مع سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، اتخذت إدارة بايدن إجراءات لوقف تدفق الأموال إلى يد الحركة المتشددة. فأعلنت الولايات المتحدة تجميد نحو 9 مليار دولار من الأصول التى تخص البنك المركزى الأفغانى، منها 7 مليار دولار فى بنك الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك، وفقا لمسئول بالبنك الأفغانى. وأوقفا إدارة بايدن أيضا شحنات الأموال، ولا تزال طالبان على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية.
وبرغم هذه الإجراءات، فإن وكالة بلومبرج الأمريكية تقول إن الولايات المتحدة تصارع كيفية فرض ضغط مالى على حركة طالبان لضمان عدم عودة أفغانستان إلى دورها السابق كملاذ آمن للجماعات الإرهابية الدولية، إلا أن ندرة استخدام القنوات المصرفية الرسمية يعقد تلك الجهود.
وتوضح بلومبرج أن طالبان طالما كان ترغب فى الاعتراف الدولى، والآن وبعد أن استعادت السيطرة على أفغانستان، فإن المكانة على المسرح العالمى ستصبح مفتاحا للبقاء الاقتصادى للبلد. ويمكن أن تجلب الولايات المتحدة طالبان لطاولة المفاوضات لتقديم تحفيف من العقوبات الاقتصادية مقابل حماية حقوق الأقليات والنساء ومنع الجماعات الإرهابية مثل القاعدة من إعادة بناء قاعدة فى أفغانستان أو تجديد جهود تمويل الإرهاب.
لكن الطريقة الرئيسية التى تتبعها وزارة الخزانة الأمريكية لتطبيق هذه القيود هى النظام المالى العالمى، ولا تزال أفغانستان فى الغالب خارج هذا النظام، وتعتمد بدلا من ذلك على الدولارات الأمريكية ونظام الحوالة.
ويقول أليكس زيردين، الذى كان ملحقا بوزارة الخزانة الأمريكية فى كابول فى عامى 2018 و 2019، إن النظام المصرفى هش، وأضاف أن النظام المالى الرسمى جزء صغير جدا من الاقتصاد فى أفغانستان، موضحا أن الحوالة مهمة سياسيا واقتصاديا للبلاد، لكن تأثير العقويات يمكن أن يكون محدودا.
ويعرب زيدرين عن شعوره بالقلق من أن المكاسب التى حققتها الولايات المتحدة لتنظيم صناعة الحوالة سيتم إلغائها ، موضحا أن هذا الأمر قد يكون له تداعيات خطيرة فى تمويل الإرهاب وغسيل الأموال فى البلد والمنطقة الأوسع.
وتقول بلومبرج إنه على الرغم من محاولات أمريكا على مدار 20 عاما لتعزيز الاقتصاد الافغانى والقطاع المصرفى، إلا أنه إلى حد كبير فى حالة بدائية. فحوالى 74% من سكان البلاد يعيشون فى مناطق قروية، بينما تقع أغلبية بنوكها فى ثلاث مدن كبرى، وفقا لبيانات البنك الدولى. ولا تُقبل العملة الأفغانية، الأفغانى، فى التجارة عبر الحدود، ومن ثم فإن الاقتصاد يعتمد على الدولار الأمريكى وصناعة الحوالة.
من ناحية أخرى، حذر الرئيس السابق للبنك المركزى الأفغانى من أن الشعب يواجه آفاقا مالية قاتمة محذرا من أن النقص الحاد فى الدولارات وارتفاع التضخم سيغذى تدفق المهاجرين إلى خارج البلاد.
وقال أجمل أحمدى، الذى فر من كابول يوم الأحد لصحيفة فاينانشيال تايمز إن أفغانستان كانت تعتمد على الشحنات السائبة من احتياطى الدولار من الولايات المتحدة، وأصبحت الآن تعانى من نقص سريع، مما أدى إلى احتمال ارتتفاع أسعار المواد الغذائية وضوابط رأس المال.
وقال أحمدى فى تصريحات لصحيفة فاينانشيال تايمز إنه لو كان الناس يعتقدون أن الأمر سىء لكنه انتهى، فهو يرى أنهم يقللون من التأثير.. فقد أنهوا المرحلة العسكرية، وستبدأ المرحلة الاقتصادية من التأثير.
وأوضح أحمدى أن الاقتصاد الأفغانى لديه عجز تجارة كبير ويعتمد على الإنفاق العسكرى والمساعدات الأجنبية والوصل إلى 9 مليار دولار من احتياطى العملة، وكل هذه الموارد من التمويل تم إخمادها أو فى طريقها للنضوب، مضيفا أن مستويات المعيشة ستنخفض الآن بشكل كبير.