حاول المصريون القدماء فى تدوین لغتهم بمحاولات أولية بالنقش التصويرى والمقاطع منذ نحو 7000عام وتمتاز اللغة المصرية القديمة بأنها أول لغة لها أبجدية فى شكلها الهیروغلیفی نحو القرن الـ30 قبل الميلاد، وعنها أخذ معظم شعوب العالم حيث صارت لهم أبجديات تتشابه كثيرا مع الأبجدية الهيروغليفية شكلا ونطقا بل وبالنسبة للقواعد النحوية أيضا والتركيبات اللغوية.
وأوضح الأنبا ديمتريوس أسقف ملوى وأنصنا والأشمونين ورئيس قسم اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية فى تصريحات لموقع الكنيسة الأرثوذكسية، أن اللغة الهيروغليفية تطورت تبسيطا إلى الهيراطيقية نسبة إلى الكهنة (العلماء) ثم إلى الديموطيقية أى الخاصة بعامة الشعب نحو القرن السابع قبل الميلاد للاستخدام فى الحياة اليومية، ثم إلى اللغة القبطية الحديثة، وترجم الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية فى القـرن الثانى المیلادی حيث قام العلامة بنتينوس مدير مدرسة الإسكندرية نحو عام 181 مع بعض تلاميذه بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية، وكتبت الصلوات الكنسية والتسبحة باللغة القبطية وترك لنا الآباء كثيرا من أقوالهم النافعة باللغة القبطية بلهجاتها المختلفة وتوجد آلاف المخطوطات والبرديات في الأديرة والكنائس والمتاحف في مصر وجميع أنحاء العالم تحتاج إلى الدراسة والتحقيق.
وأوضح أسقف ملوى وأنصنا والأشمونيين، أننا نستدل من سير القديسين مثل أنطونيوس وباخوميوس انتشار الترجمة القبطية للكتاب المقدس فالقديس أنطونيوس الذى لم يكن يعرف اليونانية عندما سمع فى إنجيل القداس الآية : "إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع مالك واعطه للمساكين فتقتنى لك كنز فى السماء وتعال اتبعنی"، وكذلك فان قوانين القديس باخوميوس التى كتبها نحو عام 321 م والتى يوصى فيها تلاميذه الرهبان بقراءة الكتاب المقدس باللغة القبطية.
وحينما وجـدت الكنیسة، أن اللغة القبطية قل استخدامها بين عامة الشعب قننت اللهجة البحيرية كلغة رسمية للكنيسة. ابتداء من عهد البابا خريستوذولس الـ 66 فى القرن الحادی عشر الميلادی، واستمرت الكنيسة محافظة على هذه اللهجة حتى الآن، وفى هذا العصر نشطت حركة التأليف لكتب القواعد (المقدمات) والقواميس (السلالم).
ويقول المؤرخ المقريزى فى القرن الخـامس عشر المیلادى، إن أقباط مصر لا يتكلمون سوى القبطية ولهم دراية عظیمة باللغة اليونانية.
وفی عهد البابا كيرلس الرابع أبو الاصلاح فی القرن التاسع عشر الميلادی اهتمت الكنيسة بإحياء نهضة تعليمية واسعة، فأنشأ البابا كيرلس الرابع مدارس الأقباط وفتح المجال لتعليم الفتيات وأحضر أول مطبعة حديثة لطبع الكتب الكنسية ومناهج المدارس. وكان البابا كيرلس الرابع يشرف بنفسه على تعليم اللغة القبطية، ثم أسند مهمة الاشراف للقمص تكلا ثم للأرخن المبارك المعلم عريان أفندى مفتاح الذي يعتبر بحق أول عالم نهض باللغة القبطية وردها إلى أصول نطقها السليم، وأحد المقربين للدكتور راغب مفتاح الذى قام بتسجيل الألحان الكنسية بأول جهاز تسجيل يدخل أرض مصر بعد الجهاز الخاص بالإذاعة.
وحفظت هذه التسجيلات بقسم الموسيقى والألحان بمعهد الدراسات القبطية بالقاهرة كأول توثيق صوتی للفظ اللغة القبطية بصفة عامة وللفظ الكنسى للغة القبطية بصفة خاصة.
وتبنى مؤخرا قداسة البابا شنوده الثالث وباشراف الأستاذ الدكتور میشيل بديع عبد الملك الذى خلف الأستاذ الدكتور راغب مفتاح فى رئاسة قسم الموسيقى والألحان بتحويل هذه التسجيلات القديمة على أجهزة حديثة Digital بمعاونة فريق من المتخصصين فى إحدی جامعات ألمانيا، وقام قداسته بتعليم اللغة القبطية بنفسه للشعب لمدة عام كامل (سنة 1975 م) وكانت تنشر بمجلة الكرازة أسبوعيا.