"التفوق والنجاح لا يعرفان المستحيل".. عنوان لقصة كفاح بطلها شاب عانى كثيرا من ظلمة الحياة وقسوتها، فافتقد حنان الأب عندما تركه وهو طفل رضيع، ثم تألم عندما شاهد والدته تكافح وتشق الصخر فى المنازل والغيطان ونقل مواد البناء الثقيلة دون كلل أو ملل لتنفق عليه وإخوته وتوفر لهم حياة كريمة، وكانت لظروفهم المعيشية أثرا بالغا على حياته التعليمية فلم يتمكن من الإلتحاق بالثانوى العام والتحق بالدبلوم التجاري.
كان يذاكر مفترشا على الأرض أو أعلى السطوح بين الطيور لعدم امتلاك أسرته منزلا يأويها، اضطر للعمل باليومية ليعتمد على نفسه ويتحمل أعباء الحياة مع والدته، فآمن بنفسه وبأحلامه وإمكانياته وصمد وأصر على الوصول للقمة حتى حصل على المركز الأول بالدبلوم الفنى التجارى على مستوى مركز أجا، بنسبة 97.15%.
الطالب-كريم-ووالدته
يقول كريم محمد عبد المنعم محمد، ابن قرية صهرجت الصغرى مركز أجا بمحافظة الدقهلية، إنه بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة لم يتمكن من الإلتحاق بالثانوى العام والتحق بالدبلوم التجارى واستطاع أن يحقق النجاح والتفوق بدعم والدته له منذ الطفولة حتى استطاع أن يصل لحلمه، فظروفه القاسية كانت حافزا لتفوقه.
وحكى "كريم"، عن لحظات ظهور النتيجة، فقال إنه فوجئ بها وكان يتوقع أن يحصل على نسبة أكبر، ولكن غمرته الفرحة بعدما حقق حلمه، ناصحا الأجيال القادمة أن يتمسكوا بأحلامهم ويكون لهم هدف واضح يسعوا لتحقيقه.
وأوضح كريم، أنه كان لديه هدفا أراد تحقيقه فأولى اهتماما بالغا بتعليمه من أجل تحقيق حلمه فى النجاح، برغم ظروفهم المعيشية القاسية وعدم امتلاكهم لمنزل يأويهم فكل ما يمتلكوه غرفة واحدة يمكث بها جميع أفراد أسرته ولهذا كان يذاكر 6 ساعات يوميا وهو مفترشا على الأرض أو أعلى السطوح بين الطيور، معتمدا على نفسه وعلى الدروس المشروحة على الإنترنت ومساعدة أحد مدرسيه الذى كان أبا روحيا له فقدم له كافة الدعم وشجعه وحفزه على التفوق والنجاح وساعده فى المذاكرة ووضح له كل ما كان يستصعبه من معلومات.
وقال "كريم"، إنه كان يعمل باليومية خلال فترة دراسته ليعتمد على نفسه ويساعد والدته فى المصاريف، فكان يذهب للعمل بعد صلاة الفجر ثم يعود للمنزل فى الساعة الثامنة صباحا، ليستكمل دراسته.
شهادة-تقدير-للطالب
وأضاف "كريم"، أن والده انفصل عن والدته وتركهم وهو طفل رضيع ولم يسأل عنهم طيلة حياته، فكافحت أمه من أجله ومن أجل إخوته الأربعة، وقال "كريم"، إن والدته احتضنتهم ورعتهم وتعبت وشقيت عليهم حتى علمته وزوجت إخوته البنات بمساعدة أهل الخير، وإنه لن يستطع مهما فعل أن يوفيها حقها ويرد واحد من أفضالها عليه وإخوته.
وعن آماله وطموحاته قال "كريم"، إنه يسعى لتحقيق حلمه المتمثل فى الالتحاق بمعهد فنى صحى، ويأمل فى الحصول على منحة دراسية بإحدى الكليات ليكمل مسيرة تفوقه ويجد وظيفه تمكنه من الاعتماد على نفسه دون مساعدة أحد وتساعده على الإنفاق على أسرته.
وقالت السيدة رشيدة محمد البيلي، والدة "كريم"، إنها انفصلت عن زوجها الذى ترك أبناءه الخمسة وهم رضع دون أن يسأل أو ينفق عليهم فاضطرت للعمل فى المنازل والغيطان وحمل مواد البناء الثقيلة من طوب وزلط وأسمنت لتوفير نفقات المعيشة وتربية وتعليم أبنائها الخمسة حتى تهالكت صحتها، وبرغم الظروف استطاعت أن تزوج بناتها الثلاثة وتصل بابنها الأكبر إلى العمل كنجار مسلح، وبـ"كريم" ليكون الأول على الدبلوم الفنى التجارى بمركز أجا.
الطالب-ووالدته-داخل-المنزل
وأضافت "رشيدة"، أنهم كانوا يعيشون فى بيت بالإيجار ثم ساعدها أهل الخير لشراء غرفة مسقوفة بالخشب بحمام لتسكنها هى وأبنائها الخمسة، هذه الغرفة التى ينامون فيها جميعهم على سرير واحد، يطهون طعامهم ويأكلون فيها، لا يقيهم من حر الصيف وبرد الشتاء، ولضيق الغرفة يضطر ابنها البكر للإقامة والنوم عند أحد أصدقاءه الذى يعمل معه فى مجال النجارة.
وقالت "رشيدة"، إنهم يعيشون حياة غاية فى الصعوبة بدون دخل، فيتلقون المساعدات العينية من جيرانهم وأهل الخير، ويعانون فى الصيف بسبب شدة الحرارة التى تجعلهم يتصببون عرقا لعدم وجود وسائل ومنافذ للتهوية وكذلك يعانون فى الشتاء بسبب تساقط مياه الأمطار لأن المنزل مسقوف بألواح خشبية، مما يضطرهم لافتراش الغرفة بالأواني، والنوم عند جيرانهم.
وأضافت "رشيدة"، أنها مقطوعة من شجرة، ولكنهم راضين بما قسمه الله لهم، وقالت "رشيدة" وعلامات الحزن بادية على وجهها، أنها تأمل فى توفير منزل آدمى يأويها وأبنائها.
منزل-الطالب
الأول-على-الدبلوم-الفنى-التجارى-بمركز-أجا
الحاصل-على-المركز-الأول-بالدبلوم-الفنى-التجارى
الطالب-كريم-محمد-عبد-المنعم-محمد