للمرة الثانية منذ توليه الحكم فى فبراير الماضى، أمر الرئيس الأمريكى جو بايدن بتوجيه ضربات جوية ضد أهداف إيرانية فى سوريا والعراق، فيما يمكن أن يلقى بظلاله على المحادثات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران التى زادت تعقيدا على ما يبدو بعد انتخاب المحافظ إبراهيم رئيسى رئيسا لإيران.
وقال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربى ، إن الغارات على منشآت لتخزين الأسلحة وأخرى عملياتية جاءت ردا على هجمات استهدفت المصالح الأمريكية، ووصفها بأنها كانت ضرورية ومناسبة وعمل متعمد هدفه الحد من مخاطر التصعيد.
وأوضح كيربى أن الرئيس جو بايدن أمر بالضربات على منشآت عملياتية وأخرى لتخزين السلاح فى موقعين بسوريا وموقع آخر بالعراق مساء أمس الأحد بتوقيت واشنطن، من أجل ردع الهجمات المستقبلية على المصالح الأمريكية فى العراق، حيث تساعد الولايات المتحدة القوات الحكومية فى مساعى هزيمة داعش.
وتابع المتحدث باسم البنتاجون قائلا: إنه من منظور القانون الدولى، تصرفت الولايات المتحدة وفقا لحقها فى الدفاع عن النفس، وكانت الهجمات ضرورية لمواجهة التهديد، ومحدودة النطاق بشكل مناسب".
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "إثارة التوتر في المنطقة ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية"، مشددة على أن "الولايات المتحدة تسير في طريق خاطئ، وأن الضربات في سوريا والعراق جزء من غطرستها".
ونقلت شبكة فوكس نيوز عن مسئول دفاعى أمريكى على علم بالضربات قوله إن طائرات إف 15 وإف 16 التابعة للقوات الجوية الأمريكية، تم استخدامها فى هذه العملية، ووقعت الضربات فى الساعة الواحدة صباح الإثنين بالتوقيت المحلى، وأوضح المسئول أن منشأة واحدة على الأقل كان تستخدم من قبل تابعين لإيران فى إطلاق واستعادة الطائرات المسيرة، قد تم تدميرها، واستهدفت هجمات الدرونز الأخيرة، أمريكيين فى بغداد وفى أربيل شمال العراق.
وقال المسئول إنه لا يتوقع خسائر كبيرة فى الأهداف الإيرانية بسبب توقيت الضربة، مضيفا أن كل الطائرات الأمريكية عادت إلى القاعدة دون مشكلة.
بينما نقلت وكالة أسوشيتدبرس عن مسلحين عراقيين فى بغداد قولهم إن 4 مسلحين قد قتلوا فى الهجمات قرب الحدود مع سوريا، فيما ذكر المرصد السورى لحقوق الإنسان أن خمسة مسلحين عراقيين على الأقل قد قتلوا فى الضربات الجوية.
وأوضح مسئول دفاعى أمريكة لصحيفة واشنطن بوست، أن هذا العام شهد على الأقل خمسة هجمات بالدرون على أمريكيين فى المنطقة، وأشار إلى أن أحد المواقع التى تم استهدافها فى ضربات الأحد كان يستخدم فى إطلاق وإعادة الطائرات المسيرة، بينما كان الموقع الآخر مركزا لوجستيا.
وتقول واشنطن بوست إن هجوما فى إبريل الماضى على حظيرة طائرات تابعة للسى أى إيه فى مطار أربيل سلط الضوء على مشكلة الدرونز. وقال المسئولون إنه تم اكتشاف طائرة بدون طيار على بعد 10 أميال من الموقع، لكنها ضاعت بعد أن انحرفت فى مسار طيران مدنى.
وأثار هذا الهجوم قلق شديد بين مسئولى البيت الأبيض، رغم عدم وقوع إصابات، نظرا للطبيعة السرية للمنشأة وتعقيد الضربة.
جاءت بينما يواصل وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن زيارته لأوروبا، حيث كان موجودا فى إيطاليا أمس الأحد، ومن المرجح أن يواجه أسئلة عن التحركات الأمريكية والتداعيات المتملة بعد لقائه مع المسئولين هناك.
وقالت وكالة بلومبرج إن الضربات الجوية الأمريكية التى تم توجيهها لأهداف إيرانية فى سوريا والعراق تمثل اختبارا لرئيس إيران القادم إبراهيم رئيسى، الذى أدى انتخابه هذا الشهر إلى تعقيد الجهود لإحياء الاتفاق النووى الإيرانى.
وأوضحت الوكالة أنه لم يُعرف على الفور ما إذا كانت الضربات ستؤدى إلى تأجيل اجتماعات فيينا غير المباشرة من أجل التوصل إلى اتفاق فى المحادثات النووية،إلا أنها ليست المرة الأولى التى تنفذ فيها إدارة بايدن مثل هذه الخطوة. فكان أول عمل عسكرى قام به بايدن كرئيس فى فبراير الماضى، وشمل غارات شرقى سوريا على مواقع لها صلة بإيران بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية على منشآت فى العراق استخدمتها الولايات المتحدة، مما أسفر عن مقتل متعاقد مع التحالف الذى تقوده واشنطن فى البلاد.
كما رأت بلومبرج أن الضربات الأمريكية يمكن أن تخمد مؤقتا الانتقادات، التى يأتى معظمها من الجمهوريين، بأن جهود إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران تمثل استسلاما لطهران بعد سنوات كثف فيها ترامب الضغط على الجمهورية الإسلامية.
بدورها، أصدرت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسى بيلوسى بيانا قالت فيه إن الضربات الجوية الأمريكية تبدو مستهدفه ورد مناسب على تهديد خطير ومحدد، مضيفة أن "حماية أبطال الجيش الذين يدافعون عن حرياتنا أولوية مقدسة".