بدأ اليوم الأسبوع الخامس منذ تسمية رئيس وزراء لبنان المكلف نجيب ميقاتى لتشكيل الحكومة الجديدة بعد استشارات نيابية ملزمة فى السادس والعشرين من شهر يوليو الماضى، والتى حصل خلالها على أغلبية أصوات النواب بإجمالى 72 صوتا مقابل 42 امتنعوا عن التصويت وصوت واحد لرئيس الوزراء الأسبق تمام سلام من بين 115 نائبا شاركوا في الاستشارات.
وشهدت الأسابيع الأربع الماضية 12 لقاءً بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي للتشاور في التشكيلة الحكومية التي يفرض الدستور أن تتم بالتعاون بين الرئيسين، إذ لا يستطيع طرف أن يفرضها على الآخر، كما لا بد أن تحظى بالثقة من مجلس النواب الذي يضم في عضوية 117 نائبا موزعين على 12 كتلة نيابية بالإضافة إلى 9 مستقلين.
واستهل نجيب ميقاتي مهمة التأليف بالتأكيد على أن أولويته تنفيذ المبادرة الفرنسية لمصلحة لبنان ولمصلحة الاقتصاد اللبناني، مشددا على أنه لم يكن ليقبل هذه المهمة لو لم يكن لديه الضمانات الخارجية المطلوبة لمواجهة الأزمات اللبنانية.
وأكد ميقاتي في خطاب التكليف من قصر الرئاسة ببعبدا في السادس والعشرين من الشهر الماضي أنه لا يملك عصا سحرية لحل الأزمات التي تواجه لبنان في الوقت الحالي، مؤكدا أن البلاد بحالة صعبة جدا، ومشددا على أنه مهمته صعبة ولن تنجح إلا بتضافر جهود اللبنانيين جميعا بلا مهاترات ولا مناكفات ولا اتهامات.
كان ميقاتي يعلم أن مهمة التفاوض ليست سهلة ويعلم أيضا أن اللبنانيين يعانون من فراغ تفاقمت معه كل الأزمات، فأخذ على عاتقه أن ينجز المهمة في أسرع وقت، واعدا بزيارة الرئيس اللبناني يوميا لحين تشكيل الحكومة لإنقاذ البلاد من فراغ حكومي دام لقرابة عام، وخصوصا بعد خيبة الأمل التي شعر بها اللبنانيون عقب اعتذار رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري عن تكليفه بتشكيل الحكومة لوصول المفاوضات بينه وبين رئيس الجمهورية إلى طريق مسدود عقب 9 أشهر من الآمال.
وفي اليوم التالي للتكليف، أجرى ميقاتي الاستشارات النيابية غير الملزمة، ثم توجه مباشرة إلى قصر الرئاسة ليطلع الرئيس عون على تفاصيلها، وقال ميقاتي عقب لقائه الثاني مع عون بعد التكليف إنهما تحدثا في بعض التفاصيل والآراء متطابقة بنسبة كبيرة جدا، مشيرا إلى أنه سيعقد اجتماعات متتالية خلال الأيام القادم، قائلا: "بإذن الله ستكون لدينا حكومة قريبا".
وفي اليوم الثالث للتكليف، رفع ميقاتي الأمل لدى اللبنانيين إلى أقصى الدرجات حتى أن العملة المحلية استردت أكثر من 20% من قيمة سعر صرفها أمام الدولار في السوق، وخصوصا بعدما أكد أنه لمس قبولا من جانب الرئيس اللبناني ميشال عون حول مقترحاته لتشكيل الحكومة بعد لقائها الثالث.
بلغ الأمل ذروته في تشكيل حكومة قبل الذكرى الأولى لكارثة انفجار ميناء بيروت البحري، حيث أكد ميقاتي عقب اجتماعه لليوم الرابع على التوالي مع الرئيس اللبناني أن هناك تقدما بمسار التشاور وسط أجواء إيجابية، إلا أن الصدمة الأولى للبنانيين والمجتمع الدولي المترقب للحكومة الجديدة كانت في الثاني من أغسطس الجاري حين خرج ميقاتي من لقائه الخامس مع عون محبطا ووجه كلمة أكد خلالها أن هناك بطئًا في تشكيل الحكومة، معتبرا أن المهملة التي وضعها للاعتذار ليست مفتوحة دون أن يحددها، في إشارة واضحة إلى أنه لن يتحمل ما تحمله سلفه سعد الحريري الذي استمر 9 أشهر قبل الاعتذار ومن قبله السفير مصطفى أديب الذي استغرق قرابة 27 يوما للاعتذار.
جاءت تصريحات ميقاتي غير المتفائلة قبل 48 ساعة من انعقاد مؤتمر دولي لدعم الشعب اللبناني والذي تزامن مع إحياء الذكرى الأولى لانفجار ميناء بيروت البحري، مما كان له انعاكاسات على الفعاليتين.
في السادس من أغسطس الجاري، استأنف عون وميتقاتي لقاءاتهما المباشرة في لقاء هو السادس أعلن بعده ميقاتي أن هناك تقدما في مشاورات تشكيل الحكومة ولا نية للاعتذار، ثم توالت اللقاءات السابع والثامن والتاسع والتي تراوحت فيها تصريحات ميقاتي بين الإيجابية وعدم الارتياح حيث أكد في أحدها أن عملية التأليف أصبحت في خواتيمها وفي الآخر اعتبر أن أمور تشكيل الحكومة تسير في الطريق الصحيح، موضحا أنهما توصلا لمسودة يجري النقاش حولها، وفي اللقاء الأخير الذي كان في منصف الأسبوع الثالث اكتفى بالاعلان عن تأجيل المشاورات للأسبوع التالي، وفي نهاية الأسبوع الثالث، صرح رئيس الجمهورية قائلا إن طريق تشكيل الحكومة سالك، مشددا على أنه لن يتخلى عن مسئولياته.
بدأ الأسبوع الرابع لتكليف ميقاتي بلقاء أعلن بعده أن هناك محاولات لحل موضوعات عالقة في التشكيل، مشيرا إلى أنه لا موعد محدد للاعتذار، ثم عاود في اليوم التالي للقاء هو الحادي عشر بين الجانبين أعلن خلاله ميقاتي أن المفاوضات في الأمتار الأخيرة والحكومة تبصر النور قريبا، ورغم ارتفاع سقف التوقعات، إلا أن ميقاتي غاب في اليوم التالي عن اللقاء المعتاد بينه وبين رئيس الجمهورية وسط تكهنات تؤكد وجود خلافات عميقة بين الطرفين.
وفي اليوم الرابع من الأسبوع الرابع، أصدر عون وميقاتي بيانين متتاليين أولهما من الرئاسة اللبنانية التي أكدت فيه أنه لم يرد يوما في حساب الرئيس اللبناني ميشال عون المطالبة بالثلث المعطّل، كما شددت على حق رئيس الجمهورية وكذا رئيس الوزراء المكلف الاعتراض على أي من الأسماء المطروحه للتشكيل.
كما اعتبرت الرئاسة اللبنانية أن مطالب فرقاء سياسيين -دون أن تحددها- كانت تتزايد وتتبدّل يوماً بعد يوم، مما انعكس على تأخير الاتفاق على إصدار التشكيلة الحكومية.
وأوضحت الرئاسة اللبنانية أن رئيس الجمهورية لا يريد الدفع برئيس الحكومة المكلّف الى الاعتذار ولا التمهيد لذلك، معتبرة أن عون مصمّم على الاستمرار في التعاطي بانفتاح وتعاون وإيجابيّة مع الرئيس المكلّف، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي.
وفي المقابل، أصدر ميقاتي بيانا أكد فيه الاستمرار بمسعاه لتشكيل حكومة وفق الأسس المعروفة، مثمنا ما جاء ببيان رئيس الجمهورية ميشال عون.
وبعد البيانين اللذين صدرا الخميس الماضي، استأنف الجانبان لقاءاتهما مباشرة ضمن مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، وختما على أن يستكملا في اليوم التالي وهو ما لم يحدث ولو حتى عبر اتصال بين الجانبين.
زادت التكهنات حول وجود عقبات حول تسمية عدد من الوزارات التي تعرقل تشكيل الحكومة، وكثر الحديث في مطلع الأسبوع الخامس للتشكيل عن احتمالية الاعتذار رغم تمسك كثيرون بأمل التأليف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة