عايش عيشة القبور، لايسمع سوى أصواتا من الخارج، لا يرى أى شىء، أهل الخير يتركون له الطعام على مدخل باب غرفة مظلمة معروشة بطبقات خشبية تأويه من صيف ساخن وشتاء قارس، لا أحد يدخل عليه ليعرف كيف يقضى يومه، وحيدا بدون معين، تراكمت القمامة بغرفته المظلمة ليل نهار، يأكل الدود ببقايا طعامه، خوفه من الوحدة أجبره على ربط قدمه بالقماش، حتى لا يقترب الدود منها، هكذا ابدا المشهد الذى ظهر عليه عم مرسى الشحات 96 سنة، فى غرفته، فى منيا القمح، التابعة لمحافظة الشرقية.
مأساة إنسانية بطلها الجحود وغدر الزمان، بحسب روايات الأهالي، وأحد أقاربه رمضان مغازي، أحد أبناء عمومته، الذى قال لـ"اليوم السابع"، أنه كان عامل زراعى يصعد النخل لكسب قوت يومه، أنجب بنتا واحدة، توفيت فى عز شبابها، وانفصل عن زوجته، وأقام عمره فى منزل بعزبة تابعة لأحد الأعيان.
وأضاف رمضان: كان يعيش لفترة بصحبة زوجة والده وبناتها، لكن منذ سنوات انتقلن للعيش فى القرية، وأقامن كل واحدة فى منزل، وقام هو بتشييد تلك الغرفة، وأقام فيها بمفرده وكانوا يزورنه كل فترة وينظفون الغرفة له، موضحا أن الأخت غير الشقيقة لعم مرسي، ترفض زيارتنا له وتؤكد أنها ستقوم برعايته وتوفير احتياجاته، إلى أن شاهدنا مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى وشعرنا بالصدمة، وحضرت الدار لزيارته وسأتابع حالته وأقوم على زيارته كل فترة.
فيما قال عم مرسى الشحات، أنه عاش عمره كله يعمل وكانت صحته جيدة، حتى بلغ سن الثمانين، ثم بدأ عملية ضعف النظر يوما بعد يوم، حتى أنه أصبح لايرى شيئا من القمامة أو الحشرات بالغرفة وينتظر من يسأل عنه خلف الباب أو يسمع أصوات المارة بالشارع لإنقاذه أو تقديم المساعدة له، رغم أن غرفته ملاصقة لمنازل مشيدة لأدوار عليا.
وعلى جانب أخر، أضافت سعيدة حسن، مسئول فريق الإنقاذ بإحدى دور الرعاية، لإيواء المشردين بمدينة الزقازيق، أنه فور تلقى بلاغ بوجود عجوز مسن يعيش بمفردة فى غرفة معروشه وسط القمامة بإحدى قرى مركز منيا القمح، توجه فريق إلى محل البلاغ، وعثر على المسن ويدعى الحاج مرسى مواليد 1926، فى حالة إعياء شديدة، بدون ملابس، ومقيد الساقين، وقام الشباب بحمله للسيارة والقيام بنظافته الشخصية وتقليم الأظافر والشعر وقياس درجة الحرارة وتوفير ملابس جديدة له ونقله للدار.
ويكمل وائل طلبة، مدير الدار: تم عرض النزيل مرسى الشحات 96 سنه على فريق طبي، وأكد أن وظائف الجسم حيوية، وتقرير عرضة على استشارى عيون لفحصه وتحديد حالته، بفقدان البصر كاملا أو بسبب مياه زرقاء وعمل ما يلزم من إجراء طبي.
إنقاذ عم مرسى
مكان-الاقامة
