نشاهد، اليوم، صورة للفنان النجم أنور وجدى (1904- 1955)، والذى يعد فتى مصر الأول فى النصف الأول من القرن العشرين، اسمه الحقيقى محمد أنور وجدى، وهناك مصادر أخرى تقول إنه محمد أنور الفتال، كانت أسرته تعمل فى تجارة الأقمشة فى حلب، وانتقلت إلى مصر فى منتصف القرن التاسع عشر.
التحق أنور بمدرسة (الفرير) الفرنسية، وأتقن خلال دراسته اللغة الفرنسية، لكنه ترك الدراسة بعد أن أخذ قسطا معقولا من التعليم واتجه إلى الفن، حاول السفر إلى أمريكا للعمل هناك فى السينما فى هوليوود، لكن كل محاولاته للهجرة إلى هناك باءت بالفشل.
كانت بداية أنور وجدى فى المسرح فى شارع عماد الدين، وتحديدا فى مسرح رمسيس مع يوسف وهبي، وأخذ يتدرج تصاعديا فى الأدوار، وانتقل إلى فرقة عبد الرحمن رشدي، ثم إلى الفرقة القومية التى كان يقوم بأدوار البطولة بها، واشتهر بدوره فى مسرحية (البندقية).
دخل أنور وجدى عالم السينما أول مرة على يد يوسف وهبى أيضا، وذلك فى أدوار ثانوية فى أفلام مثل (أولاد الذوات) عام 1932، و(الدفاع) عام 1935، وترك أنور وجدى المسرح نهائيا وتفرغ للسينما، حيث عمل مع كبار المخرجين آن ذاك كأحمد سالم ونيازى مصطفى وحسين فوزى وفؤاد الجزايرلي، وأهم أفلامه فى تلك الحقبة كان (العزيمة) عام 1939 مع المخرج كمال سليم، والذى أصبح أحد أفضل الأفلام فى تاريخ السينما المصرية.
فى حقبة الأربعينيات صار أنور وجدى من أهم الممثلين على الساحة، حيث شارك فى الخمس سنوات الأولى من الأربعينيات فى حوالى 20 فيلما من أهمها (شهداء الغرام، انتصار الشباب، ليلى بنت الريف، كدب فى كدب)، وفى النصف الثانى من الأربعينيات أصبح أنور وجدى فتى الشاشة الأول، وقدم مجموعة من أنجح الأفلام منها (القلب له واحد، سر أبي، ليلى بنت الأغنياء، عنبر).
بداية الخمسينيات كانت نهاية مشوار أنور وجدى السينمائي، ومن أبرز الأفلام تلك الحقبة فيلم (أمير الانتقام) عام 1950 عن رواية (الكونت دى مونت كريستو)، وفيلمى (النمر) و(ريا وسكينة) عام 1953، وفيلم (الوحش) عام 1954.
لم يكتفِ أنور وجدى بالتمثيل فقط فى رحلته السينمائية، إنما قام بالتأليف واﻹخراج واﻹنتاج أيضا، ففى عام 1945 قرر أن يدخل عالم اﻹنتاج بفيلم (ليلى بنت الفقراء)، وكتب سيناريو الفيلم بنفسه، ورشح لبطولته ليلى مراد التى كانت نجمة مصر الأولى فى تلك الفترة، ورشح المخرج كمال سليم ﻹخراج الفيلم، لكن كمال سليم توفى أثناء التحضير للفيلم، وقرر أنور وجدى أن يكمل إنتاج الفيلم وأن يقوم بإخراجه بنفسه.
وعندما عُرض الفيلم حقق نجاحا باهرا، ليصبح بعدها أنور وجدى ظاهرة سينمائية عبقرية مبدعة بحق، وقدم بعدها مع ليلى مراد سلسلة من الأفلام الناجحة قام هو ببطولتها وكتابتها وإخراجها وإنتاجها وصلت لستة أفلام وهم (ليلى بنت الأغنياء، قلبى دليلى، عنبر، غزل البنات، حبيب الروح، بنت الأكابر)، وبعيدا عن ليلى مراد قام أيضا ببطولة وكتابة وإخراج وإنتاج عدة أفلام أخرى منها (طلاق سعاد هانم، قطر الندى، أربع بنات وضابط)، كما أنتج وألف أفلاما أخرى لم يقم ببطولتها أو إخراجها.
تزوج أنور وجدى ثلاث مرات، الأولى كانت من الفنانة إلهام حسين، ولم يدم زواجهما سوى ستة أشهر بسبب تزايد الخلافات بينهما، وفى عام 1945 تزوج من الفنانة ليلى مراد أثناء عملهما معا فى فيلم (ليلى بنت الفقراء)، واستمر زواجهما سبع سنوات حتى انفصلا اجتماعيا وفنيا.
بعدها مباشرة سافر أنور وجدى إلى فرنسا للعلاج من المرض الوراثى الذى كان لديه (مرض الكلى متعددة الكيسات)، وطلب من ليلى فوزى أن تسافر معه إلى هناك، حيث كان بينهما علاقة حب قديمة عادت لتتوطد بعد طلاقه من ليلى مراد، وتزوجا فى القنصلية المصرية فى باريس فى سبتمبر 1954، ولم يكن هناك علاج لذلك المرض حينها، وتوفى أنور وجدى جراء مرضه بعد أربعة أشهر فقط من الزفاف فى مدينة ستوكهولم فى السويد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة