قبل أسابيع من إتمام انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، تواجه وكالات الاستخبارات إشكالية فى الطريقة التى تستكمل بها عملها بعد رحيل أخر جندى أمريكى من البلاد، وتسابق CIA الزمن لإيجاد بدائل قوية لأماكن عملياتها فى ظل تحذيرات متكررة من انزلاق البلاد مجددا إلى حكم طالبان.
حيث قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية CIA تسارع للتوصل لنهج جديد فى التعامل مع أفغانستان، حيث ترك الانسحاب السريع للقوات الأمريكية الوكالة تبحث عن طرق للحفاظ على مشاركة المعلومات الاستخباراتية وعمليات القتال ومكافحة الإرهاب فى البلاد.
وذكرت الصحيفة أن "سى أى إيه"، الذى كان فى قلب الوجود الأمريكى فى أفغانستان على مدار 20 عاما، سيخسر قريبا قواعد فى قلب البلاد حيث أدارت الوكالة مهام قتالية وضربات بالطائرات المسيرة بينما راقبت عن كثب حركة طالبان والحركات الأخرى مثل القاعدة وداعش. ويحذر محللو الوكالة من مخاطر متزايدة بشكل غير مسبوق من استيلاء طالبان على البلاد.
ويخوض المسئولون الأمريكيون محاولات أخيرة لتأمين قواعد قريبة من أفغانستان للعمليات المستقبلية، لكن تعقيد الصراع المستمر قد أدى إلى مفاوضات دبلوماسية مع سعى الجيش لإخراج كل القوات مبكرا بحلول منتصف يوليو المقبل، قبل الموعد النهائى الذى حدده الرئيس الأمريكى جو بايدن فى 11 سبتمبر المقبل، بحسب ما قال مسئولون أمريكيون وخبراء إقليميون.
وكانت باكستان إحدى النقاط محل التركيز، بحسب الصحيفة. فقد استخدم سى أى إيه قاعدة هناك لسنوات لشن هجمات الطائرات المسيرة ضد المسلحين فى الجبال الغربية بالبلاد، لكن تم إخراجه من المنشأة فى عام 2011 عندما توترت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان.
ولفتت الصحيفة إلى أن أى اتفاق يتم التوصل إليه الآن، يحب أن يلتف على واقع غير مريح بأن حكومة باكستان طالما دعمت طالبان. وفى المناقشات بين المسئولين الأمريكيين والباكستانيين، طالب الباكستانيون بمجموعة من القيود مقابل استخدام القاعدة الموجودة فى بلادهم، وطالبوا بأن يتم إعلامهم بأى أهداف يريد السى أى إيه أو الجيش الأمريكى ضربها داخل أفغانستان، بحسب ما قال ثلاثة مسئولون أمريكيون مطلعون على المناقشات.
كما يبحث الدبلوماسيون أيضا خيار استعادة الدخول على قواعد فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق التى تم استخدامها فى حرب أفغانستان، على الرغم من أنهم يتوقعون أن يعارض الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الأمر بشدة.
وكانت التقارير الأخيرة للسى أى إيه واستخبارات الجيش الأمريكى عن أفغانستان متشائمة بشكل متزايد، وقد سلطت الضوء على المكاسب التى حققتها طالبان والجماعات المسلحة الأخرى فى غرب وشرق البلاد، وحذرت من أن كابول قد تسقط فى يد طالبان فى غضون سنوات وتعود ملاذا آمنا للمسلحين العازمين على ضرب الغرب، وفقا لعدد من الأشخاص المطلعين على التقييمات.
ونتيجة لذلك، يرى المسئولون الأمريكيون الحاجة إلى تواجد طويل المدى لمشاركة المعلومات الاستخباراتية بالإضافة إلى عمليات السى أى إيه لمكافحة الإرهاب والعمليات العسكرية فى أفغانستان مع الموعد الذى حدده بايدن لانسحاب القوات. إلا أن السعى الحثيث لإيجاد قواعد يوضح كيف أن المسئولين الأمريكيين يفتقرون لخطة بعيدة المدى لمعالجة الأمن فى البلد الذى أنفقوا فيه تريليونات الدولار وفقدوا فيه أكثر من 2400 من القوات على مدار عقدين.
وكان ويليام برنز، مدير سى أى إيه قد اعترف بالتحدى الذى تواجهه الوكالة، وقال لمجلس الشيوخ فى إبريل الماضى إنه عندما يحين موعد انسحاب الجيش الأمريكى، فإن قدرة الحكومة الأمريكية على جمع المعلومات والتحركات إزاء التهديدات ستتقلص، وهذه حقيقة ببساطة.
وكان برنز قد قام بزيارة غير معلنة فى الأسابيع الأخيرة لإسلام أباد بباكستان للقاء قائد الجيش الباكستانى وكبار مسئولى الاستخبارات. وأجرى وزير الدفاع لويد أستن مكالمات متكررة مع قائد الجيش الباكستانى بشأن المساعدة فى العمليات الأمريكية المستقبلية فى أفغانستان، بحسب ما قال المسئولون الأمريكيون المطلعون على المحادثات.
ووفقا لمسئولين مطلعين، فإن برنز لم يثر موضوع القواعد خلال رحلته لباكستان. وقالوا إن الزيارة ركزت على التعاون الأوسع فى مكافحة الإرهاب بين البلدين. لكن بعض محادثات أوستن على الإغلاق كانت أكثر مباشرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة