بعد سقوط كريستيان إريكسن، لاعب خط الوسط الدنماركي، فى مباراة منتخب بلاده أمام فنلندا فى يورو 2020 بالملعب إثر توقف قلبه، أثير الكثير من الجدل حول هذا اللاعب الدولى الشهير الذى يخضع لفحوصات كثيرة وتوقف قلبه فجأة بالملعب دون معرفة سبب ذلك، ولكن إنقاذ اللاعب بشكل سريع قبل نقله إلى المستشفى كان مثار إعجاب الأطباء والمتخصصين في هذا المجال، حيث إن إنقاذ المريض الذى يتوقف قلبه لابد أن يتم خلال 3 إلى 4 دقائق فقط والا فإنه يتعرض لتوقف المخ والموت المفاجئ.
وقال الدكتور جمال شعبان أستاذ أمراض القلب بمعهد القلب القومى، تعليقا على إنقاذ لاعب خط الوسط الدنماركى كريستيان إريكسن، إن أهم الإسعافات المفرحة التي أجريت للاعب في الملعب وقبل نقله الى المستشفى إنه تم استعادة النبض والتنفس، موضحًا إن جهاز صدمات القلب الذى تم استخدامه في إنقاذ المريض لابد أن يتوافر الملاعب والأندية والساحات العامة والأماكن التي ينتشر فيها التجمعات، وهو يسمى الصاعق الأتوماتيكى، وبعد إعادة درجة الوعى يمكن زرع صادم أتوماتيكى داخلى لكى يتعامل مع هذه الحالة، حيث يعطى الصدمة أوتوماتيكيًا بدون الاستعانة بشخص آخر يقوم بمساعدته.
وقال، إن هذه الحالة حدثت نتيجة الذبذبة البطينية أو تسارع ضربات القلب، وتكون عادة مصحوبة بانخفاض حاد في ضغط الدم يمكن أن يصل إلى صفر، ما يحدث تراجعًا في وصول الدم إلى المخ فيفقد المريض الوعى والتوازن.
وأضاف، أن الأشخاص الأقل من 35 غالبًا يكون لديهم اعتلال غير مرئى في عضلة البطين الأيمن أو الأيسر، أو متلازمة كهربائية كامنة لأن اللاعب عادة ما يمر باختبارات كثيرة تظهر أحيانًا وتختفى أحيانًا، وأحيانًا الاعتلال يكون طفيفًا ما يمر على الموجات الصوتية العادية دون اكتشافه، لذلك يحتاج إلى دراسة عالية الدقة بالرنين المغناطيسي على عضلة القلب، ويحتاج إلى خبرة عالية جدًا والأطباء المدربين على اجراء هذا الفحص قلائل جدًا في مصر، حيث يحتاج الطبيب إلى تمرين كبير لاكتشاف الاعتلال الميكروسكوبى الطفيف في عضلة القلب.
وأوضح، أنه تم إنقاذ اللاعب في وقت قياسى نتيجة وجود ثقافة إنقاذ مريض توقف القلب.
وأشار الدكتور هشام بشرى محمود أستاذ أمراض القلب، نائب رئيس جامعة بنى سويف السابق، إنه تم إنقاذ المريض والتعامل مع الحالة في الملعب، ولم يكن هناك استعجال لنقلة إلى المستشفى بدليل أن الفريق كان مدربًا تدريبًا كبيرًا على إنقاذه، والدليل أنه كان يوجد بالملعب جهاز الصدمات الذى تم استعماله مع المريض والمسمى"AED"، لعودة ضربات القلب للعمل من جديد حيث أصيب اللاعب بما يسمى بتوقف لحظى للقلب.
وقال، إن إنقاذ المريض بسرعة أمر ضرورى لأنه من المعروف أنه حال إطالة توقف القلب أكثر من 3 إلى 4 دقائق يؤدى ذلك إلى تلف خلايا المخ، ما يؤدى الى الوفاة، موضحًا أنه من المشاهد الرائعة في الملعب كان كابتن الفريق وهو لاعب كرة وليس طبيبًا قام بوضع إريكسن بالوضع الذى يسمح له بالتنفس والتأكد من عدم بلع اللسان حيث تم وضعه على بطنه كما قام بوضع يده في فم إريكسن للتأكد مع عدم بلع لسانه حتى لا يسد مجرى التنفس، والمشهد الثانى الرائع إيقاف الحكم فورًا للمباراة والاستدعاء العاجل للطاقم الطبي.
المشهد الثالث التعامل الرائع والدقيق والسريع للطاقم الطبي دون الحاجة إلى نقله إلى المستشفى إلا بعد استقرار الحالة الطبية.
وأضاف، أن توقف القلب للاعب كريستيان إريكسن كانت أسبابه غير معروفة وفى الأغلب إنه يحتاج إلى عدد من فحوصات القلب من ضمنها تسجيل ضربات القلب لفترة لا تقل عن أسبوع لفحص انتظام ضربات القلب، وعدم وجود انسدادات لضفيرة القلب وإعادة فحص القلب بالموجات الصوتية وأشهر الحالات لدينا في مصر هو لاعب الأهلى السابق والمنتخب القومى محمد عبد الوهاب والذى توفى بالملعب أثناء تدريب النادى الأهلى عام 2003 نتيجة إصابته بمرض وراثى "HOCN" وهو ما يعرف باسم تضخم عضلة القلب، ولم يتم اكتشافه رغم وصوله للمستوى الدولى.
وأضاف، أن اللاعب محمد صديق لاعب النادى الأهلى السابق والذى تم إنقاذه بالملعب نتيجة ابتلاع لسانه واستطاع الطبيب المصرى بالملعب إنقاذه وعاد اللاعب لممارسة كرة القدم بعد ذلك بعد انقاذ حياته اثناء مباريات المواجهات الافريقية بالنادى الأهلى.
وأوضح، أن أشهر لاعب اختنق نتيجة بلع لسانه الهادى بن رخيصة، وهو لاعب تونسي وتوفى أثناء اللعب نتيجة بلع اللسان، موضحًا إن هناك لفتات إنسانية حتى لا يتأثر جمهوره حيث التف حوله أصدقاؤه من اللاعبين ولم يتم إعادة المباراة الا بعد الاطمئنان على صحة اللاعب.
كريستيان اريكسن
وكانت قد كشفت صحيفة الإندبندنت، عن أن إريكسن حاليًا "مستيقظ" ويخضع لاختبارات في المستشفى بعد سقوطه على أرض الملعب وتلقي الإنعاش القلبي الرئوي، وأكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن إريكسن حالته مستقرة، وقد استؤنفت مباراة الدنمارك وفنلندا مساء السبت.
وقال منظمي البطولة إن حالة اللاعب البالغ من العمر 29 عاما أصبحت مستقرة.
كريستيان
وأكد الاتحاد الدنماركي في وقت لاحق أن "إريكسن مستيقظ وحالته مستقرة"، "لا يزال في المستشفى لمزيد من الفحوصات."
وأكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إيقاف مباراة المجموعة الثانية بسبب "حالة طبية طارئة" بعد أن سقط إريكسن، 29 عاما، على الأرض في ملعب باركين قبل وقت قصير من نهاية الشوط الأول، مما ترك لاعبي الفريقين في محنة واضحة.
وقالت صحيفة الإندبندنت، لقد استدعى الحكم الإنجليزي أنتوني تايلور المسعفين إلى أرضية الملعب وخضع إريكسن لعلاج مطول، بما في ذلك الإنعاش القلبي الرئوي.
وشكل زملاؤه درعًا حول لاعب توتنهام السابق، فيما أصيب المشجعون داخل الاستاد بالذهول بشكل واضح من الحادث، مع تصوير البعض وهم يذرفون الدموع.
وأكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" أن المباراة، التي انطلقت أصلاً في الخامسة مساءً بتوقيت المملكة المتحدة، ستستأنف في الساعة 7.30 مساءً بناءً على طلب اللاعبين من كلا الفريقين.
وجاء في البيان: "بناءً على طلب لاعبي الفريقين، وافق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على استئناف المباراة بين الدنمارك وفنلندا الليلة في الساعة 20:30 بتوقيت وسط أوروبا، حيث لعبت الدقائق الأربع الأخيرة من الشوط الأول، ثم استراحة لمدة خمس دقائق ونصف الشوط الثاني تلاها الشوط الثاني."
وأشارت الدكتورة جميلة نصر رئيسة قسم القلب بجامعة قناة السويس، إلى أنه لكل 100 ألف رياضى شاب هناك من 1 إلى 3 يحدث لهم عدم انتظام لضربات القلب والوفاة فجأة أثناء ممارسة الرياضة، والنسبة أكثر في الرجال، حيث قد تصل من 9 إلى 10 مرات، موضحة أن أسبابها مختلفة، والسبب الأكثر شيوعًا هو نتيجة اعتلال تضخم عضلة القلب، والذى يسبب اضطرابات أخرى بالقلب.
وأوضحت، أن تشوهات الشرايين التاجية وحالات نادرة أخرى يحدث فيها خلل مفاجئ في نظام القلب، مثل تعرض المريض لضربة مباشرة على الصدر، والتي تسبب اضطراب في القلب، موضحة، إن هناك علامات تحذيرية مثل الإغماء أو ضيق التنفس أو توقف التنفس المفاجئ أو الانهيار لذلك ننصح بالكشف المبكر للاعبين.
وقالت، إن إنقاذ اللاعب كريستيان إريكسن كان بمثابة ملحمة إنسانية طبية غيرعادية، وهو كان واضحًا في التصرف تجاه هذا الموقف، حيث لم يستغرق سوى دقائق حيث تم انعاش القلب الرئوي خلال دقائق تميز بالمهارة والإنسانية والحرفية وكان نموذج مبهر.
وقالت، إن هذا الموقف تلخص كل معانى الطب في كيفية إنقاذ حياة الإنسان فطبعًا اللافت للنظر وجود معدات مهمة ساعدت في إنقاذ المريض وهو جهاز الصدمات الكهربائى والذى لابد أن يتوافر في حقيبة الاسعافات الأولية في كل مباراة وكل من كان حول اللاعب حتى دون الأطباء كان لديه أساسيات لانعاش القلب، حيث قام بوضع اللاعب على الوضع الأيمن وهو الوضع الذى يستطيع من خلاله فتح مجرى الهواء.
وأضافت، أن كل هذه الأمور كانت واضحة خلال عملية إنقاذه، حيث تم انعاش القلب الرئوي وفق الخطوط الاسترشادية العالمية خلال 20 دقيقة، وتبين وجود مسفعين محترفين وبرز أهمية الطب الاستباقى والاهتمام بهذه الحالات رغم قلتها وكانت ملحمة إنسانية طبية لأن زملاءه قاموا بعمل كردون حوله للتخفيف على أهله لعدم رؤيته وهو بهذه الوضعية.