اتفقت دراسات علمية حديثة، وبيانات رسمية صادرة عن برلمانيين على أن "أثيوبيا تهدد أمن المنطقة"، كاشفين عن غرق اديس أبابا في أزمات داخلية شديدة وسعيها للملء الثاني محاولة من رئيس وزرائها أبى أحمد بالتغطية على هذه الأزمة الداخلية، موضحين أن أهم الأزمات الداخلية لأثيوبيا كثيرة للغاية وأخرها مخاطر تفكك الاتحاد الاثيوبي.
ورصدت دارسة حديثة صادرة عن مركز "الإنذار المبكر" سياسة أثيوبيا في أزمة سد النهضة، واصفة إياها بأنها تتبع سياسة التسويف والمماطلة بشكل منهجي".
وقالت الدارسة التي حملت عنوان " توقعات ودلالات: ماذا يعني إحالة مصر أزمة سد النهضة لمجلس الأمن؟ : " كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد صرح على هامش عدد من الأنشطة واللقاءات أخرها افتتاح قاعدة 3 يوليو ومناورات قادر 2021، أن “مصر لا يمكن أن تستمر في المفاوضات إلى ما لانهاية”، مكرراً تصريحات سابقة عن مخاطر تداعيات التعنت الاثيوبي فيما يخص حصص مياه مصر والسودان وعدم الوصول لاتفاق ملزم بتشغيل سد النهضة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وأضافت الدارسة :"وفيما تعتمد أديس أبابا نمط تصدير أزمات الداخل للخارج، وكذلك الهرب للأمام من مشاكل داخلية مزمنة أخرها مخاطر تفكك الاتحاد الاثيوبي عبر اختلاق انتصار زائف للاستهلاك المحلي بالاستمرار في تعلية وملء خزان السد، فإن القاهرة باتت تربط استقرار المنطقة وأمنها، وخاصة أمن الملاحة في ممراتها المائية وتحديداً في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، بأفق حل أو تعقد أزمة سد النهضة، والذي يمتد وفق الاعتبارات السابقة إلى مآلات الصراع بين بكين وموسكو وواشنطن في الإقليم".
وأشارت الدارسة إلى أنه ووفق تصريح مندوب فرنسا في مجلس الأمن، والذي تشغل بلاده رئاسة دورة المجلس لشهر يوليو الجاري، فإنه من غير المرجح الوصول لقرار يلزم أديس أبابا في الانخراط في مفاوضات جدية مشروطة بالوصول لاتفاق ملء وتشغيل يراعي مصالح دولتي المصب، ولكن وفق سوابق عمل مجلس الأمن مؤخراً فيما يتعلق بدول القرن الأفريقي والمنطقة عموماً، فإن تمرير المشروع من عدمه مرتبط بالمصالح والعلاقات بين دوله ال15 وأطراف القضية المعروضة عليه، وهو ما لمح له شكري في عدد من تصريحاته الأخيرة بأن التوجه لمجلس الأمن يعد رسالة مصرية باستنفاذ كافة الطرق التفاوضية والسلمية التي من شانها تجنيب المنطقة والمصالح الدولية تداعيات سلبية على أصعدة تتعلق بملفات مثل الملاحة والهجرة والنزاعات الأهلية طويلة الأمد".
وتابعت :"ويدل الاعتراض الروسي والصيني على مسودة بيان إدانة ضد أديس أبابا في مارس الماضي على خلفية من معارك إقليم تيجراي، أن القوى الدولية لها حسابات خاصة بتموضعات واشنطن الإقليمية والدولية الجديدة في المنطقة، والتي ترتبط بشكل كبير بمستقبل القرن الأفريقي واهميته الجيوسياسية من ناحية الملاحة الدولية، وهو الأمر الذي يرتبط بدوره بمألات الأوضاع الداخلية في دوله وكذلك أثيوبيا بصفتها الدولة ذات الكثافة السكانية الأعلى".
وأكدت الدارسة إلى أن الخطوة المصرية الأخيرة بالتوجه لمجلس الأمن تأتي في سياق إدارة القاهرة لتوازن خارجي يخدم مصالحها النابعة من المحافظة على مقدرات أمنها القومي وعلى رأسها الحدود ومياه النيل، وهو ما يدل على أنه من الرغم من عدم توقع فاعلية كبيرة لهذه الخطوة بشكل يلزم أديس أبابا ويلجم تعنتها المستمر، فإن هكذا خطوة تأتي بمثابة رسالة وإيضاح لكل الأطراف المعنية إقليمياً ودولياً بالقرن الافريقي واستقرار المنطقة وعلى رأسها واشنطن وبكين وروسيا، مفادها إعلان القاهرة عن دخول مسار التفاوض السلمي للوقت الضائع، وذلك كتمهيد لما يلي ذلك من مسارات أمنية وعسكرية.
تعنت أديس أبابا والدبلوماسية المصرية
وأكد النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن الموقف المصري من قضية سد النهضة كان واضحا منذ بداية الأزمة أمام العالم كله، مشيرا إلى أن الدبلوماسية المصرية اتخذت كل الطرق الممكنة والسلمية لحل القضية بإعطاء دور لاتحاد الإفريقي، والوساطة الأمريكية، ثم التصعيد لمجلس الامن.
وقال " رضوان " فى تصريحات صحفية سابقه له، إن مصر والسودان يأملان من مجلس الأمن الذي يعد أعلى مجلس أممي ينظر في جميع النزاعات الدولية التي تهدد السلم والأمن الدوليين وبالتالي يتوقع من الدول الخمس الأعضاء حفظ الأمن الدولي ، مشيرا إلى أن مصر والسودان استعانتا بالاتحاد الإفريقي، ولكن أخفقت المحاولات في التوصل إلى حل، بسبب التعنت والهروب الدائمين من جانب اثيوبيا على مدار عشر سنوات وأكد النائب طارق رضوان أن مصر ترغب في ضمانة حقيقية تضمن جدية المفاوضات، وهو ما تنتظره مصر من المجتمع الدولي، لضمان نهاية سلمية بدلا من النزاعات التي لا تتحملها المنطقة، مشيرا الى أن هناك دولاً كثيرة لديها نزاعات على الأنهار، ولا يريد مجلس الأمن نقلها إليه لأنها تقدر بالمئات.
ولفت إلى خطورة سد النهضة وتأثيراته السلبية على دولتى المصب مصر والسودان، خاصة أن خبراء المياه أكدوا أن سد النهضة قدرته على تخزين المياه هائلة تصل لـ74 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى أن نهر النيل هو مصدر المياه الوحيد لمصر والرئيسي للسودان، ما سيسبب نقصا في الشرب والأراضي الزراعية ما يهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي اضافة الى أن إثيوبيا متورطة في نزاعات مع عدة دول، بخصوص الأنهار المشتركة معها مثل كينيا والصومال.
وقال النائب طارق رضوان إن التعنت الإثيوبي يقود المنطقة لحالة من عدم الاستقرار، فمثلما تفعل حكومة آبي أحمد في الداخل، نفس الأمر في الإقليم، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بدوره بعد وصول التعنت الإثيوبي لمداه، ويتخذ ما يجب من إجراءات للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن عبر المفاوضات الإثيوبية موضحاً أن مصر أثبتت للعالم كله حرصها التام في الحفاظ على المسار التعاوني في حوض النيل الشرقي لمصالح شعوب مصر والسودان وإثيوبيا، كما أنها قدمت الكثير من الاقتراحات والبدائل لإيجاد الحلول المباشرة لأزمة السد الإثيوبي.
وأكد النائب طارق رضوان أنه ثبت بمرور الوقت أن الجانب الإثيوبي يفتقد أي إرادة سياسية للوصول لحل ويتعامل بسوء نية ويسعى للسيطرة على مياه النيل الأزرق مشيرا الى أن اثيوبيا لم يعد لديها إنجاز تتستر خلفه وتريد إظهار أن هناك عدوا خارجيا، وأن مصر تهدد مشروع التنمية، وعلى الإثيوبيين أن يتوحدوا، وأن ما يقوم اثيوبيا يمثل تهديدا صريحا للأمن والسلم في القرن الإفريقي وفي شرق إفريقيا وحوض النيل، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بدوره في الضغط على الحكومة الإثيوبية للوصول لمسار سلمي تفاوضي، وإلا على المجتمع الدولي تحمل هذا الأمر. موضحاً أن إرسال بيان وزارة الري لمجلس الأمن يؤكد خطورة السلوك والتعنت الإثيوبي، ويوضح أهمية الإسراع باتخاذ قرار بالحل السلمي المتوازن والعادل لقضية السد الإثيوبي الذي يمثل تهديدا ماثلا وقريبا لدول حوض النيل.
انتهاكات أثيوبيا
يتوافق مع الآراء السابقة النائب كريم عبدالكريم درويش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إذ أكد أن قيام إثيوبيا بالملء الثانى لسد النهضة يهدد السلم والأمن الدوليين، ويتناقض مع التزامات الدول وتعهداتها فى المواثيق الدولية ببذل المساعى السلمية لحل المشكلات الدولية، فقد انتهكت إثيوبيا كافة الأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالأنهار الدولية وبالالتزام بتوارث الاتفاقات الدولية .
وأضاف كريم درويش أن إثيوبيا لم تحترم مبدأ الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية عبر جولات ماراثونية من المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقى إلا أن إثيوبيا تنصلت من التوصل لاتفاق قانونى ملزم لملء وإدارة السد .
وأوضح درويش أن المشكلة تكمن فى النظام الإثيوبى القائم، وليس مع الشعب الإثيوبى الصديق الذى يجمعه بالشعب المصرى أواصر تاريخية مشتركة، فمصر أكدت دومًا على حرصها على تحقيق التنمية فى إثيوبيا دون الإضرار بحقوق مصر والسودان المائية، وهو أمر يمكن تحقيقه لو توافرت النوايا والتحلى بالتزامات المسئولية الدولية لرؤساء الدول والحكومات .
وأختتم رئيس خارجية النواب تصريحاته بأن القيادة السياسية المصرية أكدت مرارًا على عدم الانتقاص من الحقوق المصرية أو الإضرار بها، وأن قضية المياه قضية أمن قومى مصرى وسودانى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة