لا أحد يُحب أن يُنْعت ببعض الصفات التي من المفترض أنها غير حميدة، بل وقد يصفها البعض بأنها مذمومة ومرفوضة، مثل الأنانية، والغرور، والنرجسية، والعصبية، وغيرها من الصفات الأخرى.
ولكن السؤال هل هناك إنسان لا يتمتع ببعض من تلك الصفات إن لم يكن أغلبها؟! فالإجابة بالطبع كل منا فيه أغلب تلك الصفات، ولكن النسب تتفاوت من شخصية لأخرى، وبناء عليه يُقال أن هذا الشخص أناني، أو مغرور، أو غيره.
والواقع أن بعض تلك الصفات لا تظهر إلا في المواقف الطارئة فقط، وفيما عدا ذلك لا نجد ذلك الشخص يتمتع بتلك الصفة، وأحيانًا لا تظهر إلا مع أشخاص مُعينة، بسبب عدم وجود انسجام بينهم، وأحيانًا أخرى يكون الإنسان على أتم العلم بأنه نرجسي في مواقف معينة، مثل أن يُحاول أحد الأشخاص التقليل منه، وقد يكون أنانيًا في بعض الأمور أو الأشياء التي يُحب الاستئثار بها، وقد يكون مغرورًا مع مَنْ يتعالى عليه.
أي أن تلك الصفات لابد وأن تكون موجودة داخل الإنسان بحُكم الطبيعة البشرية، فالفطرة السليمة لا تعني أن الإنسان مُتحرر من كل الصفات المرفُوضة، ولكنها تعني أنه لا يمكن أن يتسبب في إيذاء الآخرين، والدليل على ذلك أننا دائمًا ما نُصنف الأطفال في مراحلهم الأولى، بمعنى أن نقول هذا الطفل عنيد، وهذا الطفل مغرور، وذاك أناني، وذلك عصبي، مما يدل على أن الإنسان يُولد ولديه نسب متفاوتة من كل الصفات سواء الجيدة منها أو المنبوذة، ولكنه هو الذي يسعى لتشكيل هويته في مراحل نُضجه، بعد أن يكون الأهل قد بثوا بعض الصفات فيه، وحاولوا تغليب الصفات المحمودة على غيرها، ثم يأتي دور المجتمع والمواقف والأحداث التي تؤثر على الإنسان، إما بالسلب أو بالإيجاب، لتشكل في النهاية وجدانه وصفاته وأحاسيسه.
ولكن لا تُصدق من يقول لك أنه بعيد كل البُعد عن أي صفة منبوذة، فكلنا لدينا نسبة منها، والهدف الأول من خلقها بداخلنا أن تكون سلاحًا يحمينا من أي شخص يُحاول إيذاءنا أو النيل منا.
وعلينا في النهاية أن نُقنن نسب تلك الصفات بقدر الإمكان، ولا نستخدمها إلا في الوقت المناسب، حتى لا تستشري بداخلنا، ولا نستطيع تحجيمها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة