لم تؤثر قصيدة فى أجيال متعاقبة مثلما أثرت قصيدة البكاء بين يدى زرقاء اليمامة لارتباطها بالظرف السياسى الذى ظهرت فيه وهو هزيمة 67 فقد خرج ديوان البكاء بين يدى زرقاء اليمامة للشاعر الكبير الراحل أمل دنقل إلى النور عام 1969 أي بعد عامين من النكسة غير أن فرادة القصيدة جاءت من الرمزيات التاريخية التي حملتها وعلى رأسها زرقاء اليمامة التي تعد المثال الأكبر فى الدفاع عن قومها عبر نظرها الثاقب وإن انتهى ذلك كله بعدما كذبوا ما رؤيتها الأعداء فضاعت وضاعوا.
وقد صاحب ديوان البكاء بين زرقاء اليمامة وهو الديوان الأول لأمل دنقل اهتمام نقدى واسع بصاحب هذه القصائد التي تموج بالموهبة ورفض الهزيمة والرغبة في المقاومة، وهو ما حدا بعد ذلك بالنقاد إلى تسمية أمل دنقل شاعر الرفض.
وهنا مقطع من قصيدة البكاء بين يدى زرقاء اليمامة التي يقول فيها دنقل:
أيتها العرافة المقدَّسةْ
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ
أسأل يا زرقاءْ
عن فمكِ الياقوتِ عن نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة!
وقد ولد أمل دنقل لد عام 1940 بقرية القلعة، مركز قفط بمحافظة قنا في صعيد مصر، وتوفي في 21 مايو عام 1983 عن عمر 43 سنة بعد معاناة مع مرض السرطان وقد أرخ للحظات كفاحه أمام المرض في ديوانه الأخير أوراق الغرفة 8 بينما قال أحمد الشاعر عبد المعطى حجازى عن مرضه "إنه صراع بين متكافئين الشعر والمرض".
صدر لأمل دنقل 6 دواوين هي على الترتيب البكاء بين يدى زرقاء اليمامة، تعليق على ما حدث، مقتل القمر، العهد الآتي، أقوال جديدة عن حرب البسوس، وأوراق الغرفة 8.