بدأت صناعة الأحذية بالصناعة اليدوية التقليدية المعتمدة على أبسط الأدوات من قبل الحرفيين، ومع التطور والتقدم الحضاري بدأت تصنع الأحذية في مصانع مخصصة عن طريق الآلات والماكينات، والتي اختصرت الكثير من الوقت والجهد وتضاعف معها حجم الإنتاج إلا أن هناك من لا يزال يحتفظ بمهنة "تفصيل الأحذية يدويا" ويضع فيها بصمته وخبرته الفنية في مجال التصميم.
وكان "ناجي رمزي محمد"، أشهر مصممي الأحذية بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية، من ضمن الحرفيين الذين احتفظوا بمهنة تفصيل الأحذية، فتوارث المهنة عن أجداده، وقام بنقلها لأبنائه، وطورها بتصميم وصناعة الأحذية الطبية لذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى السكري المطابقة للمواصفات الطبية من الألف للياء.
وقال ناجي رمزي، إنه يعمل على تصنيع كافة أشكال وأنواع الأحذية العملية والسوارية والطبية بكافة المقاسات والأشكال لجميع الأعمار العمرية من الجنسين، ولحبه وإتقانه للمهنة سافر في شبابه لعدة دول حتى عمل عند أحد صناع الأحذية الأرمن بدمشق وهو من علمه صناعة الأحذية الطبية لذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار ناجي رمزي، إلى أنه يقوم بتصميم أحذية طبية مطابقة للمواصفات الطبية لتسهيل الحركة على جميع الحالات كذوي الاحتياجات الخاصة وقصار القامة وشلل الأطفال ومرضى السكري والنقرس وجميع حالات إصابات القدمين.
وفيما يتعلق بصنع الأحذية الخاصة أوضح "ناجي": أنه "يصمم الموديل على شكل القدم"، فيدرس أولا المشكلة الصحية التي تعاني منها القدمين ثم يبدأ في تفصيل حذاء بمواصفات تناسب العرض الصحي، ففي حالة صنع حذاء لشخص لديه فرق في طول الساقين، فيقوم بتوقيفه على قالب مجهز لمعرفة نسبة الفرق بين طول الساقين باستخدام المازورة، ويكون الحذاء بعلو داخلي غير ظاهري حتى يقوم بتعديل وتحسين طريقة المشي وفقا للمواصفات.
أما بالنسبة للأطفال الذين يسيرون على كعب أقدامهم، فيتم صنع حذاء بارتفاع خاص يحرك مفصل القدمين. وبالنسبة لمرضى السكري فيلزمهم حذاء بمواصفات خاصة مثل أن يكون مرنا وليس ذو قاعدة شديدة الصلابة وغير مبطن بجلد صناعي بل بجلد طبيعي من الجوخ ليمتص العرق والتهابات القدمين، فيتم تصميم الحذاء لمرضى السكري بطريقة صلبة من الخارج لتثبيت مفصل القدم المتآكل من السكر، ومبطن من الدخل بـ"الفايبر" اللين ليحمي القدم من الجروح، ويكون مزود بأحزمة يفيد تضييقها وتوسيعها ملائمة حجم القدمين. وفي حالة كان الشخص مصاب بشوكة في كعب القدم أو بقرحة، فيتم استخدام "الفايبر" وعمل فتحة مستديرة بالحذاء مقابل الجزء المصاب بالقدم. وفي حالة عدم معرفة المواصفات المناسبة لحذاء إحدى الحالات فيتم الرجوع لأطباء العلاج الطبيعي لأخذ المشورة.
وأضاف "ناجي"، أنه يستخدم مازورة خاصة بالأحذية لمعرفة مقاس طول ووجه القدم وارتفاع سمك القدم، وقبل تنفيذ التصميم يقوم بعرض مجموعة نماذج جاهزة للزبائن للمفاضلة بينهم.
وأضاف "ناجي" إلى أنه يحب مهنته ويعمل بها بمتعة ومزاج، ويشعر بالسعادة البالغة عندما يرى أحد زبائنه مرتاحا في سيره بعد أن كان يعاني بسبب صعوبة الحركة.
وقال "ناجي" إن أسعار أحذيته تناسب جميع المستويات وتقل كثيرا عن أسعار الأحذية المستوردة، فيقوم بتقليد تصميم أي حذاء مستورد ويبيعه بربع قيمته الأصلية.
وعن أغرب المواقف التي تعرض لها "ناجي" خلال مسيرته، قال: ذات مرة طلبت منه إحدى الفتيات تصميم لحذاء كعب عالي بفردة ذات لون برتقالي والأخرى بلون زيتي، فنفذ التصميم المطلوب وبعدها ازداد فضوله لمعرفة رد فعل من شاهدها بهذه الصيحة، فعادت إليه مرة أخرى وعندما سألها عن رد الفعل قالت له إنها ارتدته أثناء مناقشة رسالة الدكتوراه وقد نال إعجاب الجميع، مشيرا إلى أن الفتيات بطبيعتهم يميلون للأشياء الغريبة.
وعما طرأ من تغيرات على موضة الأحذية، قال "ناجي"، إن أسوأ ما طرأ على موضة الأحذية وأضاع الأناقة هو ارتداء الفتيات للحذاء الرياضي، مشيرا إلى أن في حالة ذهاب مجموعة من الفتيات للتقديم على وظيفة ما وهم يرتدين الحذاء الرياضي وكانت واحدة منهن ترتدي حذاء بكعب طوله 12 سم فمن المؤكد أنها من ستلتحق بالوظيفة لأن أحذية الكعب العالي تقوم بإضفاء الأناقة لخطوة المرأة وتضفي مظهرا أطول لها وتجعلها أكثر أنوثة وجاذبية.
وعن مستوى الأناقة بين أحذية الكعب العالي والأحذية الرياضية قال "ناجي": "الفرق بين البنت اللي تلبس كعب عالي والبنت اللي تلبس كوتشي هو فرق السما من الأرض"، مشيرا إلى أن معظم من يطلبون منه أحذية الكعب العالي النحيف بطول 12 سم، هن الجدات وأمهات الفتيات، ويرجع السبب هنا إلى أن عضلات أرجلهن اعتادت على أحذية الكعب العالي وعلى الأناقة بارتدائه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة