ناقشت أولى جلسات الدورة الأولى لمنتدى وكالات ترويج الاستثمار في إفريقيا دور الحكومات والشركاء الإقليميين في تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة بالقارة، وذلك بمشاركة الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وإمكيلي مين، الأمين العام لسكرتارية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والدكتور الهادي محمد إبراهيم، وزير الاستثمار والتعاون الدولي بجمهورية السودان، وعبده فال، رئيس مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتشجيع الاستثمار والمشاريع الكبرى بدولة السنغال.
وناقش الحضور قدرات القطاع الخاص في القارة على مواجهة تحديات التنمية، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكلفة تحقيق أهداف التنمية المستدامة للقارة بحلول عام 2030 ستبلغ حوالي 1.3 تريليون دولار سنويًا، خاصة مع زيادة سكانية تُقدَّر بنسبة 45٪ خلال الفترة من 2020 حتى 2030، ما يستدعي دور أكبر للقطاع الخاص في زيادة مستوى الدخول وإعادة توزيعها، بالإضافة إلى المساهمات التنموية للقطاع الخاص في تشييد بنية تحتية قوية في القارة الإفريقية، والتوسع في مشروعات الاقتصاد الأخضر.
واستعرض الحضور أفضل الممارسات الدولية والأفريقية في مجال تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتشجيعه على الاستفادة من المزايا النسبية للقارة الإفريقية والتي تتمثل في امتلاك حجم هائل من الموارد الطبيعية ورأس المال البشري.
كما تمت مناقشة دور برامج الإصلاح الاقتصادي الهيكلي في تعزيز قدرة البلدان الإفريقية على الصمود في مواجهة التحديات العالمية الحالية غير المسبوقة، وأهمية دور الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص والشركاء الإقليميين في تحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا من خلال تنفيذ مشاريع ضخمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والصحي والاجتماعي للشعوب الإفريقية، ودور المبادرات العامة والخاصة في رفع جودة الموارد البشرية للشعوب الإفريقية من خلال تحسين الخدمات الصحية والحد من التوابع السلبية لجائحة "كورونا".
وتوقعت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، زيادة مشاركة القطاع الخاص في معدلات التنمية والنمو، خاصة أن الحكومة المصرية تتعاون مع القطاع الخاص في وضع خطط التنمية الاقتصادية، وهذا يتضح في الإصلاح التشريعي والتنفيذي الذي قامت به الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، حيث تم إقرار عدد من القوانين في هذا المجال أهمها قانون الاستثمار المحفز لمشاركة القطاع الخاص، وقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص.
وفيما يخص الخطوات التنفيذية تم إنفاق 1.7 تريليون جنيه، أي ما يتجاوز 100 مليار دولار، على مشروعات البنية التحتية في مصر، لخدمة المواطنين والقطاع الخاص ما انعكس على المؤشرات الدولية للتنافسية وجودة الطرق والكهرباء لخدمة المواطنين والقطاع الخاص، كما تم تأسيس أول صندوق سيادي مصري، الذي يقوم بتنفيذ العديد من المشروعات بمشاركة القطاع الخاص.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، على تطابق المحفظة التمويلية التنموية في مصر، والتي تبلغ قيمتها 25 مليار دولار مع أهداف التنمية المُستدامة الخاصة بمصر، كما أنها نموذج يُحتذى به عالميًا فيما يخص مشاركة القطاع الخاص، حيث حصلت مصر على جوائز وإشادات دولية على مشروعاتها التنموية مثل محطة بنبان، أضخم مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية على مستوى العالم، والذي يتم بمشاركة القطاع الخاص.
وقال الدكتور الهادي محمد إبراهيم، وزير الاستثمار والتعاون الدولي بجمهورية السودان، إن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان كان شديد الأهمية لمساعدة السودان في تنفيذ هدفه بالعودة إلى العالم اقتصاديًا .
وأضاف الدكتور الهادي محمد إبراهيم أن مصر، عبر رئيسها وحكومتها، أكدوا على دعم السودان فيما يخص مشروعات البنية التحتية، خاصة مشروع الربط الكهربائي، الذي زادت طاقته الإجمالية من 70 إلى 300 ميجا وات هذا العام.
وأكد الدكتور الهادي محمد إبراهيم على سعي بلاده إلى تأسيس علاقة ناجحة تحقق الأمن الاقتصادي لمصر والسودان، وأنه تم إعداد حزمة من المشروعات لطرحها على رجال الأعمال المصريين والأفارقة الراغبين في الاستثمار في السودان، في قطاعات الطاقة والتعدين والنقل والزراعة والثروة الحيوانية والاتصالات والتحول الرقمي.
وقال وإمكيلي مين، الأمين العام لسكرتارية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، إن اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية ستكون داعمة لحركة الاستثمارات البينية داخل أفريقيا، كما تدعم تدفق التجارة البينية.
وأضاف أن اتفاق 36 دولة أفريقية على إزالة الحواجز التجارية بينها سيكون نواة لخلق سلاسل من القيمة المضافة عبر دول القارة، وهذه السلاسل ستحتاج إلى تدفق الاستثمارات لتأسيس صناعات جديدة، وسينقسم دور الحكومات إلى تهيئة البنية التحتية لاستقبال الاستثمارات الأفريقية البينية، ووضع إطار تشريعي وتنفيذي عام لبيئة الاستثمار في القارة، وهذا دور منتدى رؤساء وكالات الاستثمار.
وقال عبده فال، رئيس مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتشجيع الاستثمار والمشاريع الكبرى بدولة السنغال، إن مصر تقوم بدور كبير لدعم أشقائها الأفارقة، ومنها إقامة هذا الملتقى لمناقشة خطط التعافي واستعادة النمو.
وأضاف عبده فال أن مصر تتحمل مسئولية كبيرة لضرب المثال والتحول نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة والمنتجات الصناعية، حيث تنتج مصر وجنوب أفريقيا أكثر من 54% من الطاقة في القارة، ما يُظهر أهمية تبادل المنافع والخبرات بين دول القارة من جهة ومصر من جهة أخرى، فمصر بحاجة إلى الموارد الأفريقية، وأفريقيا تحتاج إلى الخبرات والاستثمارات المصرية في مجال التصنيع وتوفير الطاقة.
وانطلقت اليوم جلسات المنتدى الأول لرؤساء وكالات الاستثمار في أفريقيا تحت عنوان "التكامل من أجل النمو" بمدينة شرم الشيخ والذي من المقرر أن يستمر حتى 14 يونيو الجاري، وذلك بمشاركة وزراء الاستثمار ورؤساء هيئات الاستثمار الإفريقية من 34 دولة إفريقية، وممثلي التكتلات والمؤسسات الاقتصادية الدولية والإفريقية، وكبار رجال الأعمال المصريين المهتمين بالاستثمار في الدول الإفريقية.
ويأتي استضافة مصر للمنتدى الأول لرؤساء هيئات الاستثمار في إفريقيا مُكملاً لجهود الدولة المصرية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة، وسيمثل ركناً أساسياً في خطة تعزيز التعاون الفني والاستثماري بين هيئات الاستثمار الأفريقية، وتبادل الخبرات والرؤى لتنمية وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وتبادل البيانات والمعلومات حول مناخ الاستثمار والحوافز المُقدمة للمستثمرين، لتحقيق واحد من أهم بنود أجندة الإتحاد الأفريقي 2063، وهو زيادة التركيز على الاستثمار البيني الإقليمي كوسيلة لتسريع النمو.