حالة من القلق تسيطر علي وسائل الإعلام البريطانية التي تمتلك مكاتب ومقار داخل أفغانستان بعد قرابة أسبوع من سقوط العاصمة كابول في قبضة حركة طالبان المسلحة ، وسط غموض حول فترة استمرار عمل مطار العاصمة والممرات الآمنة التي تسمح بعمليات الإجلاء.
وبخلاف الصحفيين البريطانيين ، تتزايد حدة القلق علي الصحفيين والموظفين الأفغان الذين تعاونوا مع وسائل الإعلام البريطانية من داخل البلد، وهو ما دفع منظمات إعلامية بريطانية لحث حكومة بوريس جونسون علي إجلائهم بشكل عاجل خوفاً من تعرضهم لأعمال انتقامية، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة جارديان البريطانية الخميس.
وهذا الشهر ، وعد وزير الخارجية ، دومينيك راب ، بالنظر في نقل الصحفيين الأفغان إلى المملكة المتحدة "على أساس استثنائي" إذا كان هناك دليل على أنهم يتعرضون لتهديد وشيك بسبب تورطهم مع بريطانيا.
ومع ذلك ، أشارت مصادر في كابول إلى أنه خلال الأسبوع الماضي لم تقم الحكومة البريطانية بإجلاء صحفي أفغاني واحد مرتبط بوسائل الإعلام البريطانية، فعلى سبيل المقارنة، بدأ الجيش الأمريكي بالفعل في نقل الموظفين المحليين الذين عملوا في وسائل الإعلام الأمريكية مثل واشنطن بوست إلى خارج البلاد.
وفي وقت سابق من هذا الشهر ، قادت صحيفة الجارديان تحالفًا من الصحف والمذيعين البريطانيين في مناشدة للحكومة لتوسيع برنامج تأشيرات اللاجئين للأفغان. والآن ، كتب ممثلو الجارديان ، والأوبزرفر ، وديلي ميل ، وديلي تلجراف ، والإيكونوميست ، ومايل صنداي ، والصن ، وصنداي تلجراف ، وسكاي نيوز ، و ITN مرة أخرى إلى بوريس جونسون وراب للمطالبة بإحراز تقدم سريع إلى ضمان سلامة الموظفين الذين عملوا في المؤسسات الإعلامية في المملكة المتحدة.
وقالوا في الرسالة: "عندما كتبت لك وسائل الإعلام البريطانية في وقت سابق من هذا الشهر عن التهديد الخطير الذي يشكله طالبان علي الصحفيين والمترجمين الأفغان الذين عملوا معنا، استجبت على الفور تقريبًا.. لقد أدركت مساهمتهم الحيوية للصحافة الحرة في تغطية المهمة البريطانية في أفغانستان ووعدت الزملاء المعرضين للخطر بمسار للأمان. فعل الرئيس بايدن الشيء نفسه في الولايات المتحدة".
وأضافت الرسالة: "لكن الآن ، وصلت طالبان إلى كابول وزملاؤنا محاصرون هناك. مع استئناف رحلات الإجلاء ، نحتاج منك أن تفي بوعدك بحماية أولئك الذين عملوا مع الصحفيين ونقلهم إلى بر الأمان خارج أفغانستان. ونحن متأكدون من أنكم رأيتم ذلك، بالنظر إلى التهديدات التي يتعرض له الصحفيين الأفغان ، نطلب من الحكومة البريطانية أن تتخذ على وجه السرعة هذه الخطوات لحماية زملائنا".
وقال راب في وقت سابق "الإعلام الأفغاني هو أحد أعظم النجاحات في أفغانستان في السنوات الـ 19 الماضية ، ويجب الاحتفاء به وحمايته"، معترفاً في الوقت نفسه بالتهديد الذي يواجهه الصحفيين الأفغان الذين عملوا في مؤسسات مكاتب ومقار إعلامية بريطانية داخل أفغانستان، ولا سيما خطر الأعمال الانتقامية التي يواجهونها من قبل طالبان بسبب ارتباطهم بالمملكة المتحدة".
وأضاف راب: "بموجب الخطط الحالية، يمكننا النظر في الحالات الفردية لإعادة التوطين على أساس استثنائي ، حيث يوجد دليل على أنهم معرضون لتهديد وشيك بسبب طبيعة تعاملهم مع المملكة المتحدة".
وحاولت حركة طالبان حتى الآن تصوير نفسها على أنها صديقة لوسائل الإعلام الأفغانية ، مما سمح لممثليها بإجراء مقابلات مع مذيعات في القنوات التلفزيونية وأظهروا الترحيب بالصحفيين. ومع ذلك، هناك شكوك حول ما إذا كان هذا الموقف يمثل تحولًا طويل الأمد في المواقف ، مع هروب المراسلات من منازلهن خوفًا من الانتقام.
في الوقت نفسه تخشى بريطانيا من احتمال انسحاب القوات الأمريكية من مطار كابول الدولي خلال أيام ، مما يعرضه لخطر الإغلاق ويثير مخاوف بشأن الجسر الجوي الطارئ لآلاف الأشخاص من أفغانستان.
وقالت الحكومة البريطانية إنها لا تستطيع ضمان المدة التي ستبقي فيها الولايات المتحدة على وحدتها المكونة من 6 الاف جندي على الأرض، وحذرت من أنه لا يمكن مواصلة عمليات الاجلاء بدون وجودهم.
وعلمت صحيفة الجارديان أن البعض في الحكومة يعتقدون أن هناك تحولًا من قبل وزراء المملكة المتحدة والجيش نحو التعامل مع طالبان وإضفاء الشرعية على دورهم.
وقال الجنرال السير نيك كارتر، قائد القوات المسلحة البريطانية إنه يعتقد أن طالبان تريد "أفغانستان شاملة" ووصفهم بأنهم "أولاد الريف"، وردا على سؤال عن قمع طالبان للمرأة، قال: "أعتقد أنهم قد تغيروا وأدركوا أن أفغانستان قد تطورت والمرأة لها دور أساسي في هذا التطور".
وبحسب الجارديان، ألمح بوريس جونسون إلى إمكانية الاعتراف بطالبان، ربما بالاشتراك مع دول أخرى، قائلاً للنواب: "سنحكم على هذا النظام بناءً على الخيارات التي يتخذها وأفعاله بدلاً من أقواله".
وعلى جانب اخر ضغط حوالي 250 من خريجي برامج المنح الدراسية البريطانية على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لتسريع إجلاء طلاب برنامج تشيفنينج الأفغان، الذين لم يتم الاتصال بهم حتى الآن بخطة اجلائهم من كابول بحلول صباح الأربعاء.
وبعد ثلاثة أيام من وعد بوريس جونسون بمساعدتهم ، قال العديد من الطلاب الـ 35 الحاصلين على منح ممولة من الحكومة البريطانية إنهم قلقون للغاية ويعانون من نوبات الذعر ويخشون مستقبلهم لأنهم لم يتلقوا بعد أي نصيحة ملموسة من بريطانيا.
وبحسب صحيفة الجارديان، مع تأخير الاتصال من المملكة المتحدة وإغلاق نافذة رحلات الإنقاذ، من المفهوم أن بعض الطلاب قد انتقلوا إلى قوائم الإجلاء الإيطالية والأمريكية بدلاً من ذلك.
وفي رسالة إلى وزير الخارجية ، دومينيك راب ، دعا خريجو برامج المنح الدراسية الحكومة إلى ضمان المرور الآمن للطلاب الأفغان البالغ عددهم 35 طالبًا في الوقت المناسب لدوراتهم في بريطانيا.
وقال مصدر بوزارة الداخلية إن بريتي باتيل وزيرة الداخلية تدخلت لتسريع إصدار تأشيرات للطلاب بعد أن قال رئيس الوزراء إنهم سيقدمون المساعدة.
وكان المطار في كابول مسرحًا للفوضى هذا الأسبوع، لكن الولايات المتحدة قامت بتأمينه منذ ذلك الحين قبل الموعد النهائي المقرر للإجلاء في 31 أغسطس، وقال مصدر إن المحاولات البريطانية للحصول على تطمينات من الولايات المتحدة بشأن هذا الجدول الزمني لم تثبت نجاحها، على الرغم من أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، غرد يوم الثلاثاء بأن البلاد ستحتفظ بالمطار "لإخراج جميع الأمريكيين من أفغانستان".
وتم نقل ما مجموعه 700 بريطاني وأفغاني وآخرين جواً من كابول يوم الثلاثاء، وفقًا للأرقام الرسمية، مما رفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 1150 من أصل 6000، نصفهم بريطانيون ومزدوجو الجنسية والباقي الأفغان مؤهلون لذلك.