أصدرت الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض حكما أرست فيه مبدأ قضائياَ جديداَ يهم ملايين المتعاملين بالشيك، يتعلق بالطعن على سند الدين بمخالفة محتواه، قالت فيه: "توقيع الشيك من أسفل ليس اقرارا بما يحتويه مضمونه، وتوقيع مورث الطاعنين على الشيك يعد بمثابة تفويض للمطعون ضده بملء بياناته"، وبذلك يكون قد نفى القاعدة القانونية التي تقرر أن: "توقيع الشيك يعد اقراراَ بما يحتويه مضمونه".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 3154 لسنة 48 قضائية، لصالح المحامى علاء مبروك، ورئاسة المستشار ممدوح القزاز، وعضوية المستشارين عزالدين عبد الخالق، ومراد أبو موسى، وأحمد يوسف الشناوى، وأحمد رمزى.
الواقعة تتمثل في إقامة دعوى قضائية بمطالبة شخص بسداد قيمة الشيك قدرها 150 ألف جنيه، فقضت محكمة أول درجة بسداد قيمة الشيك، إلا أن المدعى عليه استأنف الحكم لأن الموقع على الشيك 150 جنيه فقط وليس 150 ألف جنيه، إلا أن محكمة ثاني درجة أيدت حكم السداد، فتم الطعن أمام النقض التي توصلت لواقعة التزوير من خلال الكتابة والتنقيط، ما أدى لإرساء المبدأ القضائى سالف الذكر.
الوقائع.. نزاع حول إصدار شيك بدون رصيد
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 60 السنة 2011 مدنى محكمة منيا القمح الإبتدائية - بعد رفض طلب استصدار أمر الأداء المقدم منه - بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 150 ألف جنيه والفوائد القانونية، وقال بيانياَ لذلك إن مورثهم أصدر إليه بتاريخ 12 يناير 2003 شيكا تبين أنه بدون رصيد، وتحرر عن الواقعة جنحة قضى فيها بحكم بات بإدانته، وقد طالبهم بسداد المبلغ إلا أنهم لم يمتثلوا ومن ثم فقد أقاموا الدعوى، وقضت المحكمة بالطلبات بحكم استئنافه الطاعنون بالاستئناف رقم 371 لسنة 56 ق المنصورة – مأمورية الزقازيق – وبتاريخ 9 ديسمبر 2003 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على تزوير الشيك بالكتابة والتنقيط
مذكرة الطعن ذكرت إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن حقيقة مديونية مورثهم هي مبلغ 150 جنيها وليس 150 ألف جنيه، إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفاع بقالة إن توقيع مورثهم على الشيك سند الدعوى بمثابة تفويض للصادر إليه بملئ بياناته رغم أنهم لم يقرروا بتوقيع مورثهم على بياض، فضلا عن أن مسألة تحقيق مقدار مديونية الساحب في الشيك - المتهم - للمستفيد - الدائن - هي مسالة مدينة بحته ولا حجية للحكم الجنائي على القضاء المدني في تحقيقها ومن ثم يكون معيباَ ويستوجب نقضه.
جواز اثبات التزوير بكافة طرق الاثبات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي في محله - ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حصول تزوير بطريق المحو أو الإضافة في العبارة التي كانت مدونه بخط الدائن والتي كانت تدل على حقيقة مبلغ الدين الذي حرر السند لإثباته، فإن هذا التزوير يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة أيا كانت قيمة السند المدعي يتزويره، وأن مفاد نص المادة 102 من قانون الإثبات أن حجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية أمام المحاكم المدنية مقصوره على منطوق الحكم الصادر بالبراءة أو الإدانة بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة الجنائية دون أن تلحق الأسباب التي لم تكن ضرورية الحكم بالإدانة أو بالبراءة.
وبحسب "المحكمة" - كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق - وعلى ما جرى عليه قضاء الدائرة الجنائية بهذه المحكمة - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، إذ يتم طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب النافعة لإصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ، وإن كان يعتد بها عند المطالبة بقيمة الشيك.
المحكمة تثبت تزوير الشيك من 150 جنيه لـ 150 ألف جنيه
ولما كان ذلك - وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى للمطالبة بمبلغ 150 ألف جنيه قيمة الشيك سد الدعوى، وكان الثابت أن الطاعنين - وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه قد تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بعدم مديونية مورثهم بالمبلغ المطالب به وإن حقيقته المبلغ هو 150 جنيها فقط، وطلبوا إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك إلا الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع، وقضى بتأييد حكم أول درجة فيما قضى به من إلزامهم بالمبلغ المطالب به على قائلة إن توقيع مورث الطاعنين على الشيك يعد بمثابة تفويض للمطعون ضده بملئ بياناته.
وتضيف "المحكمة" - حقيقة دفاع الطاعنين أن المطعون ضده ارتكب تزوير، بالإضافة بجعل رقم المبلغ الحسابي 150 ألف جنيه بدلا من 150 جنيها، وقام يتنقيطه كتابة بذات المبلغ وهو ما يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات، ولا حجية الحكم الجنائي الصادر بإدانة مورث الطاعنين - ساحب الشيك - في شأن قيمة المبلغ المطالب به، ومن ثم فإنه يكون معيبة بالقصور في الذي جره إلى الخطأ في تطبيق بما يوجب نقضه لهذا السيب دون حاجة البحث باقي أسباب الطعن على أن يكون النقض الإحالة.