- الغرض من اعتصامي رابعة والنهضة كان تأسيس حركة تمرد مسلحة
- وخبير يؤكد: عملية الفض جاءت إنفاذا لإرادة الشعب
-التنظيم الدولي للإخوان حاول مخاطبة المجتمع الدولي لتصدير مشهد "المظلومية"
-الدولة لم تسع لفض الاعتصام إلا بعد فشل كل المحاولات السلمية مع قيادات الجماعة
- الأجهزة الأمنية فتحت ممرا آمنا لخروج المعتصمين سالمين
تمر اليوم الذكرى الـ 8 لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المسلحين، اللذان واجهت فيهما الدولة المصرية تحديات كبيرة قبل أن تبدأ مشوارها في إنشاء الجمهورية الجديدة، وذلك منذ الاختبارات التي فُرضت عليها من قبل الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية، إلا أنه في خضم الأحداث التي شهدتها الدولة كان وسيظل الاعتصام المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها أحد أبرز وأهم الاختبارات التي خاضتها الدولة في أعقاب ثورة 30 يونيو.
"اعتصاما رابعة العدوية والنهضة المسلحان" وصفه المراقبون وأبناء الشعب المصري قاطبة، بأنه كان اعتصاماَ مسلحاَ من الدرجة الأولى، وأصبح يضرب به المثل في التجمعات المسلحة، حيث كان في حقيقة الأمر محاولة مستميتة من قبل الإخوان لتأسيس حركة تمرد مسلحة تستهدف الخروج على الدولة المصرية التي ولدت من رحم ثورة 30 يونيو.
الاعتصام المسلح كان تحدياَ لإرادة الدولة
بينما المتابع لأحداث الاعتصامين منذ ثورة 30 يونيو يتضح له أن الاعتصامين كان تحديا لإرادة الدولة، فضلاَ عن كونه رسالة تهديد للتأكيد على القوة المزعومة للجماعة التى باتت تنادى بها منذ ثورة 25 يناير، بل منذ تأسيس الجماعة طيلة 90 عاما عامة، وخلال سنة حكمهم خاصة.
جماعة الإخوان الإرهابية منذ اعتصام رابعة العدوية المسلح كانت تراهن على مخاطبة المجتمع الدولي عن طريق تنظيمها الدولي، معتقدة أنها استطاعت إنهاك الدولة، وأنه مع الضغوط الدولية لن تقدم الدولة بأي حال من الأحوال على فض الاعتصامين بالقوة.
جماعة الإخوان الإرهابية أصيبت بحالة من الترهل وتضخم الذات
ظلت الجماعة تراهن منذ 30 يونيو وحتى فض الاعتصام على رغبة وسعى النظام لتأجيل الصدام معها من خلال طرق شتى الأبواب دون الوصول إلى استخدام القوة لتطبيق القانون، معتقدة أن ذلك علامة على ضعف الدولة وتحسبا من الدولة لرد الفعل داخليا ودوليا.
وكانت أصيبت جماعة الإخوان منذ ثورة 25 يناير بحالة من الترهل، أدت بها إلى ما يطلق عليه بـ"تضخم الذات" حيث تفاقمت لدى الإخوان أعضاء وقيادات، للدرجة التي أفقدتهم جميعا سواء في الداخل أو الخارج القدرة على قراءة المشهد بشكل صحيح، ولم يستطيعوا إدراك أن الشعب الذي جاء بهم عبر صناديق الاقتراع لم يعد يتحمل وجودهم في المشهد أكثر من ذلك، خاصة بعد محاولات الجماعة إقصاء الجميع والإبقاء على الجماعة في المشهد منفردة من خلال "أخونة الدولة".
"أخونة الدولة" واستفزاز إرادة المصريين
الدولة المصرية بكل أجهزتها ومؤسساتها حاولت بأقصى جهد إنهاء اعتصامي "رابعة، والنهضة" بكافة الطرق والسبل السلمية الممكنة، بدأت الدولة بفتح الطرق لجميع الوساطات عبر أطراف داخلية وخارجية دولية، وذلك بغرض حرص الدولة على السلامة العامة ودون تعريض أياَ من الأطراف للمواجهة، لأنه من المؤكد أنه سيدفع ثمنها بالأساس من ألقت بهم الجماعة فى الصفوف الأولى للاعتصام ليكونوا فى مواجهة الدولة.
بداية الفض 14 أغسطس
صباح 14 أغسطس 2013 - ومع بداية عملية الفض نتيجة فشل كل المحاولات السلمية، ظهر ما لم يكن أحد يتوقعه سوى الدولة نفسها، ألا وهو هروب جميع القيادات من الاعتصام تاركة أنصارها لمواجهة الدولة، حتى وصل الأمر إلى ارتداء المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع زى امرأة "نقاب" للخروج من المأزق الذي وضع التنظيم فى مهب الريح.
في تلك الأثناء، قررت الدولة أن تفتح ممرا آمنا لخروج المعتصمين سالمين من الاعتصام، إلا أن هذا الأمر لم يرق أيضا لجماعة الاخوان الباحثة بشراهة عن أكبر قدر من الدماء للمتاجرة به فى الداخل والخارج وإيجاد حالة "المظلومية" التي اعتادت عليها طيلة عقودها التسعة، فكان أن اشتبك بعض أعضائها مع قوات الأمن وأطلقوا على قوات الأمن النيران، وهو ما أجبر قوات الأمن على التعامل معهم.
محاولة فتح ممر آمن لسلامة المعتصمين
جماعة الإخوان الإرهابية - سعت بشكل كبير خلال السنوات الـ 8 الماضية إلى تثبيت وترسيخ مشهد مظلومية 14 أغسطس كبديل لثورة 30 يونيو، فكان 14 أغسطس بالنسبة للإخوان هو الرهان الوحيد لاستمرارهم فى عملية الحشد والاستقطاب، وذلك فى ظل فضح أهداف الجماعة الدينية والسياسية من جهة وانهيار بنية التنظيم من جهة أخري، فبعيدا عن مسار التقارير التي خرجت لتقييم ما حدث فى 14 أغسطس 2013 وما أعقبها من عمليات عنف عشوائي، إلا أن المؤكد أن حالة الاستغلال السياسي لفض الاعتصام من قبل الجماعة مازالت مستمرة، حيث راهنت جماعة الإخوان المسلمين منذ يوم 26 مايو 2013 على محاولة إرهاب المواطنين لمنعهم من الخروج فى 30 يونيو.
الرؤية فى ذلك التوقيت رغم ضبابيتها بالنسبة لقطاع كبير من أبناء الشعب، إلا أنها كانت واضحة بشكل كبير لدى القوات المسلحة وأجهزة الأمن المختلفة، مقابل عجز الجماعة عن قراءة الموقف، الذي كان السبب الرئيسي فى الوصول إلى مرحلة فض الاعتصام، وذلك لأن القوات المسلحة والشرطة مدعومتين من الشعب المصري الذي قرر أن رصيد الإخوان قد انتهي، بالفعل أدركا جيدا أن الهدف من الاعتصام إحراج الدولة الجديدة.
الجماعة تتحدى الدولة المصرية
أدت غطرسة الجماعة وغرورها إلى إنكارها قدرة الشعب على الوصول إلى مرحلة الثورة ضد الجماعة، وبالتالي إلى تعاليها على الاستماع والتجاوب مع المطالب الشعبية قبل ثورة 30 يونيو، ما أدى بالجماعة أيضا إلى مرحلة تحدى الدولة والصدام معها، وعلى الأرجح فإن الجماعة لم تدرك أنها بهذا التحدي البائس للدولة المصرية والإرادة الشعبية ترقص رقصة الموت الأخيرة.
الجماعة التى كانت قد كشفت عن وجهها الحقيقى الذى أخفته ثمانين عاما كان يمكن لها قبل ذلك التمرد المسلح أن تعيد ترتيب أوراقها وتوجد فى المشهد السياسى مرة أخرى، ولكنها بتمردها على إرادة الشعب خسرت الحاضنة الأساسية لأى جماعة سياسية أو دعوية، وكما كان تدخل القوات المسلحة فى 30 يونيو إنفاذا لإرادة الشعب المصري، فإن قرار القضاء على التمرد الإخوانى لم يكن قرارا أمنيا فقط بقدر ما كان إنفاذا لإرادة الشعب أيضا الذى ضج كثيرا مما يقوم به الإخوان، ومارس من أجل إنهاء ذلك التمرد الكثير من الضغوط على أجهزة الدولة، بتعبير آخر فقد نجحت الدولة فى فض "الهالة" التى أحاط الإخوان بها أنفسهم والغرور الذى تملكهم فى أعقاب ثورة يناير 2011 خاصة مع خلو الساحة السياسية من قوى سياسية أخرى قادرة على مقارعتهم.
ترسيخ مقولة "موتوا بغيظكم" لكل من يعارض الجماعة
وجدير بالذكر هنا أن تلك "الهالة" – التي وصلت بهم لحد ترسيخ مقولة: "موتوا بغيظكم" – في إشارة لأي مواطن يعارض قراراتهم العشوئية والغير محسوبة - والتحسب المبالغ فيه لقدرات الإخوان هو ما مكنهم من التهديد باستخدام القوة وتحويل مصر إلى "جحيم" سواء قبيل اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية فى 2012 أو أثناء الاعتصامين المسلحين فى رابعة والنهضة، وهو ما ظهر جليا في تصريحات قيادات الجماعة قبيل فض الاعتصامين المسلحين.
والمتابع لحالة الترقب التى كان يبديها المصريون ومعهم أجهزة الأمن كلما حلت ذكرى فض الاعتصامين المسلحين – رابعة والنهضة - يمكنه بسهولة أن يدرك حقيقة وضع الإخوان شعبيا ويدرك إلى أى مدى لم يعد هناك مجال للحديث عن تنظيم الإخوان المسلمين فى الساحة السياسية المصرية مرة أخري.
السنوات الـ 8 الماضية والمواجهة المفتوحة
ولقد كان تأكيد استعادة الدولة وتثبيتها هو الهدف الاستراتيجي الكبير لأجهزة الدولة، حتي يمكنها التعامل مع تداعيات مرحلة الإخوان وما قبلها، والتي كادت تودي بفكرة الدولة الأقوى فى المنطقة وتدخلها دوامة الصراعات الداخلية كما حدث في دول عديدة في المنطقة، إذا لم يتم فض اعتصام الإخوان المسلح في رابعة العدوية .
السنوات الـ 8 الماضية والمواجهة المفتوحة التي خاضتها وتخوضها الدولة المصرية ضد الجماعات الإرهابية وفى القلب منها جماعة الإخوان، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ردع تلك الجماعة وكسر إرادتها باعتبارها جماعة لا تؤمن بفكرة الدولة من الأساس كانت البداية الحقيقية لتثبيت الدولة المصرية لتكون قادرة على بسط سيادتها وضبط الأمن وانفاذ القانون ومنع أى تنظيم من استخدام السلاح فى مواجهة الدولة التى بحكم التعريف تحتكر الاستخدام الشرعي للقوة. وبدون ذلك ما كان ممكنا لتلك الدولة أن تواجه كل التحديات على المستويين الداخلي والخارجي، وما كان ممكنا لها الوقوف بكل قوة فى مواجهة كل المحاولات التي تستهدف إفشال مشروع المصريين الذي عبروا عنه فى ثورة 30 يونيو.
وخبير يؤكد: عملية الفض جاءت إنفاذا لإرادة الشعب
من جانبه، قال محمود البدوي المحامي بالنقض والخبير الحقوقي أن الأحداث الدامية وحالة العنف والفوضى وإراقة الدماء التى جاءت بها جماعة الأخوان بعد فض اعتصام رابعة المسلح في 16 أغسطس 2013 والذي تخلف عنه حالة من الفوضى العارمة وأحداث عنف واستهداف للمنشئات الشرطية وعدد من الكنائس بعد محاولة فلول الجماعة الإرهابية احتلال ميدان مصطفى محمود وسط حالة من العنف المفرط وترهيب المواطنين وإتلاف المنشئات العامة والخاصة بواسطة حاملي الأسلحة النارية من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعته الإرهابية آنذاك وحرق الكنائس فى السويس ومحافظات أخرى ومحاولة جر البلاد إلى دوامة صراع طائفي مرفوض من كل المصريين الشرفاء، وهي الأحداث التي تشبه أحداث 28 يناير 2011، وهو الآمر الكاشف عن حقيقة من قام بإشاعة الفوضى فى البلاد وفتح السجون وحرق المنشئات الشرطية عقب ثورة يناير 2011 .
الخبير القانونى محمود البدوى
بحسب "البدوى" فى تصريح لـ"اليوم السابع" قرار فض تجمعي النهضة ورابعة العدوية الإرهابيان المسلحان كان بمثابة إعادة تصحيح للمسار الثوري فى 30 يونيو 2013 واحترام لإرادة الملايين من المصريين الذين خرجوا فى مسيرات مليونية لتفويض الجيش بالقضاء على الإرهاب المحتمل من قبل أنصار الرئيس المعزول وجماعته الإرهابية بعد أن تم استنفاذ كافة الحلول السياسية وممارسة الداخلية لأقصى درجات ضبط النفس مع المعتصمين الغير سلميين.
جماعة الإخوان وأكذوبة الطرف الثالث
كما أكد البدوى على أهمية الدور الوطني المشرف للقوت المسلحة المصرية أنذاك والتي اضطلعت بدورها جنبا إلي جنب مع قوات الشرطة في التصدي لأحداث العنف التي أشاعها أنصار الرئيس المعزول ومليشيات الجماعة المحظورة المدججة بالأسلحة والعصي فى مسيرات انتشرت فى العديد من المحافظات، والتي أظهرت للشعب المصري وقتها حقيقة من كان يطلق عليه مصطلح "الطرف الثالث" فى العديد من الأحداث إلى تلت ثورة يناير 2011 المجيدة، وهو ما نقدره بأنه كان خير كاشف للفكر للفاشية والدموية التي تنتهجها الجماعة الإرهابية، والتي حاولت إعادة عقارب الساعة الى الوراء بالمخالفة لإرادة الملايين من المصريين الذين فوضوا الجيش فى مواجهة إرهاب الجماعة واتباعها.
وبالفعل قبل رجال الجيش البواسل التفويض فأراحوا الشعب من إرهاب جماعة الإخوان وبدواء منذ هذا التاريخ مسيرة بناء الدولة المصرية الحديثة التي تؤمن بسيادة القانون، وتحترم الدستور وتؤمن أيضاً بأن مصر دولة اكبر من أن يحكمها جماعة إرهابية لا تعترف بقيمة وحضارة وتاريخ هذا البلد الذي خُلق ليبقي عصي على تحقيق أحلامهم الشيطانية، فمصر مقبرة للغزاة والطامعين على مر العصور – الكلام لـ"البدوى".
مصر و "الجمهورية الجديدة"
ومنذ بداية عام 2021 أقدمت مصر على إطلاق مصطلح "الجمهورية الجديدة" للتعبير عن دخولها مرحلة جديدة من تاريخها، نجحت فيها فى تحويل التحديات إلى فرص تنموية واعدة وحققت إنجازات تاريخية غير مسبوقة، فى شتى مناحى الحياة، قامت الدنيا ولم تقعد لدى التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية في الخارج، وتحديداَ عناصر التنظيم الهاربين من أحكام قضائية عن جرائم ارتكبوها الذين يحاولون من وقت لأخر تشويه مصطلح "الجمهورية الجديدة" في الداخل والخارج، وإنما القيادة المصرية تثبت يوماَ بعد يوم من خلال المشروعات التنموية في مختلف المجالات أن مصر ستصبح "جمهورية جديدة" بالفعل وليس بالقول – هكذا يقول "البدوى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة