خبر مؤسف بات عليه أمس أهالى قرية تونس بمحافظة الفيوم، وهو رحيل "إيفيلين بوريه" التى كانت لها البصمة الكبرى والمؤثرة فى حياة أهالى القرية، حيث توفيت السيدة وعمرها 83 عامًا، قضت منهم أكثر من 55 عامًا بين سيدات القرية كفلاحة مصرية، وتعود القصة إلى سبعينيات الفرن الماضي، وقتها كانت السيدة "إيفيلين بيوريه" الفنانة التشكيلية السويسرية فى زيارة إلى مصر، وجذبها جمال القرية وطبيعتها الخلابة، فلم تستطع العودة إلى بلدها، وقررت أن تكمل حياتها فى مصر وبالتحديد داخل قرية تونس؛ لتحولها من مكان شديد الفقر إلى بلدة منتجة تخلو من البطالة، ومنتجع سياحى يأتى إليه القاصى والدانى، ترى ماذا فعلت السيدة "يفيلين" التى رحلت عن عالمنا في هدوء تام؟
أحد المبانى
عدسة "اليوم السابع" ذهبت إلى قرية "تونس"، وتجولت داخل لوحة فنية شديدة الجمال والجاذبية في الطرقات تحت سماء صافية، على أرض خضراء خصبة، وبين مبانٍ عليها رسومات جرافيتى جذابة الألوان. في الأمس القريب وقد كان السائحون يلتقطون الصور التذكارية بين أجود أنواع الخزف بأشكاله المختلفة، لكن اليوم يودعون مع أهالى القرية السيدة الأكثر تأثيرًا عليهم، وصاحبة السر الذي جعل هذه القرية تتميز عن غيرها من القرى الفيومية المختلفة.
إيفلين
في صورة باهتة نرى مدرسة من الطين اللبن، بداخلها أطفال وبينهم سيدة تعلمهم فن الخزف، تلك هي الصورة النمطية التي كانت سائدة قديمًا، وافتتحت تلك المدرسة الفنانة "إيفيلين بوريه" ليتخرج منها ثلاثة أجيال، كل جيل يعلم الآخر، حتى انفردت قرية تونس في عهدنا بصناعة الخزف في مصر والعالم العربى.
تشييع جنازة إيفيلين
والتقينا "نهلة مصطفى" فتاة فى العقد الثالث من عمرها، تخرجت فى كلية اللغة العربية جامعة الفيوم، لكنها عشقت وتعلمت فن الخزف منذ صغرها على يد "إيفيلين"، لذا قررت أن تنحى الوظيفة جانبًا، وأن تكون من الأيادى المنتجة داخل القرية وتعتمد على نفسها ويكون لها دخل خاص بها.
تقول "نهلة" تألمت كثيرًا حين سمعت خبر وفاة السيدة "إيفيلين"، فعلى الرغم من أن سنها تعدى الـ80 عامًا، إلا أنها كانت فى منتهى النشاط، فلم تخلف عادة يومية لها، كما أنها كانت تلتقى بنا وبالأهالى المقربين لها كل فترة بسبب حائجة كورونا، وكنا نخاف عليها جدًا ونخشى أن تصاب بأى عدوى، حتى توفتها المنية فى هدوء تام.
إيفلين
أما "توفيق" فقال: "القرية كلها حزنت عليها، ومافيش بيت فيها إلا وطلع للجنازة، ناس كتير من كل حتة شاركوا في العزاء، مدام إيفيلين علمتنا حرف فتحت بيوتنا كلنا، وكل أهالى القرية مدينة ليها بالخير اللي عملته علشانا، كلنا بندعلها بالرحمة، وهتفضل مدرستها مفتوحة لآخر العمر عشان أحفادنا وأحفاد أحفادنا يتعملوا حرفة الخزف".
"إيفيلين بوريه" هي فنانة تشكيلية سويسرية خريجة فنون تطبيقية، جاءت إلى مصر فى أوائل الستينيات مع والدها الذى كان يعمل فى مصر، وتزوجت الشاعر سيد حجاب، وحضرت لقرية تونس فانبهرت بالحياة البدائية بها، وقررت الإقامة فيها حتى بعد انفصالها عن زوجها، كما أوصت بأن تدفن بها بعد وفاتها.
أحد الشوارع
بولا خزفيه
جرافتى على جدران القرية
شباب من القرية يعمل بالخزف
أحد معارض قرية تونس