال باقى المنازل الخاصة بجمعية الأورمان وعددها 22 منزلا، حيث تم تسليم جميع المنازل والأعمال بقرية الروضة وافتتاح المشروعات المنفذة فى ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر الماضى .