سعيد الشحات يكتب:ذات يوم..22أغسطس 1962الجامعة العربية تجتمع فى «شتورا» اللبنانية لبحث شكوى الحكومة السورية ضد عبدالناصر.. والقاهرة تفاجئ الاجتماع بوزير سورى سابق رئيسا لوفدها

الأحد، 22 أغسطس 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب:ذات يوم..22أغسطس 1962الجامعة العربية تجتمع فى «شتورا» اللبنانية لبحث شكوى الحكومة السورية ضد عبدالناصر.. والقاهرة تفاجئ الاجتماع بوزير سورى سابق رئيسا لوفدها  عبد الخالق حسونة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قررت الحكومة السورية تقديم شكوى إلى الجامعة العربية، احتجاجا على خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، فى الإسكندرية، احتفالا بالذكرى العاشرة لثورة 23 يوليو 1952، فتفجرت أزمة كبيرة شهدت مفاجآت غير متوقعة كان من بينها ما حدث يوم 22 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1962، ويذكر تفاصيلها الدكتور أحمد صلاح الملا فى دراسته «اجتماع شتورا.. أغسطس 1962.. صفحة من تاريخ العلاقات المصرية السورية».
 
كان خطاب عبدالناصر، بعد أقل من عام على الانقلاب فى سوريا على الوحدة مع مصر يوم 28 سبتمبر 1961، بعد ثلاثة أعوام من قيامها وتوحيد البلدين باسم «الجمهورية العربية المتحدة»، واعتبار مصر إقليما جنوبيا وسوريا إقليما شماليا، وفى يوم 26 يوليو 1962، قال عبدالناصر فى خطابه فى ذكرى الاحتفالات بأعياد الثورة وتأميم قناة السويس: «إننا اليوم أيها الأخوة، ونحن نحتفل بأعيادنا ننظر إلى الشعب السورى فى الإقليم الشمالى من الجمهورية العربية المتحدة، ونقول إننا لم نتأثر بهذه النكسة «الانفصال»، إننا معك أيها الشعب العربى المكافح.. إننا مع الشعب السورى المكافح بكل قطرة من دمنا، وسنتحالف مع الشعب السورى للقضاء على الرجعية والقضاء على الاستعمار، والقضاء على الانتهازية، والقضاء على أعوان الاستعمار».
 
يذكر «الملا» أن هذا الخطاب أثار غضب الحكومة السورية المنهكة، فاجتمعت فى اليوم التالى للخطاب، وقررت بالإجماع تقديم شكوى مستعجلة لمجلس الجامعة العربية، بسبب إصرار عبدالناصر على تسمية سوريا «لإقليم الشمالى»، وهو ما يعنى أنه لا يزال يعتبرها واقعة تحت سلطته، ويشكل إهدارا للكيان السورى المستقل، وفى يوم 28 يوليو 1962، دعت حكومة سوريا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية فى أى بلد عربى خارج مصر، لدراسة شكواها من «التدخل المفضوح» الذى يمارسه الرئيس جمال عبدالناصر، فى الشؤون الداخلية السورية.
 
يؤكد «الملا» أن أمين عام الجامعة العربية عبدالخالق حسونة بذل جهدا لحصر الخلاف وديا، فسافر إلى دمشق وتباحث مع المسؤولين السوريين، ثم اجتمع مع المسؤولين فى القاهرة، وطرح إمكانية عقد اجتماع ثنائى بين الجانبين فى بيروت خارج نطاق الجامعة العربية، لكن رفض الجانبان، وبعد ذلك ظهرت مشكلة مكان الاجتماع، وتحفظت لبنان على عقده عندها، كما تحفظت سوريا لأنها كانت ترى أن سياسات الرئيس اللبنانى فؤاد شهاب، تتناغم مع توجهات عبدالناصر، كما رفضت تونس وليبيا عقد الاجتماع على أراضيهما.
 
عاد «حسونة» للضغط على اللبنانيين لقبول استضافة الاجتماع، وفى النهاية قبلت وتم التوافق على موعد 22 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1962 فى أحد فنادق مدينة «شتورا» اللبنانية الحدودية مع سوريا، وغضبت الحكومة السورية لاختيار «شتورا» باعتبارها مدينة حدودية بعيدة عن مركز التأثير العام، واتهمت وزير خارجية لبنان «فيليب تقلا» بالتواطؤ مع سفير مصر فى بيروت، عبدالحميد غالب، لإجهاض الاجتماع، وحصر تأثيره وتقليل الدعاية المتاحة له.
 
يذكر «الملا» أن القاهرة احتفظت بتشكيل وفدها إلى الاجتماع سرا حتى اللحظة الأخيرة، وكان هذا مقصود حتى يحدث ظهوره عند بداية الاجتماع الأثر النفسى المطلوب، وكانت المفاجأة أن هذا الوفد كان على رأسه وزير الشؤون الاجتماعية فى عهد الوحدة «أكرم ديرى» ومعه «جادو عز الدين» وزير الشؤون البلدية والقروية فى عهد الوحدة أيضًا، وهما سوريان، كما ضم الوفد أيضًا السوريين «طلعت صدقى» مدير الشؤون العربية بوزارة الخارجية فى دولة الوحدة، وتوفيق حسن مدير إذاعة حلب السابق الذى رافق الوفد متحدثًا باسمه، وكانت هذه العناصر تعيش فى القاهرة منذ الانفصال.
 
يرى «الملا» أن هذا التشكيل كان ضربة سياسة محسوبة، فهو من ناحية يؤكد مصداقية الطرح القومى والزعامة القومية لعبدالناصر، كما يمثل ضغطا على الوفد السورى حين يجد فى مواجهته فى قاعة الاجتماع سوريين مثله، وهو ما يشرخ شرعية الحكومة السورية، ويتحدى تمثيلها لشعبها، ومنذ اللحظة الأولى بدأ وفد الجمهورية العربية المتحدة «مصر»، خاصة كوادره السورية فى مخاطبة الشعب السورى واستنفاره ضد الحكم الانفصالى، فصرح أكرم ديرى بمجرد وصول الوفد إلى مطار بيروت بأنه «لا يمكن أن يبقى الشعب السورى بمعزل عن حقيقة ما يدور فى بلاده ضد العناصر الوطنية والقومية، وما تحكيه الرجعية والانتهازية من مؤامرات هدفها القضاء على المكاسب التى حققها الشعب السورى بإرادته، بينما عبر نائب رئيس الوفد السورى الدكتور أسعد محاسن عن امتعاضه من أسلوب تشكيل وفد مصر، ووصف اشتماله على شخصيات سورية بأنه إحدى «مسرحيات عبدالناصر الهزلية».
 
فى الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح 22 أغسطس 1962 بدأت الجلسة الأولى للاجتماع، وتواصلت جلساته يوميا حتى يوم 28 أغسطس 1962.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة