خلال أشهر قليلة من توليه الحكم، سعى الرئيس الأمريكى جو بايدن لطى صفحة من تاريخ حروب أمريكا فى الخارج بإعلان سحب القوات القتالية من أفغانستان ثم من العراق، فيما رأت صحيفة واشنطن بوست أنه يعكس رغبة الرئيس فى إنهاء فترة ما بعد 11 سبتمبر.
ووصفت الصحيفة إعلان الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستنهى مهامها القتالية فى العراق بنهاية العام بأنه أحدث محاولة من جانبه لدفع الدبلوماسية الأمريكية لما بعد فترة أعقاب أحداث سبتمبر، وتحويل التركيز بعيدا عن الإرهاب والشرق الأوسط ونحو تهديدات أخرى مثل الصين والحرب الإلكترونية.
وكان الرئيس بايدن وعد خلال استقباله رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى بالبيت الأبيض أمس الاثنين باستمرار الدعم للديمقراطية فى العراق، بما فى ذلك الانتخابات المقررة فى الخريف، إلا أنه قال إن المهمة العسكرية هناك سوف تتغير. وقال بايدن إن الدور الأمريكى فى العراق سيكون فقط لمواصلة التدريب والمساعدة للتعامل مع داعش، إلا أنهم وبنهاية هذا العام لن يكونوا فى مهمة قتالية.
وجاء هذا بعد ثلاثة اشهر من إعلان بايدن الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان وبعد أسبوع واحد فقط من بدء نقل السجناء من معتقل جوانتانامو على أمل إغلاق المعتقل فى نهاية المطاف.
ورأت الصحيفة أن هذه الخطوات معا تمثل ما قد أصبح أحد ركائز السياسة الخارجية لبايدن، فبعد عقدين مما يرى أنه رد فعل عفا عليه الزمن لأحداث 11 سبتمبر والهجمات الإرهابية ، والتركيز بقوة أكبر على الصين التى يراها أكبر تهديد للأمن الأمريكى.
وبسحب القوات الأمريكية فى العرق إلى المقعد خلفى، يحاول بايدن، بحسب ما تقول الصحيفة، أن يسدل الستار على الصراع الأكثر دموية وتكلفة لهذا العصر، والذى وصفه الرؤساء الأمريكيون السابقون بالحرب العالمية على الإرهاب. وبعد 18 عاما على بدئها، فإن حرب العراق تعد الآن فصلا غير محبوبا بشكل عميق للسياسة الخارجية الأمريكية.
كما أنها تمثل إرثا مؤلما للرئيس بايدن نفسه. فنجل الرئيس، بيو بايدن، الذى مات فى عام 2015، كانا احتياطيا فى العراق، وقال الرئيس إن يشك أن سموما من الانتشار قد أدت إلى إصابة ابنه القاتلة بسرطان فى المخ.
وقال جيل بارندولار، الجندى السابق فى أفغانستان وزميل مركز أولويات الدفاع إن الوقت قد حان للتخلص من آلية الحرب فى حقبة ما بعد 11 سبتمبر.
وقال بارندولار أن إن الأمر قد تأخر، فهناك ما يعادل أربعة أضعاف عدد الجماعات الإرهابية التى كانت موجودة فى 11 سبتمبر، وأكد ان الحرب العالمية على الإرهاب قد فشلت بكل المقاييس.
إلا أن صدمة الهجمات الإرهابية التى وقعت قبل عقدين وأودت بحياة نحو 3 آلاف أمريكى، لم يتلاشى، ويحذر البعض من قلب الصفحة بشكل دائم. وقد وصف السيناتور الجمهورى البارز ليندسى جراهام نهج بايدن بأن كارثة تتكون ويخاطر بعودة ظهور كلا من القاعدة وداعش.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن هناك مؤشرات على أن الانفصال التام لن يكون سهلا. فطالبان أحرزت مكاسب كبيرة فى أفغانستان منذ أن بدأت الولايات المتحدة الانسحاب. والدبلوماسيون الأمريكيون الباقون يواجهون تحديات كبيرة. ولا يزال بايدن يصارع لمعرفة ما إذا كان من الممكن عقد اتفاق نووى مع إيران، وهى إحدى خصوم أمريكا الأساسيين فى الشرق الأوسط