صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب رواية "عام الظلام " للكاتب الصحفى والروائى على حادى، حيث تتناول الرواية كيف أثر غياب الوعى لدى قطاعات فى المجتمع المصرى فى تمكين جماعة الإخوان الإرهابية من حكم مصر، ثم كيف كان لاسترداد الوعى الأثر فى إزاحتهم عن الحكم؟ وماذا كانت مواقف الفئات الاجتماعية والنخب السياسية فى مجريات الأحداث.
عام الظلام
أحداث الرواية تدور - حصرياً - خلال العام الذى تولى فيه محمد مرسى مقعد الرئاسة باسم "جماعة الإخوان الإرهابية، وتبدأ أولى مشاهد الرواية من الصدمة التى تلقاها بطل الرواية بعد إعلان فوز محمد مرسى بالرئاسة على حساب الفريق أحمد شفيق، ذلك المشهد الذى طالعه على شاشة التليفزيون من مقهى فى الإسكندرية، وفرحة صاحب المقهى الذى اكتشف أنه "إخوانى"، فزاده حنقاً وغضباً.
وهو الذى لم يتخيل يوما أن جماعة الإخوان التى كل تاريخها هدم وتخريب وخيانة للوطن ومؤسساته تتولى حكم مصر، ولم يخطر بباله أن يكون عضو هذه الجماعة رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وهيئة الشرطة، هاتان المؤسستان كانتا هدفاً دائماً لمؤامرات الجماعة وأعمالها الإجرامية.
وظل بطل الرواية أحمد الطهطاوى - وهو شخصية افتراضيه تجمع صفات شخصيات حقيقية - الذى يعمل صحفياً وذو اتجاه ناصرى، ظل على حالة الدهشة وهو يرى حالة استسلام للوضع الجديد حتى من قوى ورموز سياسية وأحزاب كانت تعارض جماعة الإخوان وفكرها، بل ذهب ممثلون ورموز من تلك القوى والأحزاب لمبايعة ومباركة الرئيس الجديد، إما طمعا أو خوفا، وهو الأمر الذى زاده دهشة وسرب إليه الإحباط لبعض الوقت.
وتصبح معاناة بطل الرواية أكثر عندما يجد زوجته وبعض عائلته قد وقعوا فى شباك خداع أبواق دعاية هذه الجماعة وسلطتها، تمامًا ككثير من فئات الشعب التى أوقعتها هذه الجماعة فى غياهب الخديعة والتستر خلف ستار الدين.
ويتردد بطل الرواية بين التسليم بالأمر الواقع - كما سلم غيره - الالتفات لعمله ومصدر رزقه والتكيف مع هذا الواقع الجديد وبين مقاومة الإحباط وتقديم مصلحة الوطن ومستقبله، وتلمس طريق أو طاقة نور تخرجه من الظلمة التى أصبح يراها تجسم على صدره وصدر الوطن، ويبحث فى طريقه عمن يشاركه مقاومته والسير فى طريقه.
وتتوالى الأحداث حدثاً تلو الأخرى، وقرارات سلطة الإخوان قراراً تلو الآخر، ويتوالى تكشف عجز هذه السلطة، وفشلها فى حل مشكلات الناس وأزمات المجتمع: من النظافة إلى تردى الخدمات ونقص أو شح رغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز والوقود إلى انقطاع الكهرباء.. وغير ذلك، ومن نهم هذه السلطة الجديدة فى الاستحواذ وما سمى "الأخونة" إلى التمييز بين المصريين، إلى الفتنة بين فئات المجتمع، إلى الكبد لمؤسسات الدولة وأعمدتها، تكشف أنها سلطة جاءت لتتملك لا لتصلح أو تعدل.
وتمر الأحداث مع أحاديث وخطب الرئيس وجولاته، وما كشفت عنه شخصيته من خواء وسطحية أثارت سخرية الداخل والخارج، ثم الإعلان الدستورى الدكتاتورى، ثم مذبحة الاتحادية، وقبلها مذبحة جنود رفح الأولى ثم الثانية بعد ذلك، وتسخير أبواق إعلامية لتبرير وتجميل خطوات الرئيس وقراراته.. حتى تبرز جبهة لإنقاذ، وتتشكل معالم جديدة فى المجتمع تبرز اتساع قاعدة الرفض التى ما تلبث أن تحول إلى تمرد على السلطة الجديدة، وتأسست حركة "تمرد" فينصهر الطهطاوى فى ركاب الرافضين ثم الثائرين.. وما بين ذلك مواقف وحكايات، ومعاناة ومضايقات تعرض لها، وياس وأمل، ومواقف للجيش والشرطة وقضاة ونقابات، حتى كان مشهد يوم 30 يونيو الذى صوره المؤلف بالكلمات بتفاصيله الكاملة.
ويستعيد الكاتب فى سياق سرده للأحداث مواقف وأحداث ارتبطت بجماعة الإخوان منذ تأسيسها مروراً بمواقعها وأفعالها مع ثورة 23 يوليو وقيادتها، وأبرزها محاولة اغتيال قائد الثورة جمال عبد الناصر، ومحاولات قلب نظام الحكم العديدة ثم مع السادات والتحالف معه ثم الانقلاب عليه واستشهاده على يد فريق يدين بالولاء الفكرى لهذه الجماعة ثم مواقفهم المعروفة إبان حكم مبارك، حتى دورهم التخريبى فى ثورة 25 يناير.
وينتقل الكاتب فى أحداث روايته ما بين القاهرة والإسكندرية والصعيد، وجميع أبطال الرواية شخصيات حقيقية فيما عدا شخصية بطل الرواية الذى صنعه الكاتب من جزء منه وخليط شخصيات حقيقية التقاطها.
يذكر أن رواية "عام الظلام" هى الرواية الأولى للكاتب الصحفى على حادى من حيث الكتابة والثانية من حيث الصدور، إذ صدرت له رواية "الكحريتة" فى شهر يناير الماضى عن دار بلوماتيا للنشر، وكان قد أودع رواية "عام الظلام" لدى الهيئة العامة للكتاب فى شهر أغسطس عام 2019. ويوجد للكاتب تحت الطبع رواية "مساكن الزلزال"، وقد بدأ الكاتب عمله الصحفى بجريدة "الأهالى" عام 1991.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة