لا تزال الجزائر تواجه أعنف موجة لحرائق الغابات ، حيث تستعر عشرات من حرائق الغابات في مناطق جبلية بالجزائر منذ الاثنين وتضررت تيزي وزو بشكل خاص وهي الإقليم الرئيسي في منطقة القبائل شرق العاصمة.
وفى هذا السياق أكدت الجزائر وجود متورطين في إشعالها بهدف الإضرار بأمن البلاد ، وفى هذا السياق قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إنه تم اعتقال 22 شخصا يشتبه في ضلوعهم في إضرام مجموعة من أشد حرائق الغابات تدميرا في تاريخ البلاد والتي أودت بحياة 65 شخصا ووصف تلك الحرائق بأنها كارثة وحث على الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وقال تبون في خطاب بثه التلفزيون الرسمي على الهواء إن بعض الحرائق "تسبب فيها ربما الطقس المرتفع (الحرارة) جدا بالبحر الابيض المتوسط بصفة عامة لكن أغلبها تسببت فيها أياد إجرامية،مضيفا "22 شخصا مشتبه فيهم يوجدون حاليا في قبضة العدالة من بينهم 11 في ولاية تيزي وزو، وأربعة في عنابة والباقي في ولايات المدية وجيجل وعين الدفلى".
وقال الرئيس بعد أن وصف الأمر بالكارثة "إيماننا بالوطن وقوتنا وعزيمتنا لن تنهار". وأشاد بإرسال المحافظات والأقاليم الأخرى مساعدات للمناطق المتضررة شملت الغذاء والدواء والتبرعات ومواد أخرى.
وأضاف قائلا "نوصي بعضنا البعض بالوحدة الوطنية، فهي البداية وهي النهاية". وإضافة للاستعانة بالجنود على الأرض، استخدم الجيش ست طائرات هليكوبتر لإخماد النيران بمساندة من طائرتي إطفاء مستأجرتين من الاتحاد الأوروبي بدأتا العمل منذ صباح أمس الخميس، وقال تبون إن الحكومة ستتسلم طائرتين إضافيتين من إسبانيا يوم الجمعة وثالثة من سويسرا خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
نجاح جهود إخماد الحرائق
وعلى صعيد مكافحة تلك الكارثة ، أكدت المديرية العامة للحماية المدنية فى الجزائر، اليوم الجمعة، نجاح عملية إخماد جميع الحرائق المشتعلة بولاية تيزى وزو، لافتة إلى استمرار الجهود لإخماد 35 حريقا مشتعلا فى 11 ولاية أخرى، حسبما أفادت شبكة "النهار" الجزائرية.
و قالت المديرية العامة للإطفاء، إن عناصر الحماية يقومون الآن بعملية الحراسة لتفادى عودة نشوب الحرائق، داعية المواطنين إلى توخى الحيطة والحذر فى ظل استمرار الظروف الجوية كموجة الحر وكذا الرياح القوية.
و قامت وحدات الحماية المدنية خلال الـ14 ساعة الأخيرة باخماد 76 حريقا عبر 15 ولاية خلال 24 ساعة الأخيرة منها 40 حريق بتيزى وزو، و تم إخماد 11 حريقا بولاية الطارف، و8 حرائق فى بجاية، و4 حرائق فى جيجل والبليدة، بالاضافة إلى إخماد حريقين بولايات عين الدفلى، سوق اهراس، المدية، سكيكدة، وكذا إخماد حريق بولايات تبسة، وعنابة بومرداس، وبرج بوعريريج.
وأوضح البيان، أن فرق الحماية تعمل رفقة المصالح الخاصة تعمل حاليا على إخماد 35 حريقا عبر 11 ولاية، منها 9 حرائق فى ولاية جيجل، و7 حرائق بولاية بجاية، و6 فى الطارف و3 فى سوق أهراس.
ملاحقة المتورطين
وفى سياق ملاحقة المتورطين فى إشعال تلك الحرائق ، قال الوزير الأول وزير المالية الجزائرى أيمن بن عبد الرحمان، إن العدالة سوف تحاسب كل من اقترف جرائم فى حق الشعب الجزائرى والغابات.
وأضاف عبد الرحمان، "على الشعب الجزائرى أن يطمأن العدالة ستحاسب كل شخص اقترف جرما فى حق الجزائريين والغابات وتسبب فى هذه الأفعال الإجرامية"، موضحًا أن وكالة الفضاء الجزائرية "أكدت علميا" وجود أيادى إجرامية تسببت فى هذه الحرائق وما وقع من كارثة.
فيما ارتفعت حصيلة قتلى حرائق الغابات المتواصلة منذ الاثنين الماضي في مناطق عدة في الجزائر الى 69 قتيلا، هم 28 عسكريا و41 مدنيا، وذلك على اثر تسجيل 4 وفيات جديدة في بجاية فيما تواصل فرق الحماية المدنية الجزائرية مدعومة بقوات الجيش ومتطوعين، العمل على إخماد النيران.
وعلى صعيد متصل قال نقيب الحماية المدنية حكيم لطرش، أن الوضع "مقلق" في ولاية بجاية المجاورة لتيزي وزو وثاني أكبر مدينة في منطقة القبائل، وقال "كانت الأمور تحت السيطرة، لكن مع اندلاع تسعة حرائق كبيرة، تشتتت قواتنا"، مشيرا إلى اتلاف 400 هكتار من الغطاء النباتي.
وكانت آخر حصيلة اعلنها التلفزيون الحكومي أشارت إلى ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق الغابات إلى 65 ضحية من بينهم 28 عسكريا و37 مدنيا، أغلبهم في ولاية تيزي وزو"، ونص بيان الرئاسة على "تجميد مؤقت لكل الأنشطة الحكومية والمحلية، ما عدا التضامنية.
وقال المتحدث باسم الحماية المدنية النقيب نسيم برناوى لتلفزيون "الشروق" إن "عدد الحرائق التي لا تزال مشتعلة يبلغ 69 في 17 ولاية، منها 24 حريقا في تيزي وزو وحدها".
وأوضحت المديرية العامة للحماية المدنية في بيان أنها جندت لإخماد الحرائق في تيزي وزو "800 رجل و115 شاحنة إخماد حرائق بالإضافة إلى تدخل مروحيتين من المجموعة الجوية" التابعة لها.
وستعزز فرق الإطفاء طائرتا إطفاء، بعدما "توصلت الجزائر إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي يقضي باستئجار طائرتين، كانتا قيد الاستغلال في اليونان"، بحسب بيان للحكومة.
انقطاع الكهرباء
وكان لتلك االحرائق أضرار واسعة حيث عاش مرضى كورونا في بعض ولايات الجزائر بالمستشفيات والمنازل أوقات عصيبة، وذلك عقب اندلاع الحرائق، وخاصة بولاية تيزي وزو الجزائرية، لأنها كانت الأشد والأخطر.
وذكرت صحيفة "الشروق" الجزائرية أن الكثيرين من مرضى فيروس كورونا تأزم وضعهم الصحي بسبب الدخان وانعدام الهواء النقي وانقطاع الكهرباء، وأكد مختصون بأن "استنشاق الدخان الناتج عن حرائق الغابات، يشبه الأعراض المبكرة لفيروس كورونا، ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا للأطباء بالمستشفيات، وحسب شهادات سردها مواطنون على منصات التواصل الاجتماعي، فقد وجد كثيرون صعوبة كبيرة في التنفس، والبعض تأزمت وضعيته الصحية.
وأكد المختص في الصحة العمومية، فتحي بن أشنهو، وفق صحيفة "الشروق" الجزائرية، بأن "الدخان الناتج عن حرائق الغابات يمكن أن يضر بالرئتين والأوعية الدموية ويضعف جهاز المناعة، وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل كوفيد-19".
وأضاف "كما أن هروب المواطنين من النيران واجتماعهم في مكان آمن واحد، بعدما كانوا آمنين ومتباعدين في منازلهم، يمكن أن يتسبب في عدوى كورونا بينهم أكثر"، كما أن مرضى فيروس كورونا يمكن أن تحدث لهم جلطات دموية وبسهولة أكبر، إذا كانوا يتنفسون في الهواء الخطر.
ومن جهة أخرى، تسببت حرائق الغابات في انقطاع الكهرباء عن المنازل المحاذية، إثر احتراق الخيوط والكوابل، وهو ما ينجر عنه توقف المكيفات وأجهزة التنفس خاصة للمرضى المتواجدين بالمنازل.