ولدت جيهان صفوت رؤوف ، أو كما عرفت بجيهان السادات ، في حيِّ الروضة بمدينة القاهرة عام 1933، تنتمي إلى عائلة من الطبقة المتوسطة العليا من صعيد مصر، لأب مصرى يعمل طبيبا، وأم بريطانية تدعى "جلاديس تشارلز كوتريل"، وكانت ترتيبها الثالث بين أربعة أطفال في أسرتها، هم : مجدي، وعلي، وداليا، وتلقت تعليمها الأول في مدرسة الإرسالية المسيحية خلال فترة الأربعينيات، ثم درست بمدرسة الجيزة الثانوية عندما وصلت إلى سن 11 عاما.
جيهان السادات والرئيس أنور السادات
حصلت على ليسانس الآداب جامعة القاهرة عام 1977، ثم حصلت على الماجستير فى الأدب المقارن، وشاهدها الملايين وهى تناقش الرسالة عبر شاشة التليفزيون، ثم نالت درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1986، وكرست جهودها بعد ذلك للتدريس بجامعة القاهرة، وإلقاء المحاضرات فى الجامعات العالمية، وأصبحت إقامتها بين مصر والولايات المتحدة حيث كانت أستاذ زائر فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة جنوب كارولينا، و جامعة رادفورد فى الولايات المتحدة، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة ماريلاند منذ عام 1993، حتى استقرت إقامتها بشكل دائم فى القاهرة.
جيهان السادات
كان لقائها الأول مع الرئيس الراحل أنور السادات في مدينة السويس، في منزل قريب لها صيف عام 1948 وكانت في الخامسة عشرة من عمرها، وارتبطت بعلاقة عاطفية معه وقررت الزواج منه في 29 مايو 1949 بعد خطبة دامت بضعة شهور، وذلك عندما كان ضابطا صغيرا في الجيش قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية، وأنجبت منه ثلاث بنات ، هن : لبنى ونهى وجيهان، وولد واحد وهو جمال.
شاركت جيهان زوجها الرئيس أنور السادات مختلف الأحداث الهامة التي شهدتها مصر بدءا من ثورة 23 يوليو 1952 وحتى اغتياله عام 1981، حيث كانت زوجة داعمة لزوجها طوال الوقت في مسيرته السياسية الصاعدة، وشاركته في كافة الأحداث والقرارات المصيرية التي اتخذها ومن أبرزها حرب أكتوبر، وتوقيع اتفاق السلام "كامب ديفيد" فضلا عن تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى وما نتج عنها من تداعيات.
وبدأت جيهان السادات نشاطها العام بداية الستينيَّات إلا أن دورها بدأ يتبلور بعد تعيين السادات نائباً لرئيس الجمهوريَّة في 19 ديسمبر عام 1969، ثم اختياره رئيساً بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر عام 1970.
جيهان السادات
فكانت أول سيدة أولى في تاريخ جمهورية مصر العربية تخرج إلى دائرة العمل العام لتباشر العمل بنفسها بين صفوف الشعب المصري، واستخدمت منصتها للتأثير في حياة الملايين داخل بلدها، لتكون نموذجًا يحتذى به للمرأة في كل مكان، وساعدت في تغيير صورة العالم للمرأة العربية خلال حقبة السبعينيات، من خلال قيامها بالعمل التطوعي، والمشاركة في الخدمات غير الحكومية.
وبدأ نجمها يسطع بشكل كبير بعد حرب أكتوبر 1973، حيث اصطحبت السيدات المتطوعات للخدمة بالمستشفيات إلي مكة المكرمة لصلاة شكر لله، ثم إلي منطقة القناة لتوجه الشكر إلى الجنود المرابطين هناك.
ولعبت جيهان السادات أدوارا هامة في العديد من المشروعات أبرزها مشروع تنظيم الأسرة، ودعم الدور السياسي للمرأة وتشجيع تعليمها وتعزيز قدرتها على الحصول على حقوقها في المجتمع المصري، حتى أنها سعت في تعديل بعض القوانين على رأسها قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة الذي لا يزال يعرف في مصر حتى الآن بقانون "جيهان"، حيث لعبت دورا بارزا وراء إصدار مرسوم 1979 الذي أطلق عليه قانون "جيهان"، والذى يلزم الزوج بإبلاغ زوجته قبل تسجيل الطلاق، وأعطى الزوجة الحق فى تحريك دعوى قضائية للمطالبة بالنفقة، وإطالة فترة حضانة الطفل لدى الأم. كما أعطى هذا القانون الحق للزوجة بالعيش في منزل الزوجية في حال إثبات عدم وجود مكان آخر للعيش فيه.
لقبها أسر شهداء حرب أكتوبر ومصابي العمليات الحربية بـ "أم الأبطال"، نظرا لجهدها الكبير وما قدمته لرعايتهم وتعويضهم من خلال مشروعات من أبرزها تأسيس جمعية الوفاء والأمل التي قدمت الخدمات الطبية وإعادة التأهيل والتدريب المهني للمحاربين القدامى من ذوي الإعاقة، ويتم دعم المركز من خلال تبرعات من جميع أنحاء العالم.
جيهان السادات
كما ساهمت جيهان السادات في العديد من المبادرات الاجتماعية والمشروعات الإنمائية، التي تخدم المجتمع المصرى بمختلف فئاته فى ذلك الوقت، حيث رأست جيهان السادات في الفترة ما بين 1970 إلى 1981 نحو 30 منظمة وجمعية خيرية (من أهمها جمعية الهلال الأحمر، جمعية بنك الدم، رئيس شرف لتنظيم الأسرة، الجمعية المصرية لمرضي السرطان، جمعية الخدمات الجامعية،.. الخ).
كما أنشأت مركزا للعناية بالأشخاص ذوي الإعاقة عام 1972، ومركز لرعاية مرضي السرطان، وتم افتتاح أول قرية أطفال SOS في القاهرة وأخري بالإسكندرية وثالثة بطنطا، ومشروع لكفالة الطفل اليتيم.
وأولت جيهان السادات اهتماما كبيرا بالمرأة الريفية ظهر من خلال مشروع جمعية "تالا" التعاونية وهي جمعية تعاونية في منطقة دلتا النيل تساعد النساء الريفيات على تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال تعليم أعمال الحياكة والتريكو، ومثلت تلك الجمعية نقطة الانطلاق لسيدات الأعمال في الريف، مع إقامة معارض لتسويق هذه المنتجات.
وعملت جيهان السادات على تعزيز مكانة المرأة داخل البرلمان، ورشحت نفسها "مستقلة" عام 1974 للحصول علي مقعد في المجلس الشعبي في المنوفية الذي يضم ممثلي 300 قرية وذلك بهدف إظهار دور المرأة السياسي وإفساح الطريق أمام النساء الريفيات للمساهمة في السياسة، وأعيد انتخابها عام 1978 وخدمت 3 سنوات كأول سيدة رئيس لمجلس شعبي في مصر.
جيهان السادات
دوليا مثلت مصر في المؤتمر الدولي السنوي للمرأة عام 1975 بالمكسيك. كما أنها شاركت في المؤتمر الأول للمرأة العربية والإفريقية والذي حضرته بالقاهرة 200 سيدة من 30 دولة.
من أشهر مؤلفات جيهان السادات كتاب «سيدة من مصر» والذي يحتوي علي مذكراتها وتجاربها من خلال العمل السياسي كقرينة للرئيس السادات، أيضا كتاب «أملي في السلام» الذي نشر عام 2009 وهو يمثل تحليل ورؤي سياسية لما تشهده منطقة الشرق الأوسط وطرق التوصل الي سلام منشود وحقيقي.
حصلت جيهان السادات على العديد من الجوائز الوطنية والدولية للخدمة العامة والجهود الإنسانية للنساء والأطفال. وتلقت أيضا أكثر من 20 درجة دكتوراه فخرية من جامعات وطنية ودولية في مختلف أنحاء العالم. وفي عام 1993 تلقت جائزة مجتمع المسيح الدولية للسلام، كما فازت عام 2001 بجائزة بيرل باك Pearl S. Buck الدولية.
وتم تكريمها العديد من المرات أهمها تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي لها في أكتوبر 2017، على هامش افتتاح مقر مركز المؤتمرات والمعارض الدولية بالتجمع الخامس، حيث شهدت الاحتفالية عرض فيلم تسجيلي حول نشاط السيدة/جيهان السادات خلال حرب أكتوبر، كما ألقت كلمة تحدثت فيها عن ذكريات مرحلة نصر أكتوبر ومواقف الرئيس الراحل/ أنور السادات خلالها، وتناولت دور القوات المسلحة وقياداتها في نصر أكتوبر العظيم، وما تتحمله من مسئولية في الوقت الحالي لتطهير مصر من خطر الإرهاب.
كما تم تكريمها من قبل المجلس القومي للمرأة، حيث سلمتها الدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس، درع المجلس وشهادة تقدير لدورها في حرب 73 بجانب درع حملة "التاء المربوطة وعلم مصر". وكرمها أيضا الهلال الأحمر المصري عام 2017 تقديرا لجهودها على مدار عقود طويلة كأبرز رائدات العمل التطوعي في مصر، ودورها الداعم في رعاية ضحايا الحرب.
حظت جيهان السادات بشعبية كبيرة داخل الشارع المصري حتى بعد مرور عقود على اغتيال زوجها الراحل الرئيس السادات، حيث انها كانت تحرص دائما على التعامل عن قرب مع الشعب المصري وخدمه مصالحه.