طفلة غلبانة وموهبة عظيمة، داخلها حزين لكنها كانت عنوان للبهجة والجمال طاقة فنية جبارة، لكنها كانت قليلة الحيلة فى كثير من مواقف الحياة، أحبها الجميع لكنها فشلت فى أن تجد الحب الحقيقى الذى يحتويها ويخفف عنها هموم الحياة، هكذا كانت السندريلا سعاد حسنى التى تحل ذكرى وفاتها اليوم تجمع بين العديد من المتناقضات والصفات.
سعاد حسنى حالة فنية وإنسانية خاصة وفريدة، لم تكن موهبتها وشخصيتها ملفتة فقط لملايين الجماهير التى عشقتها بل كانت ظاهرة خاصة بين زملائها الذين تعاملوا معها، وتحدثوا عنها، وعرفوا صفاتها وشخصيتها عن قرب.
واليوم فى ذكرى رحيل السندريلا التى غادرت عالمنا فى حادث غامض فى مثل هذا اليوم الموافق 21 يونيو عام 2001 نعرض لآراء وانطباعات العديد من النجوم الذين تعاملوا عن قرب مع السندريلا من خلال حوارات وتصريحات خاصة لـ"اليوم السابع".
وكان الفنان الكبير رشوان توفيق تعاون مع السندريلا فى فيلم نادية، وفى حوار لـ"اليوم السابع" تحدث عن السندريلا قائلا: "سعاد حسنى إنسانة جميلة وفنانة شاملة لا تقل عبقرية عن فاتن حمامة وأعتبرها فنانة عالمية، ولكنها كانت بسيطة، ومرت بأزمات كثيرة ولم يكن لها نفس ذكاء عبدالحليم وأم كلثوم وعبدالوهاب الذين كان لكل منهم فريق يساعد ويخطط له للوصول إلى القمة".
وتابع: "سعاد لما بتمثل بتنط جوه الشخصية، كنا بنصور فيلم نادية فى مركب بالإسكندرية، وعندما تلبس السندريلا شخصية نادية تطلع ساكنة وصامتة وتبقى لساعات لا تتكلم مع أحد، وعندما ترتدى ملابس شخصية منى تتنطط ولا تكف عن الكلام".
أما الفنانة المعتزلة شمس البارودى فتحدثت فى حوار لـ"اليوم السابع" عن علاقتها بالسندريلا، مؤكدة أن سعاد حسنى كانت تقول لها دائما أنها تشبه شقيقتها الصغرى التى توفيت فى شبابها، كما كشفت الفنانة المعتزلة خلال الحوار تفاصيل لقاء زوجها الفنان حسن يوسف بسعاد حسنى قبل وفاتها وبعد سفرها الأخير إلى لندن.
وقالت شمس البارودى: «بعد اعتزالى بسنوات كان زوجى حسن مسافرًا إلى لندن مع ابننا محمود للدراسة، وذهب إلى فندق يمتلكه مصرى وكان هذا فى شهر رمضان، وفى الريسبشن اجتمع حوله عدد من المصريين، وفوجئ بصوت يناديه «إزيك يا حسن»، وكانت سيدة تجلس فى الرسيبشن وإلى جوارها بعض الشنط فنظر إليها ولم يعرفها بسبب تغير شكلها، فقالت له: «أنت مش عارفنى أنا سعاد يا حسن، فأصيب حسن بالصدمة والخجل، لأنه لم يعرفها بسبب تغير شكلها، وبعدها ذهبت معه لنسأل عنها فأخبرنا صاحب الفندق أنها غادرته فى نفس اليوم الذى قابلت فيه حسن».
وتحدث الفنان حسن يوسف "الولد الشقى" الذى شارك السندريلا عددًا من أشهر أعمالها فى حوار لليوم السابع ووصفها قائلا: "سعاد عاشت وماتت غلبانة ولم تأخذ حقها، وجمعتنا أعمالاً كثيرة نشأت بيننا خلالها علاقة صداقة، وكانت تعتبرنى أخًا لها وتقول لى: "أنت الوحيد اللى ماعكستنيش".
وتابع: "كنت أقول لها انتى خايبة وصعبانة عليا، لأنها كانت على نياتها وإذا أخطأ فيها شخص لا ترد، حتى أن أحد المنتجين طردها لتأخرها عن التصوير، وعندما أبلغوها بأوردر اليوم التالى حضرت لإحساسها بالالتزام، وكانت متواضعة وخلوقة، كما كانت لا تلمع إلا عندما يبدأ التصوير وأول ما ينطفى النور تنطفى، وكثيرًا ما تدخلت فى حل مشاكلها الزوجية مع على بدرخان وصلاح كريم، وبعدها انقطع التواصل بيننا حتى رأيتها للمرة الأخيرة فى لندن قبل وفاتها بسنوات".
وأشار الولد الشقى إلى أنه التقى السندريلا قبل وفاتها فى لندن، حيث رآها فى الفندق الذى تقيم فيه وكان ذلك فى شهر رمضان وقبل الإفطار، قائلًا: "فوجئت أثناء وقوفى بالرسيبشن بسيدة ممتلئة تجلس على كنبة، وتقول لى إزيك يا حسن، ولم أعرفها وتعجبت من أنها تعرفنى وتنادينى دون ألقاب، فإذا بها تقول لى: مش عارفنى يا حسن أنا سعاد حسنى، وشعرت بأن دش مياه بارد سقط فوق رأسى فأخذتها بالحضن واعتذرت لها بأن هذا تأثير الصيام والسفر حتى أخفى الحرج، وشعرت بأننى أخطأت خطأ كبيرا لأننى لم أعرفها، بسبب تغير شكلها وهيئتها، وكانت وقتها مصابة بالعصب السابع وترتدى ملابس بسيطة، وقلت لها: ما تتحركيش أنا هطلع الشنط الغرفة وأنزل نفطر سوا، ونزلت فلم أجدها وقالوا لى أخذت تاكسى ومشيت، فانتظرتها وسألت عنها طوال اليوم والأيام التالية ولم تعد، وأعتقد أنها حزنت على نفسها لأن شكلها تغير لدرجة أن رفيق عملها لسنوات طويلة لم يتعرف عليها، وحاولت البحث عنها دون جدوى ولم أعرف عنها شيئًا حتى سمعت خبر وفاتها".
أما الفنانة الكبيرة إنعام سالوسة التى انتشرت شائعات تشير إلى أنها قامت بتدريب السندريلا على التمثيل والإلقاء، وهو ما نفته سالوسة فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، حيث خرجت الفنانة الكبيرة عن صمتها لتقول بغضب يخالف طبيعتها الهادئة الطيبة وبمشاعر حب ووفاء شديد لرفيقة عمرها سعاد حسنى، وبشجاعة وحسم من يكره الادعاء والكذب، حتى إن كان سيمنحه دورًا أكبر، "أنا مادربتش سعاد على التمثيل والإلقاء زى ما بيقولوا والكلام ده كذب وبيزعلنى جدًا".
وأشارت الفنانة القديرة إلى أن علاقتها بالسندريلا بدأت وهما فى سن صغيرة فى بداية مشوارهما الفن، قائلة: "أنا ماكنتش أعرف حاجة عن التمثيل وقتها، وكنت لسه طالبة فى الجامعة بكلية الآداب، ولم ألتحق بعد بمعهد التمثيل، واتعرفت على سعاد فى فرقة عبدالرحمن الخميسى، ولم أعلّمها شيئا".
وتابعت: "ماكنش حد يعرفنى ولا يعرفها وكنا إحنا الاتنين مجهولين ولا كان حد فينا لسه اشتغل فى أى عمل، إزاى أدربها وأنا ماكنتش وقتها أعرف أمثل، وكنت لسه مبتدئة"، مؤكدة أنهما تعرفتا على بعضهما فى فرقة الخميسى ولم تعملا بها.
وأشارت سالوسة إلى أنها عملت مع سعاد حسنى فى فيلم نادية كدوبليرة، قائلة: "كنت أنا وسعاد حجم واحد واشتغلت معاها دوبليرة فى فيلم نادية وفيلم آخر، واستمرت علاقتى بها حتى وفاتها، وكانت علاقة بره التمثيل".
ورفضت الفنانة الكبيرة الحديث عن أى تفاصيل عن حياة السندريلا، قائلة بمنتهى الحسم: "مش هاتكلم عن أى شىء يخص سعاد أو أى فنان آخر"، مؤكدة أنها تنزعج من أى معلومات كاذبة تشير إلى أنها قامت بتدريب السندريلا على التمثيل أو الإلقاء.
فيما قال عنها الفنان الكبير سمير صبرى فى حوار أجريناه معه: "مثلت مع السندريلا حوالى 4 أفلام وأصبحنا أصدقاء وكانت ست جميلة، وطفلة غلبانة ضائعة عاشت طفولة تعيسة وكانت بلا عائلة تحتاج من يرشدها دائما".
وتابع متحدثًا عن قصة حب العندليب والسندريلا: "كنت شاهدًا على علاقة الحب الكبيرة التى جمعت عبدالحليم حافظ وسعاد حسنى لمدة 4 سنوات وكان يغار عليها بشدة، وعانى العندليب كثيرا بسبب هذه الغيرة، وسمعته بيتخانق معها فى التليفون على أشياء عديدة بسبب الغيرة، لكن لا أعرف هل تزوجها أم لا، فلم أرَ قسيمة الزواج".
وتابع: "عندما قدمت سعاد حسنى آخر أفلامها الراعى والنساء، وكانت تشارك فيه بدون أجر كجزء من الإنتاج، أخبرها مسئولو مهرجان الإسكندرية السينمائى بفوزها بجائزة أحسن ممثلة عن هذا الدور، ولكن بعد ظهر يوم توزيع الجوائز تغيرت النتيجة وقررت لجنة التحكيم منح جائزة أحسن ممثلة لنبيلة عبيد، ومنح سعاد حسنى جائزة النقاد، فحزنت السندريلا حزنا شديدا وكانت نفسيتها سيئة بسبب تغيير النتيجة".
وأشار الفنان الكبير إلى تفاصيل ما حدث خلال هذه الحفلة قائلاً: "حضرت السندريلا الحفل وكانت حزينة وكنت أغنى وهى أمامى وبجوارها أحمد زكى وكل نجوم مصر، وبعد غنائى أول أغنية تحدثت على المسرح، وقلت إننى سعيد جدًا لوقوفى أمام الفنانة العظيمة التى استطاعت أن تقدم فى السينما كل الأدوار المختلفة (خلى بالك من زوزو، أميرة حبى أنا، بئر الحرمان، الزوجة الثانية.. سعاد حسنى)، فوقف كل من فى القاعة وعددهم 500 ليصفقوا لها، وفرحت السندريلا كثيرا بهذا المشهد، فأكملت حديثى وقلت: إذا كان فى القاعة 500 فرد، ففى خارج القاعة 500 مليون يصفقون لك، لأنك أقوى من أى مهرجان وجائزتك فى قلوب الناس، فضجت القاعة بالتصفيق وعزفت الفرقة الموسيقية موسيقى أغنية يا واد ياتقيل، وصعد إلى المسرح نور الشريف ومحمود عبدالعزيز ووقف ثلاثتنا وأعطيناها الميكرفون وغنت وهى سعيدة، وظلت تتذكر هذه الليلة دائما".
وأضاف: "كان كل همها فى الفترة الأخيرة من حياتها أن تستعد للعودة إلى مصر وترجع سعاد حسنى التى يعرفها الناس، فحرصت على إنقاص وزنها وأجرت عمليات فى الأسنان وجراحات تجميل، وكلمت سمير خفاجة حتى يجهز لها مسرحية مثل التى أعدها للفنانة شادية وكانت كل هذه الشواهد تؤكد أنه لم يكن لديها هذا الاكتئاب الذى يؤدى للانتحار".