سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 1 يوليو 1960.. إيطاليا تسحب دعوتها لإسرائيل بضغوط مصرية لحضور احتفالات الصومال باستقلاله.. والحكومة الصومالية تعتبر «تل أبيب» عدوها الثانى بعد إثيوبيا

الخميس، 01 يوليو 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 1 يوليو 1960.. إيطاليا تسحب دعوتها لإسرائيل بضغوط مصرية لحضور احتفالات الصومال باستقلاله.. والحكومة الصومالية تعتبر «تل أبيب» عدوها الثانى بعد إثيوبيا محمد فائق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حصل الصومال على استقلاله من الاستعمار الإيطالى يوم 1 يوليو، مثل هذا اليوم، 1960، فبادرت إيطاليا إلى دعوة إسرائيل لحضور احتفالات الاستقلال، وكان ذلك مفاجأة لمصر، فمارست ضغوطها حتى تم إلغاء الدعوة، حسبما يذكر الدكتور مراد غالب فى مذكراته، «مع عبد الناصر والسادات.. سنوات الانتصار وأيام المحن».
 
كانت مصر حاضرة فى الصومال قبل استقلاله بسنوات، وفقا لمحمد فائق الذى كان مسؤولا عن الشؤون الأفريقية فى رئاسة الجمهورية، وتعامل مع القضية الصومالية وقتئذ، يذكر فى كتابه «عبدالناصر والثورة الأفريقية»، أن الأراضى الصومالية كانت تخضع لاحتلال ثلاث قوى استعمارية، هى، إيطاليا وتحتل أكبر مساحة، وبريطانيا وتحتل جزءا من الأراضى تعرف بـ«الصومال الإنجليزى»، وإثيوبيا واحتلت إقليم «أوجادين» وتسعى إلى ضم الباقى، يؤكد أنه رغم تعارض أهداف هذه القوى، إلا أنها كانت متفقة على ضرورة القضاء على الملامح العربية الصومالية، والحماس فى إيجاد علاقات اقتصادية بين الصومال وإسرائيل التى أقامت مجزرا آليا فى «جيبوتى»، وأنشأت شركات فى إثيوبيا أهمها شركة «إنكودا»، التى كانت تسعى لأن يمتد نشاطها إلى الصومال تمهيدا لإقامة علاقات سياسية مع إسرائيل بعد استقلاله.
 
يرصد «فائق» الوجود المصرى فى الصومال، مشيرا إلى أنه كان من الأقاليم الموضوعة تحت وصاية الأمم المتحدة والإدارة الإيطالية، وأنشأت الأمم المتحدة هيئة تابعة لها هى «المجلس الاستشارى» منذ عام 1950 مكونة من ثلاث دول، هى مصر، وكولومبيا، والفليبين، بقصد الإشراف على الإدارة فى الصومال، والتأكد من قيادة البلاد نحو الاستقلال خلال فترة تنتهى عام 1960، وكان وجود مصر فى هذا المجلس شكليا، فلم تكن لديها الرغبة والقدرة على الاصطدام مع القوى الاستعمارية من أجل القوى الوطنية فى الصومال.
 
يؤكد «فائق»، أن الوضع تغير بعد ثورة 23 يوليو 1952، حيث قررت أن تتحمل مسؤوليتها الدولية كاملة مستفيدة من وجود مندوبها السفير كمال الدين صلاح فى المجلس الاستشارى هناك، فتبنت وجهة النظر الوطنية، وتولت الدفاع عنها، وقدمت المشورة والخبرة القانونية للأحزاب والحركات الوطنية هناك، وساعدتها فى مقاومة المناورات التى تهدف إلى تأخير تسليم السلطة، وقاومت خطط الإدارة الإيطالية لطمس الملامح العربية للصومال.
 
يؤكد «فائق» أن مصر لعبت دورها التاريخى فى الصومال مستندة إلى وضعها القانونى فى المجلس الاستشارى، الذى كان يعطيها حق محاسبة الإدارة الإيطالية عن طريق الأمم المتحدة، كما أعطاها ذلك حق الوجود فى مقديشيو، والاتصال بكل الهيئات والتنظيمات فى الصومال وتقديم المساعدة لها، يذكر «فائق» جانبا من المساعدات المصرية ومنها، إمداد المدارس العربية التى تفتحها الجمعيات والأحزاب الوطنية بالمدرسين المصريين والكتب العربية، كما أعطت الكثير من المنح الدراسية فى المدارس والمعاهد والجامعات المصرية لأبناء الصومال، وفتح الأزهر أبوابه لأعداد هائلة منهم، وأرسل بعثة أزهرية إلى الصومال كان أعضاؤها يخطبون فى الجوامع بجانب رسالتهم التعليمية، وكان لهؤلاء أعظم الأثر فى تعبئة الشعور الوطنى ضد الاستعمار.
أثمر هذا النشاط، ارتباط تنظيمات وأحزاب صومالية بمصر، يذكر «فائق» أن الإدارة الإيطالية بعد أن وجهت الدعوة لإسرائيل لحضور الاحتفالات اضطرت إلى إلغاء الدعوة نتيجة احتجاجات كثيرة من الهيئات والتنظيمات والأحزاب الصومالية.
 
يذكر مراد غالب، فى مذكراته، أنه كان وكيلا لوزير للخارجية بالنيابة منذ أوائل عام 1958، وكان عمره 37 عاما، وفى عام 1960 وجد أن إيطاليا دعت إسرائيل إلى احتفالات استقلال الصومال، فاستدعى السفير الإيطالى وأبلغه أن هذا تصرف غير معقول، وإذا تمسكوا به فلن تحضر مصر، يؤكد أنه أرسل للرئاسة الدعوة، فكتب الرئيس عبدالناصر تأشيرة قال فيها: «إن هذا يعنى أنه لو دعيت إسرائيل للاحتفال فلن نكون موجودين فيه»، يؤكد «غالب»: «احتفظت بالتأشيرة، وأرسلت إلى الحكومات العربية أقترح طلب استدعاء السفير الإيطالى فيها، وإبلاغه أن العرب كلهم لن يحضروا وأننا نطالب- بإلحاح - بعدم دعوة إسرائيل».
 
يتذكر «غالب»: «جاءنى عبدالخالق حسونة أمين عام جامعة الدول العربية يستفسر، فشرحت له أننى قمت بعمل واسع النطاق بالنسبة لهذه العملية، وأننى سألت محمد فائق وكان مسؤولا عن العلاقات مع أفريقيا، هل يستطيع عمل مظاهرة قوية فى الصومال ضد مشاركة إسرائيل؟ قال: أستطيع، وفعلا قامت مظاهرة صاخبة فى الصومال ضد إسرائيل، وبعد أسبوع قابلنى السفير الإيطالى وقال لقد عدلنا عن دعوة إسرائيل»، يضيف «غالب»: «كان عبدالناصر قد طلب إرسال برقية تهنئة بالاستقلال، ووجدت أنها لم ترسل بعد، فطلبت تأجيلها، وأرسلتها بعد العدول عن دعوة إسرائيل»يذكر الدكتور محمد عبدالمؤمن عبدالغنى فى كتابه «مصر والصراع الأفريقى حول القرن الأفريقى 1945-1981» أنه أعقب إلغاء هذه الدعوة حدث تشدد صومالى أكثر تجاه إسرائيل، إذا أعلنت الحكومة الصومالية أن إسرائيل هى العدو الثانى لها بعد إثيوبيا. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة