توارث السكان المحليون لمحافظة البحر الأحمر، من أجدادهم الصيادين طرق تنشيف أو تجفيف الأسماك، لتبقى لفترات طويلة دون أن تفسد، كما فعلها الفراعنة منذ آلاف السنين، وانتقلت عملية التجفيف من عصر إلى عصر، حتى وصلت لعصرنا الحالي، واشتهرت فى المناطق الساحلية وخاصة فى مدن البحر الأحمر.
طريقة تجفيف الأسماك والأنواع، التى يمكن تحقيقها وكذلك، والمدة الزمنية التى يمكن أن تبقى بها الأسماك المجففة، دون أن تفسد، حيث التقى "اليوم السابع" بمحمد مصلح بائع سمك ومجفف، وفى الأصل صياد من أهالى مدينة الغردقة، حيث قال إن السمك المجفف أو الناشف كما يطلق عليه أهالى الغردقة البحر الأحمر، مصدر تصديره وبيع لمحافظات عدة منها محافظات الصعيد، وخاصة فى الأعياد.
وأضاف محمد مصلح لليوم السابع، أن فكرة السمك المجفف استخدمها فى بداية الأمر الفراعنة منذ آلاف السنين، ومازالت البعثات المختلفة ووزارة الآثار عند اكتشافها لكشف أثرى جديد، أغلبها يوجد بداخلها أسماك مجففة قديمة، جاءت الفكرة حتى لا تفسد الأسماك، ويمكن استخدامها فى أوقات بعيدة تصل إلى شهور، فى أنواع معينة من الأسماك، حيث أول من بدع فكرة تجفيف الأسماك هم الفراعنة.
وتابع: قديما فى البحر الأحمر، كان الصيادين يقومون برحلات صيد لفترات طويلة قد تصل لشهر، ولا توجد ثلاجات فى المراكب، لحفظ الأسماك كانوا يقومون بتجفيف الأسماك على الجزر البحرية البعيدة، وعند انتهاء الصيد يقومون بجلبها قد تكون انتهت من عملية التجفيف، مؤكدا أن التجفيف قديما كانت لحفظ الاسماك من أن تفسد.
وكشف مصلح لـ"اليوم السابع"، أن عملية التجفيف تتم فى جميع أنواع الأسماك إلا أن هناك سمك معين هو الأفضل فى التجفيف منها السمك الرهو والحريت أفضل نوعين لعملية التجفيف، فعملية تجفيف تبدأ بفتح السمك، ويتم تنظيفها من الداخل وغسلها جيدا ثم تشريحها من الداخل وتشبيعها بالملح جيدا .
وأضاف: بعد ذلك يتم غلقها مرة أخرى لمدة 6 ساعات، ثم بعد ذلك تنظيفها جيدا وبعد ذلك تصفيتها من خلال وضع الجانب الداخلى لها ناحية الأرض لتصفية الملح وما بها من بقايا مياه لمدة 4 ساعات، ثم تعرضها للشمس على ما تسمى بالشماسة عند الصيادين والمخصصة للسمك المجفف، وهى عبارة عن سلك وأخشاب لتنشيف الاسماك عليها .
ولفت مصلح أن بعد يومين يتم تفريض السمك لوصول الشمس، لجميع الجروح بها وتركها لمدة اسبوع او 10 أيام ثم قلبها مرة اخرى على ظهرها مرة اخري، لمدة شهر او شهر ونصف، ليتحول لون اللحم الى الاحمرار، وبذلك تكون انتهت عملية تجفيف الأسماك.
وقال محمد مصلح، أن الأسماك المجففة يمكن أن تبقى حتى 9 أشهر، دون أن تفسد اذا كانت من نوع السمك الحريت، لأنه سمك قوى مقاوم للرطوبة ودرجات الحرارة، الإ أن سمك الرهو يبقى حتى 50 يوم بعد تجفيفه، مضيفا أن أهالى البحر الاحمر يعشقون أسماك الرهو المجفف الا أن الحريت بعشقه أهالى محافظات الصعيد مثل قنا وسوهاج وأسوان والأقصر ويشترونه بكميات فى الأعياد .
وأكد أن تعد الأسماك المجففة الأكلة الخاصة لأهالى البحر الأحمر، فى عيد الفطر المبارك وعقب صلاة العيد يتم تناولها فى وجبه الفطار فهى اكلة مقدسة بعد الصيام وتبلغ اسعاره بالنسبة للحريت المجفف من 300حتى 350 للكيلو والرهو من 60 إلى 100 جنيه .
من جانبه قال يونس عبده، صياد، إن طريقة طهى السمك المجفف تختلف من مكان لآخر إلا أن هناك طريق سائدة فى البحر الأحمر والتى تبدأ بوضع الاسماك المجففة فى الماء منذ المساء حتى يعود لحم السمك لأصله بعد تجفيفه لفترة طويلة.
وأضاف الصياد يونس عبده، يتم طبخه بالصلصة والطماطم ويتم تجهيز السمك بعد تخليصه من الجلد والشوك ووضعه فى البصل والطماطم والصلصة والفلفل الأخضر وإضافة التوابل له المختلفة.