تمر اليوم الذكرى الـ69 على اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، وذلك عندما قرر الضباط الأحرار أن يغيروا تاريخ مصر، فخرجوا فى ثورة باركها الشعب بعد ذلك، وكان لهذه الثورة أثر كبير على مستقبل مصر، إذ أطاحت بالملكية، وصار فاروق آخر ملوك مصر، وبدأ من بعدها العصر الجمهورى.
وأنهت تلك الثورة حكم أبناء محمد على لمصر وألغت الملكية، ليبدأ عصر جديد للبلاد.. ويظل البيان الأول لثورة يوليو محل اهتمام كبير.
ونجح الضباط الأحرار فى صباح 23 يوليو 1952 فى السيطرة على الإذاعة فى تمام السادسة والربع صباحا، حيث وصل أنور السادات إلى استوديوهات الإذاعة، بشارع علوى، وعندما حضر مذيع الفترة الصباحية، فهمى عمر، قال له السادات إنه سيجرى بعض التغييرات فى برامج الإذاعة، لأن هناك بيانا مطلوب إذاعته، فلم يستطع فهمى عمر، فى ظل الحراسة العسكرية المشددة، التى كانت تحيط به، من كل جانب سوى أن يجيب: "الإذاعة تحت أمرك"
ودخل السادات الاستديو، وكان يعتزم إذاعة البيان، بعد المارش العسكرى، الذى يعقب افتتاح المحطة، الذى كان ينتهى فى السادسة واثنتين وثلاثين دقيقة.
ولكن فهمى عمر، علم من المهندسين أثناء إذاعة المارش العسكرى، بأن الإرسال قد قُطع من محطة "أبو زعبل"، ولمَّا علم السادات خرج من الاستديو، وأبلغ الموقف للقيادة.
وعندما كانت تدق ساعة القاهرة وقتها، معلنة النصف بعد السابعة، تأهب فهمى عمر لتقديم أنور السادات، بالصفة التى طلبها منه، وهى أنه مندوب القيادة، فقد رفض أن يقدمه باسمه، وبعد إجراء التقديم، قرأ السادات البيان الأول للثورة، فى مستهل نشرة الأخبار، واستغرقت تلاوته دقيقتين ونصف، واختتم القراءة بذكر موقع البيان، اللواء أركان حرب محمد نجيب، القائد العام للقوات المسلحة.
واستمر فهمى عمر فى قراءة نشرة الأخبار، التى كان معظمها خاصا بمراسم تشكيل وزارة نجيب الهلالى، ومقابلات الملك، مع رئيس الوزراء والوزراء ،وكان المذيع قد سأل السادات، قبل قراءة النشرة: هل يحذف منها شيئا ليجيبه السادات : لا.. اقرأها كلها كما هى".
وما كاد السادات ينتهى، من قراءة البيان، حتى تركه لأحد الضباط، القائمين على حراسة الإذاعة، وعاد إلى مبنى رئاسة الجيش، ولم يتم تسجيل البيان عند إلقائه فى المرة الأولى، بصوت أنور السادات، لأنه لم يكن معروفًا لدى الإذاعة، وقتئذ، نظام التسجيل بالأشرطة البلاستيك، بل كان التسجيل يتم بأشرطة صلب بماكينات كبيرة وصغيرة، بعد وصول المهندس المختص، بعد الساعة التاسعة صباحًا يوميا.
وبعد مغادرة أنور السادات دار الإذاعة، بعد إلقائه البيان الأول، كثرت الاتصالات، مع الإذاعة، لإعادة إذاعة البيان، نظرًا لأن فئات عديدة، من الشعب، لم تتح لها فرصة الاستماع إليه، وعندما استأنفت الإذاعة إرسالها فى فترة الضحى، التى تبدأ فى العاشرة صباحًا، وتنتهى فى الحادية عشرة والنصف، كان المهندس أحمد عواد، المختص بالتسجيل، قد وصل، وطلب المذيعون من أحد الضباط، القائمين بالحراسة، إلقاء البيان بصوته، ليسمعه أولئك، الذين فاتهم الاستماع إليه، فى الفترة الصباحية.
وتقدم الصاغ محيى الدين عبد الرحمن وألقى البيان على الهواء مباشرة، فى العاشرة صباحا، وتمكن المهندس أحمد عواد من تسجيله وبدأت محطة الإذاعة تذيعه على فترات ليسمعه أكبر عدد من المواطنين.
ولكن قراءة الصاغ محيى الدين عبد الرحمن كانت مليئة بالأخطاء اللغوية، إلى الحد، الذى آثار حفيظة الكثيرين، وجعلهم يتصلون بالقيادة، لتدارك الموقف.
وبالفعل، اتصلت قيادة الحركة، بالرائد محيى الدين عبد الرحمن، بالإذاعة، وطلبت منه وقف تلاوة البيان، بصوته فورا، وتكليف واحد من المذيعين بتلاوة البيان، بطريقة صحيحة، وكان أول مذيع، يقرأ البيان بصوته، هو المذيع صلاح زكى، كما أذاعه المذيع جلال معوض بصوته، فى نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءً
فقد كانت كلمة: "اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير" والتى استهل بها البكباشى محمد أنور السادات بيان الثورة الأول لها أثرها الذى لا ينسى حتى وقتنا هذا.
ولم يسجل البيان، بصوت أنور السادات، إلا خلال الاحتفال، الذى أُقيم بمناسبة مرور ستة أشهر على قيام الثورة، أى فى يوم 23 يناير 1953.
وقال نص البيان: "من اللواء محمد نجيب إلى الشعب المصرى اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين".
وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم ولابد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب أما عن رأينا فى اعتقال رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم فى الوقت المناسب وإننى أؤكد للجيش المصرى أن الجيش كله أصبح يعمل لصالح الوطن فى ظل الدستور مجردا من أى غاية وأنتهز هذه الفرصة وأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس فى صالح مصر وأن أى عمل من هذا القبيل يقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن فى الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا، متعاونا مع البوليس وإنى أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولا عنهم والله ولى التوفيق".
"اللواء أركان حرب محمد نجيب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة