الطبيعة تغضب، العالم يحترق، الكرة الأرضية تعيش كارثة متمثلة فى فيضانات عارمة واحتراق أجزاء كبيرة ومختلفة من العالم هذا الصيف، فقد اجتاحت الحرائق الغابات، وامتدت ألسنة اللهب من شرق الأرض إلى غربها، نيران مستعرة من المحيط إلى الخليج، لهب ولهيب لا تزال تتسع رقعته حتى كتابة هذه السطور، من سيبيريا شرقا إلى بوليفيا وولاية كاليفورنيا الأمريكية، مرورا بالجزائر وتونس فى شمال أفريقيا، وتركيا واليونان فى آسيا وأوروبا، وفى بعض البلدان بدا الوضع وكأنه خرج عن السيطرة وأدى ذلك لمصرع المئات حول العالم.
يطلق عليه البعض غضب الطبيعة التى تجاهلها الإنسان لعقود وعاث فيها فسادا، ويؤكد العلماء على أن التغير المناخى يعد عاملا رئيسيا لحرائق الغابات شديدة الخطورة، والناجم عن عوامل بشرية، فالثورة الصناعية ساهمت بشكل كبير فى تلويث البيئة وبعثت بغازاتها إلى الغلاف الجوى، ما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل غير مسبوق.
فما كان من الطبيعة إلا أن غضبت فى وجه البشرية وكشرت عن أنيابها، فارتفعت درجة حرارة الكوكب بما يزيد على درجة مئوية فى المتوسط، ومع تزايد هذا الارتفاع فى درجة حرارة الأرض، من المتوقع أن تتزايد معه وتيرة الموجات الحارة الشديدة والجفاف والسيول وأن تشتد حدتها مستقبلا، فيما تخشى بعض البلدان من أن تكون بعض الحرائق مفتعلة.
الجزائر
تشهد الجزائر منذ يوم الاثنين 9 اغسطس، اندلاع حرائق غابات ضخمة في عدد من الولايات والمناطق التي تعرض بعضها لـ 4 حرائق، بينما شهدت ولايات أخرى حريق أو حريقين على الأقل. وتواصل الحماية المدنية جهودها لاطفاء الحرائق.
ووصفت وزارة الدفاع الجزائرية هذه الحوادث بأنها حرائق إجرامية. وتصاعدت أعمدة الدخان وألسنة اللهب من حرائق في الغابة الواقعة في منطقة تيزي وزو، بينما استخدم السكان فروع الأشجار والمياه في محاولة لإخماد النيران. وقال شهود عيان إن عدة منازل احترقت بينما فرت العائلات إلى فنادق وبيوت أخرى.
عددها: 103 حريق نشبت عبر 17 ولاية، وعدد الحرائق التي لا تزال مشتعلة يبلغ 69 في 17 ولاية، منها 30 حريقا في ولاية تيزي وزو وحدها كما أن هناك 86 حريقًا لم يتم بعد إخماده، بحسب المتحدث باسم الحماية المدنية النقيب نسيم برناوي.
الأسباب: تحدث وزير الداخلية كمال بلجود عن "أياد إجرامية" تقف وراء الحرائق في البلاد.
خسائر بشرية: 69 قتيلا، هم 28 عسكريا و41 مدنيا والرئيس عبد المجيد تبون يعلن الحداد لمدة 3 أيام.
تونس
منذ شهر يونيو الماضي، اندلعت حرائق قرب التجمعات السكنية بالغابات التونسية طالت أساسا أكواخا لإيواء الحيوانات أو لتجميع الأعلاف، وسجلت فى بعض الولايات قاما قياسية في درجات الحرارة بلغت أقصاها 48.9 في تونس العاصمة وبنزرت وزجوان والمنستير وباجة مع تواصل موجة الحر الشديد في أنحاء البلاد أرغمت العديد على ملازمة البيوت.
وقالت السلطات أن معظم حرائق الغابات المسجلة "هي من أصل بشري".
عددها: سجلت لإدارة العامة للغابات التونسية خلال الفترة من 23 يوليو إلى 9 أغسطس، نحو 214 حريقاً طالت 3146 هكتاراً من المساحات الغابية.
خسائر بشرية: لم يتم تسجيل أي ضحايا منذ اندلاع موجة الحرائق بحسب الدفاع المدني التونسي، لكنها وصلت إلى المنازل، وتسببت في انفجار عدد من أسطوانات الغاز المنزلي، مما زاد في قوة النيران.
لبنان
منذ الـ 28 من يوليو، تشهد لبنان حرائق خرجت عن السيطرة في منطقة جبل أكروم عند الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، وتوسعت رقعة النار ليلا بشكل كبير في محلة قرنة الديبة، واقتربت من البساتين والحقول الزراعية وبعض المنازل التي غادرها سكانها، في وقت أعلن فيه الصليب الأحمر اللبناني على إجلاء وتقديم العلاج لعشرات المواطنين.
سوريا
فى أوائل يوليو، اندلعن حرائق فى أحراج وغابات سورية واسعة في مناطق الساحل، واقتربت بعضها من الأماكن السكنية من دون أن تتمكن فرق الإطفاء من إخماد بعضها، لسرعة انتشارها وامتدادها على مئات الهكتارات في أرياف مدن اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة. كما امتدت حرائق لبنان إلى المناطق الحدودية بمحافظة حمص السورية، وأوائل اغسطس تجددت حرائق عين الخنازير غرب مصياف، وشملت مساحات كبيرة حرجية وزراعية، وقالت السلطات إن أسباب الحريق ما زالت غير محددة.
اليونان
اندلعت النيران فى نهاية يوليو الماضى، بعد موجة حر اعتبرت الأشد منذ 30 عاماً، حيث وصلت درجة الحرارة فيها إلى 45 درجة مئوية، ووصلت إلى غابات اليونان، أدت لحدوث حالة استنفار بين قوات خفر السواحل والقوارب الخاصة وخدمات الإطفاء والجيش والقواعد العسكرية الأجنبية الموجودة في اليونان.
عددها: اشتعلت الحرائق بلا هوادة في مناطق كثيرة، بلغت أكثر من 500 حريق في جميع أنحاء اليونان، مما أجبر السلطات على إخلاء عشرات القرى وإجلاء آلاف الأشخاص، كانت الجبهة الأكبر في إيفيا، ثاني أكبر جزيرة في اليونان، قبالة البر الرئيسي إلى الشرق من أثينا ولا تزال ألسنة اللهب تندلع فيها حتى اللحظة، وتم اخلاء حوالي 20 قرية في بيلوبونيز.
ووصف رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الوضع بأنه "صيف مرعب" واعتذر عن الاخفاق في التعامل مع بعض الحرائق.
ويبرز الدور المصرى فى مساعدة الأشقاء، فقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بإرسال طائرتى هليكوبتر شينوك مدعمة بكافة المعدات والوسائل المتطورة لمشاركة الجانب اليونانى فى إخماد الحرائق، وذلك استمراراً للدعم المصرى المقدم للدول الصديقة والشقيقة لمجابهة كافة الأزمات التى تتعرض لها.
الولايات المتحدة
عانت مناطق أخرى من انتشار الحرائق، مثل سيبيريا في شرق روسيا وكاليفورنيا في غرب، فقد شهدت ولاية كاليفورنيا، ثاني أكبر في تاريخ ولاية كاليفورنيا الأمريكية واجتاح الحريق، الذي أطلق عليه حريق "ديكسي"، ما يقرب من نصف مليون فدان. ودمر حريق الغابات "ديكسي ما لا يقل عن 1000 مبنى، منها 550 بناية سكنية.
أما في سيبيريا، فما زالت النيران تشتعل في الغابات، وقالت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إن أعمدة الدخان وصلت إلى مناطق القطب الشمالي القريبة.
الخسائر البشرية: فقدان نحو 8 أشخاص على الأقل.
اسبانيا
منذ منتصف يوليو طال اسبانيا حريق في محمية طبيعية على الساحل الكاتالوني بالقرب من الحدود الفرنسية الإسبانية، كما دمرت الحرائق الهائلة التي اندلعت في مقاطعة ولبة جنوب غربي إسبانيا نحو 10 آلاف هكتار من الغابات، وهي مساحة تعادل أكثر من 14 ألف ملعب لكرة القدم، واضطر نحو 3200 شخص للفرار من الحرائق ، وتضرر بشدة بشكل خاص سكان بلدة ألموناستير التي يقطنها 1900 نسمة، وتقع في منطقة جبلية تبعد حوالي 40 كيلومتراً شرق الحدود البرتغالية، و100 كيلومتر شمال غربي إشبيلية. وذكرت التقارير أن جنود الجيش ساعدوا أكثر من 500 فرد من فرق الإطفاء في مكافحة الحرائق، مع استخدام 24 مروحية وطائرة.
روسيا
فى الـ 8 من اغسطس، شهد روسيا نحو 174 حريق غابات على مساحة تتجاوز 1.5 مليون هكتار، واستمرت عمليات إطفائها، وأعلنت هيئة حماية الغابات أنه تم تسجيل أكبر مساحة لحرائق الغابات في جمهورية ياقوتيا، التي يشتعل فيها حاليا 90 حريقا على مساحة تبلغ نحو 1.4 مليون هكتار.