"مصر ليست دولة تاريخية مصر جاءت أولا ثم جاء التاريخ".. هكذا عبر الأديب المصرى نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل عن مكانة الحضارة المصرية وتقدمها على سائر الحضارات الأخرى وتأثيرها الكبير بما تضمه من علوم وأسرار يتم الكشف عنها باستمرار جعلها محط أنظار العالم أجمع ويتسابق الجميع على زياراتها والتمتع برؤيتها من خلال عرضها بالمتاحف المصرية، ولكن قبل أن تظهر للزوار يقوم بإعادتها كما كانت فى عهد المصريين القدماء مجموعة من مهرة الترميم هم أطباء الحضارة المصرية القديمة، حتى تعود كل قطعة للحياة من جديدة بأيدى مهارة أمينة على تاريخها، ليعلنوا عن أنفسهم بأنهم "حفظة التاريخ".
يستطيع هؤلاء المرممين العمل لساعات طويلة دون ملل أو كلل من أجل الفحص والدراسة وتطبيق أحدث الطرق العلمية فى وسائل الترميم، وبالطبع دون تغيير فى أصل القطعة التى يعملون عليها، فيقوم باستخدام مواد بحيث تعود كما كانت طبقا لنتيجة التحليل على القطع أو من خلال مجموعة من الصور لأصل القطعة إذا توفر ذلك، لنجد فى النهاية عرض القطع الأثرية فى أبهى حالتها، ولكن بعد مجهود كبير، وداخل مراكز ترميم المتحف المصرى الكبير فى الهرم خير دليل على ذلك.
هنا داخل معامل ترميم الآثار بالمتحف المصرى الكبير الذى يضم مجموعة كبيرة من الشباب، يعملون فى محرابهم فى صمت، الكل يتأمل ويفحص ويوثق القطع الأثرية، ووسط مواد الترميم ممسكين أدواتهم، يقومون بأعمال الترميم بدقة بالغة، فهنا لا يوجد احتمال للخطأ، بجانب بعضهم البعض على طاوله طويلة توضع الكنوز المصرية فتشعر وكانك داخل غرفة للعمليات ومن بداخلها جراحين مهارة تعرف أناملهم الطريق الصحيح فعادة القطع كما كانت منذ القدم.