قضت المحكمة الإدارية العليا مؤخرا بقبول طعن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، على اعتراض عائلة بمحافظة الشرقية تضع يدها على 3 أفدنة، ومقسمة فيما بينهم "الورثة الشرعيين" لطالب الأرض الأصلى الذى وافته المنية عام 1983، مع بعض من أقاربه مثل زوج ابنته وورثته، والذين كان مدون أسمهم باستمارة الطلب الأصلية المقدمة من المتوفى، وأيدت قرار الهيئة ببيع هذه المساحة للورثة الشرعيين فقط ممثلاً عنهم نجل طالب الأرض المتوفى، دون زوج ابنته وعائلته لأنهم ليسوا من ضمن الورثة .
وأكدت المحكمة أن المُشرع تغير من توزيع الأراضى الزراعية المستولى عليها طبقًا لقوانين الإصلاح الزراعى، وهو توزيعها على المستحق من صغار الفلاحين الذى تتوفر فيه الشروط المقررة قانونًا، ويكون قد تقدم بطلب الشراء أو الانتفاع، وبعد بحث حالته فى الاستمارة المعدة لذلك، وتوزع عليه مساحة من الأرض فى حدود القدر المقرر قانونًا، وتبعًا لعدد المبحوثين معه من أسرته ومن يعولهم وذلك طبقًا لاستمارة بحث تعد لذلك .
واستندت المحكمة على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، والذى قد أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، لاسيما فيما يتعلق منها بحق الإرث ومستحقيه وحماية منه لحق الملكية وما يرد عليها من حرية الشخص فى التصرف فى ملكه، وعالج الاضطراب الذى أحدثته المادة (3) بفقرتيها الثانية والثالثة من القانون رقم 3 لسنة 1986 بحيث باتت الأرض الموزعة من الإصلاح الزراعى من حق المنتفع الأصلى وتسجل باسمه فقط دون من ورد معه من المبحوثين باستمارة البحث، وأعاد الغاية التى توخاها المشرع من إدراج مبحوثين ترد أسماؤهم باستمارة البحث، والهدف منها تحديد من أحق بالتوزيع والمساحة التى توزع علیه وترتيبه فى قائمة المستحقين لتلك الأراضي.
ورأت المحكمة نظرًا لثبوت وفاة الطالب الأصلى للأرض، فقد قامت الهيئة ببيع الأرض محل التداعى إلى ورثته ممثلًا عنهم نجله دون زوج ابنته وورثته بحسبانهم ليسوا من الورثة الشرعيين للطالب الأصلى، فمن ثم فإن ما انتهجته الهيئة الطاعنة بات متفقًا وصحيح حكم القانون لاسيما المادتين (9 و 14) من المرسوم بقانون رقم ۱۷۸ لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى .
إذ إن الغاية التى توخاها المشرع من توزيع تلك الأراضى المستولى عليها طبقًا لأحكام هذا القانون هو إعانة صغار الفلاحين، الذين يحترفون الزراعة، وقد وضع المشرع معیارا وشروطا يتعين على الهيئة أن تتحسس دربها عند التوزيع وعند تحديد الأولية فى التوزيع والمساحة الموزعة ومستحقيها، فما كان لها إلا أن تعد نموذج كاستمارة بحث عن المتقدمين بطلب الشراء أو الانتفاع، حتى يتسنى لها تحديد من هم الأولى بالتوزيع ثم تقوم بترتيبهم حسب أولوياتهم .
فكل من يعولهم الطالب للأرض المستولى عليها الأصلى، يتم إدراجهم فى الاستمارة المعدة لذلك ليس بغرض تملك كل منهم جزء من الأرض الموزعة، إنما لتحديد مدى أحقية مقدم الطالب الأصلی وأولويته فى التوزيع والمساحة التى توزع عليه، فما كان للجهة الإدارية إلا أن اتخذت معامل وحدات قرين كل اسم يدرج بتلك الاستمارة حتى تستطيع تحديد المساحة التى سوف يتم توزيعها على الطالب الأصلى، فضلًا عن أن نصوص المرسوم بقانون رقم ۱۷۸ لسنة 1952 واضحة وجلية لا لبس فيها ، لاسيما نص المادة (14) والذى نص على أن: "تُسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين خالية من الديون ومن حقوق المستأجرين وتسجل باسم صاحبها دون رسوم".
وعليه فإن اعتصام المطعون ضدهم بأحقيتهم فى الأرض محل التداعی بحسبانهم قد أدرجوا فى استمارة البحث آنفة الذكر لا أساس له من الصحة ولا يتفق مع القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغاء قرار اللجنة المطعون ضده .