هل نعيش عصر المادة أم الغلبة للعواطف؟.. كتاب "عبادة المشاعر" يجيبك

السبت، 12 يونيو 2021 06:00 م
هل نعيش عصر المادة أم الغلبة للعواطف؟.. كتاب "عبادة المشاعر" يجيبك عبادة المشاعر
رامى سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ميزة الدراسات الرصينة، قدرتها على تغيير مفاهيمك، وفتح عينيك على واقع لم تكن تراه أو تنتبه إليه، ففى الوقت الذى تعقد فيه جازمًا أنك تعيش عصرا تحكمه وتتحكم فيه المادة، يسوق إليك الفيلسوف الفرنسى ميشيل لاكروا عشرات الحجج، تُقنعك بعكس ما تظن.
 
إذ يرى لاكروا فى كتابه "عبادة المشاعر" وهو -يقصد العنوان كمعنى ومضمون- أن هناك ردة ورجوعًا للمشاعر بسبب الفراغ الذى أحدثه انهيار الإيديولوجيات حول العالم وضبابية الرؤية المستقبلية، إضافة إلى سطوة العولمة والعالم التقنى على الكوكب الذى يشعر معه الإنسان بأنه يعيش تطورًا ليس فاعلا فيه، وأن كل ما يجرى حوله خارجا تماما عن سيطرته، ومن هنا ومع تعذر قدرته على الفعل، تنمو والعاطفة وتنشط كتعويض وبديل عن العجز.
 
ويقول لاكروا إن الصحوة العاطفية التى يشهدها القرن سيطرت تماما على كل المجالات تقريبا، بدءا من الصحف والدعاية والإعلان والسياسية والعبادات وصولا بالسينما والألعاب الرياضية.
عبادة المشاعر
 
ويدلل لاكروا على فرضيته بمثل قوى الدلالة، من مجال الدعاية والإعلان، حيث اعتمدت إحدى شركات رهانات سباق الخيول شعار حملتها الدعائية تحت عنوان "العبوا بمشاعركم" وهو ما فسره لاكروا بإدراك الشركة أن المشاعر التى يحسها المراهن أعلى قيمة بكثير من الربح، إذ أن المخاض النفسى الذى يحسه المراهن أثناء اللعب أهم من كسب النقود ذاتها.
 
وفى السياسية يُسوق لاكروا واقعة غضب الرأى العام الروسى من الرئيس فلاديمير بوتين بسبب ما أسماه بـ"انعدم الحس"، إذ أشار إلى حادثة عام 2000 التى شهدت غرق الغواصة كورسك، وتعامل بوتين معها خلال أول يومين بلا مبالاة، إذ ارتأى أنه لا داعى لقطع إجازته.
 
ويلفت لاكروا إلى أن ما أغضب الرأى العام آنذاك أن بوتين لم يبد أى "مشاعر" تجاه الحادث، وهو ما اعتبره الرأى العام وقتها "انعداما للحس" وأثر بشكل سلبى على شعبيته فيما بعد. 
 
ويسوق لاكروا مثلا آخر معاكسا فى السياسية، وهو تعامل الرئيس الفرنسى جاك شيراك مع حادثة الكونكورد، بأكثر مما هو سياسى وبرتوكولى إذ لم يكتف شيراك بتقديم عبارات العزاء لعائلات الضحايا بل آثر التصريح بهذا التعبير "أحس بمشاعر قوية" وهى كلمات عاطفية قوية الدلالة.
 
ومن جملة الأشياء التى يعيد تفسيرها لاكروا، هى الألعاب الرياضية الخطرة التى لا هدف من ورائها حسب تعبيره سوى زيادة المشاعر وتحديدا التوتر، إذ يصف رياضة التزحلق بأنه نوع مولد للخوف الشبقى والرهبة. 
 
كما يرى لاكرو أن علم النفس الحديث يعيد تفسير الأشياء كلها على نحو شعوري، الأمر الذى لم يكن يوليه علماء النفس فى السابق أى أهمية مثلما يفعل المعاصرون، فهم يرون على سبيل المثال أن العذاب النفسى لا يأتى من الاحاسيس التى نعبر عنها، ولكن من تلك التى نبذل مجهودًا لكبتها، والنهاية يقترن كل شيء عند المدرسة الحديثة بالشعور والاحاسيس.
ويذهب أنصار هذا المذهب العلاجى إلى أن المرض النفسى سببه كبت الشعور خصوصا فى مراحل الطفولة التى يحاول من خلالها الأبوين تحجيم شعور الطفل بالتوجيهات كـ :" الولد الكبير لا يبكي" " البنت اللطيفة لا تغضب" " من البشاعة أن تكون عابسا" "من القبح أن تكون غيورا"، "لا ينبغى الصراخ ولو عند الفرح".
 
ويستخلص لاكرو من تلك الأمثلة العديدة أننا أمام إنسان جديد يقدس المشاعر ويعمل على تضخيمها بأكثر مما هو ضروري، استعاضا عن عجزه فى مواجه العالم التقني.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة