يعتبر الحساب الذهنى من طرق تنمية مهارات التركيز والانتباه للأطفال، وتمكنهم من تنشيط الذاكرة وإجراء عمليات حسابية معقدة وبدون استخدام الآلة الحاسبة، ولكن عندما يتم تطبيقه مع الأطفال من ذوى الإعاقة وبالأخص المكفوفين فالأمر مختلف، وكذلك النتائج التى يمكن أن تبهرك وتصيبك بالدهشة عندما ترى بعينيك وتسمع بأذنيك مجموعة من الأطفال فاقدى البصر، وقد أنعم الله عليهم بالكثير من معطيات البصيرة، وهم يجرون أعقد المسائل الحسابية، والتى قد تصل لـ 16 عملية فى 30 ثانية بواسطة عداد الأرقام مع مدربتهم التى أبتكرت أول كتاب لتعليم الحساب الذهنى بلغة برايل لفاقدى البصر لتصنع جيلا جديدا من هؤلاء الموهوبين.
وسط مجموعة ملائكة من الأطفال الصغار، لم يتجاوزوا أعمارهم 10 سنوات تحمل أناملهم الصغيرة عداد خشبى مستندين به على طاولة مستديرة يعبثون بحباته بشكل عفوى وتلقائى تجلس مدربتهم لتلقنهم بعض العمليات الحسابية المعقدة، وتخرج الإجابة من شفاهم فى أقل من ثوانى معدودة، وبعدها تتعالى ضحكاتهم البريئة وسط أرجاء حجرة فصلهم الدراسى بمصاحبة كورال من التصفيق المستمر كمكأفاة لزميلهم النجيب.
وتقول الدكتورة نهى مصطفى، مدربة الحساب الذهنى، صاحبة أول كتاب بلغة برايل لتعليم المكفوفين: أعمل كمدربة للحساب الذهنى مع الأطفال وفكرت كثيرا فى إمكانية تطبيق هذه التجربة مع الأطفال ذوى الإعاقة مثل المكفوفين والصمت والبكم لتمكينهم من اللحاق بسوق العمل ودمجهم فى المجتمع بشكل جيد وكانت البداية من خلال إحدى جمعيات رعاية المكفوفين بالإسكندرية الذين وفروا لى كامل الدعم لعمل أول كتاب لتعليم المكفوفين الحساب الذهنى بطريقة برايل وكذلك تطبيق التجربة على أطفال الجمعية لتثمر عن كثير من المواهب وكذلك تم اعتماد هذا العمل ليرى النور.
وحول طموحاتها لنشر هذه التجربة، طالبت نهى وزارة التربية والتعليم بضرورة تطبيق هذا العملية كل مدارس المكفوفين على مستوى الدولة والاستفادة منها فى تخريج دفعات من الفئات الخاصة قادرة على الحصول على عمل مهنى محترف.