هل سمعت من قبل عن "ماتا هارى" إنها أشهر جاسوسة فى القرن العشرين، وقد كانت راقصة شهيرة، ربما هى أشهر راقصة فى القرن العشرين أيضا، والذى حدث أنه فى باريس، فرنسا، فى 25 يوليو 1917، حكمت محكمة فرنسية عليها بالإعدام بتهمة التجسس لصالح ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى .. فما الذى حدث؟.
ولدت مارجريتا جيرترويدا زيل فى بلدة صغيرة فى شمال هولندا فى عام 1876 وتزوجت وأنجبت وهى فى سن التاسعة عشر، وكانت تعمل راقصة فى باريس، وبدأت شهرتها عندما ادعت أنها ولدت فى معبد هندى مقدس، وتعلمت رقصات هندية قديمة على يد كاهنة أعطتها الاسم الذى يعنى "عين الفجر".
وكان انتقالها مع زوجها الضابط إلى جاوة فى إندونيسيا بداية التحول فى حياتها فقد انبهرت إلى حد بعيد بالشرق وعالمه الغريب عليها، وانجذبت للرقص الشرقى الذى تعلمته وأتقنته وتحولت إلى راقصة شرقية بعد موت ابنها الصغير وانصراف زوجها عنها، فانخرطت فى مجتمعات سومطرة وجاوة، وحفظت أسلوب المرأة الشرقية فى إبراز أنوثتها والتأكيد عليها وساعدها إتقانها الرقص على ذلك.
حين عادت مع زوجها إلى هولندا ذهبت إلى باريس عام 1903 تحت اسم (ليدى ماكلويد) وتخلت عن شخصيتها الأوروبية وتقمصت شخصية أميرة، وأصبحت (عروس الشرق) فى باريس ووقعت فى حب ملازم ألماني، تركت من أجله الرقص والمجتمعات الصاخبة، لكنه أهملها وهجرها بعد عامين فقط، فانتقمت منه فى شخص رجل مال فرنسى دمرت حياته.
حين وقعت الحرب العالمية الأولى ودخلت ألمانيا الحرب، كانت ماتا هارى مفلسة وفاشلة وفى منتصف الثلاثينات، فعادت إلى وطنها هولندا لتجد أمامها قنصل ألمانيا، يوهمها بأنه ما زال يعيش فى جو أسطورتها القديمة ومسارح باريس، وتم تجنيدها على يده ضد الفرنسيين وطلب منها ببساطة العودة إلى باريس، حلمها الدائم، ورحبت بالعرض دون أن تدرك خطورة ما تفعل وأصبح اسمها الحركى هـ 21.
ارتبطت بقصة حب مع ضابط روسى، وتابعها عن قرب أحد كبار المخابرات الفرنسية، والذى وجدها فرصة لتجنيدها (ضد الألمان) على أن يدفع لها كل ما تريد، وتحولت إلى عميل مزدوج.
كانت ماتا هارى تستخدم أسلوب شفرة شديدة التعقيد فى مراسلة عملاء ألمانيا خارج فرنسا أسلوب يصعب إن لم يكن من المستحيل فك رموزه وحله وثارت ثائرة رجال الأمن عند هذه النقطة ودب الخلاف والشقاق بينهم.
كان بعضهم يرى ضرورة إلقاء القبض على ماتا هارى قبل أن تنقل إلى الألمان أسرار مخيفة قد تؤدى إلى هزيمة فرنسا فى حين يرى البعض الآخر أن إلقاء القبض عليها دون دليل ينذرها بشكوكهم دون أن يكفى لإدانتها، وبالفعل تم إلقاء القبض على ماتا هارى عام 1916 م ومحاكمتها بتهمة الجاسوسية.
ولكن القصة لم تنته بعد فقد أنكرت ماتا هارى التهمة بشدة واستنكرتها وراحت تدافع عن نفسها فى حرارة وتؤكد ولاءها لفرنسا واستعدادها للعمل من أجلها، وبدلا من أن تنتهى المحاكمة بإدانة ماتا هارى بتهمة الجاسوسية انتهت باتفاق بينها وبين الفرنسيين للعمل لحسابهم والحصول على أية معلومات سرية لهم نظرا لعلاقاتها القوية بعدد من العسكريين والسياسيين الألمان.
ماتا هارى
والعجيب أن الفرنسيين وافقوا على هذا وأرسلوا ماتا هارى بالفعل إلى مهمة سرية فى بلجيكا حيث التقت ببعض العملاء السريين الفرنسيين هناك وقدمت لهم العديد من الخدمات النافعة ونقلت ماتا هارى بالفعل عددا من الأسرار الألمانية للفرنسيين ولكن الألمان ردوا الصاع صاعين لعميلتهم السابقة.
جاءت النهاية عندما أرسل الألمان لها خطابات مشفرة، مستخدمين شفرة يفهمها الفرنسيون جيدا مما جعل الفرنسيون يلقون القبض على ماتا هارى مرة ثانية بتهمة التجسس مع وجود الخطابات كدليل هذه المرة، ومرة أخرى تمت محاكمة ماتا هارى فى باريس، وفى هذه المرة لم تنجح ماتا هارى فى إقناع الفرنسيين ببراءتها فصدر الحكم بإعدامها، وتم تنفيذ الحكم رميا بالرصاص فى 25 يوليو من عام 1917.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة